العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

جاء خبر زيارة وزير الدفاع الأمريكى الجديد، جيمس ماتيس، إلى منطقة الشرق الأوسط، خلال الأسبوع الحالى، ليفتح المجال أمام العديد من المحللين، والخبراء لدراسة ما تحمله هذه الزيارة، فى هذا التوقيت، من معان ومفاهيم حول استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط، خاصة فى ظل تحديد دول معينة تشملها الزيارة وهى السعودية ومصر وإسرائيل، ثم إضافة دولتى قطر وجيبوتى لاحقاً، إلى جدول الأعمال

زيارة وزير الدفاع الأمريكى للمنطقة.. نظرة تحليلية
 

لواء د. سمير فرج

 20 إبريل 2017


التحليل الأولى للزيارة لا يظهر جديداً بالنسبة لإسرائيل، فقد كانت، ومازالت، وستظل الحليف الاستراتيجى الرئيسي، للولايات المتحدة الأمريكية، فى المنطقة وفقاً للثوابت الأمريكية. وبالنسبة للمملكة العربية السعودية، فإن الزيارة تأتى فى ظل الاتساق العام مع السياسة الخارجية الأمريكية، التى تعتبر السعودية محوراً مهما، بالنسبة لها، فى المنطقة، وإن كانت العلاقات الثنائية بين البلدين قد شهدت تقارباً وتباعداً فى الفترات السابقة. أما فيما يخص مصر، فإن تلك الزيارة تشير إلى تغير فى المفاهيم الاستراتيجية الأمريكية فى المنطقة، وعودة مصر لمكانتها الطبيعية، كأهم الركائز الاستراتيجية، للولايات المتحدة، فى تحركاتها السياسية والعسكرية فى المنطقة. وهو ما يمثل نهج الإدارة الجديدة لتدارك أخطاء الماضي، التى أدت إلى إخفاقات متتالية للسياسة الخارجية الأمريكية،بسبب محاولات تهميش دور مصر لعدة سنوات، من قبل الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة أوباما.

يتضح من هذه الزيارة أن مثلث الارتكاز الجديد، للسياسة الأمريكية فى الشرق الأوسط، يتكون من إسرائيل ومصر والسعودية، وخرجت تركيا وغيرها من تلك المعادلة، لأسباب عدة، يمكن تناولها، بشى من التفاصيل، فيما بعد. أما فيما يخص زيارة قطر، وفى ظل عدم زيارة أمير قطر للبيت الأبيض منذ تولى الرئيس ترامب مقاليد السلطة، فأرى أن الغرض منها هو إبلاغ رسالة محددة، وواضحة، للقيادة القطرية بضرورة الكف عن دعم الإرهاب فى المنطقة، بل والتعاون فى مهمة تجفيف منابعه، والقضاء عليه. وأتوقع أن تؤتى الزيارة نتائجها عاجلاً ليس آجلاً. فيما ترتبط زيارة وزير الدفاع الأمريكى إلى جيبوتي، بوجود قاعدتين عسكريتين بها، إحداهما أمريكية، والأخرى فرنسية، تعملان تحت مظلة حلف الناتو، ومكلفتان بتأمين الملاحة البحرية فى مضيق باب المندب، باعتباره الشريان الحيوى لتدفق الطاقة من الخليج إلى أوروبا.

وفى تحليل أكثر شمولاً لمحتوى الزيارة، فيُتوقع أن وزير الدفاع الأمريكي، قد حمل فى محطته الأولى إلى المملكة العربية السعودية ملفاً عن محاربة الإرهاب وسبل القضاء عليه فى المنطقة، خاصة العراق وسوريا واليمن، وكذا أسلوب التعاون العسكرى الأمريكى مع قوات التحالف العربية. أما الملف الثانى فيخص إيران، والدور المستقبلى للولايات المتحدة الأمريكية، بشأن الاتفاق النووى الذى وقعه الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما، متجاهلاً فيه آراء الحلفاء فى المنطقة. وفى المقابل، يُتوقع أن يكرر الجانب السعودي، نفس مطالبه السابقة من الرئيس أوباما، والتى لم ينفذ منها شيئاً، للأسف، وتتمحور حول إلزام إيران بوقف دعمها للإرهاب فى المنطقة، خاصة فى العراق وسوريا واليمن، واعترافها بأحقية الإمارات العربية المتحدة فى الجزر الثلاث المتنازع عليها، واعترافها بالحدود الحالية لدول مجلس التعاون الخليجي.

أما المحطة الثانية فى زيارة وزير الدفاع الأمريكي، فتبدأ اليوم فى القاهرة، ومن المتوقع أن يستحوذ ملف القضاء على الإرهاب، بمختلف أبعاده، على الجزء الأكبر منها، فى ظل وعود الرئيس الأمريكى الحالى بالتعاون بين واشنطن والقاهرة بشأنه. إذ أعلنت القاهرة، من قبل، عن طلبها الدعم المعلوماتى والاستخباراتى للقضاء على رؤوس الإرهاب فى مصر، وفى المنطقة. إضافة إلى تعبيرها عن ضرورة تخلى المملكة المتحدة عن إيوائها لقيادات جماعة الإخوان الإرهابية، وإتاحة حرية انتقال أموالهم، لتمويل العمليات الإرهابية فى منطقة الشرق الأوسط. ويأتى الملف الليبى على رأس اهتمامات الإدارة المصرية، وهو ما دفع مصر لمطالبة الولايات المتحدة الأمريكية بتعزيز جهودها، وجهود المجتمع الدولي، لإيجاد حل دبلوماسى للوضع فى ليبيا، دون تدخل عسكري، إذ يمثل استقرارها استقراراً لمصر،باعتبارها الامتداد الغربي، وإحدى دوائر الأمن القومى المصري، كما يمثل صمام الأمان لدول أوروبا، على سواحل البحر الأبيض المتوسط، المقابلة لليبيا.

وفى ظل المتابعة المستمرة لنتائج زيارة الرئيس المصرى إلى البيت الأبيض، التى تمت فى مطلع الشهر الحالى، فمن المتوقع أن يتم التباحث بشأن بنود المعونة العسكرية الأمريكية لمصر، والتى تم استئنافها مؤخراً، بعد ما طالها من تجميد لنحو أربع سنوات متتالية فى عهد الرئيس السابق باراك أوباما، كجزء من سياسته المتعنته تجاه مصر، ووضع خطة زمنية لتنفيذ بنود الاتفاقات العسكرية، التى تمت مؤخراً بين الرئيسين المصرى والأمريكي. وكعادة تلك اللقاءات العسكرية، رفيعة المستوى، تُطرح العديد من المطالب الخاصة بتنفيذ خطة القضاء على الإرهاب. كما تُطرح عدة تساؤلات حول تأمين مضيق باب المندب، الذى تتولاه البحريتان الأمريكية والفرنسية، تحت مظلة حلف الناتو.

وتأتى ثالثة المحطات، فى مثلث الركائز الأمريكية فى الشرق الأوسط، بزيارة تل أبيب، والتى ستناقش ثلاثة ملفات مهمة، من شأنها تعزيز أمن إسرائيل، كهدف رئيسى للسياسة الخارجية الأمريكية فى المنطقة. الملف الأول خاص بالتعاون فى مكافحة الإرهاب. ويشمل الثانى الوضع فى سوريا... وأخيراً، الملف الإيراني، وما يمثله بالنسبة لإسرائيل، وهو ما يعد أكثر الموضوعات، الحالية،تعقيداً فى تاريخ العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية، وذلك منذ توقيع الرئيس السابق أوباما على الاتفاق النووى مع إيران.

عندما يزور، جيمس ماتيس، منطقة الشرق الأوسط، فهو ليس بغريبً عليها، ولا على أنظمتها، إذ شغل من قبل قائد القيادة المركزية الأمريكية (CentCom)، المسئولة عن العمليات والعلاقات العسكرية الأمريكية فى المنطقة المركزية، التى تشمل الشرق الأوسط، مما سيضمن له سهولة الحركة، اعتماداً على خلفيته السياسية والعسكرية فى المنطقة.

كانت تلك نظرة تحليلية، سريعة، حول زيارة وزير الدفاع الأمريكى الجديد، جيمس ماتيس، لمنطقة الشرق الأوسط، بعد تولى الرئيس دونالد ترامب السلطة. وسوف تكشف الأيام المقبلة مدى نجاح الاستراتيجية الأمريكية الجديدة فى الشرق الأوسط، باعتمادها على مصر والسعودية وإسرائيل، والتى تكون أهم محددات نجاحها هو القضاء على الإرهاب فى المنطقة، كما وعد الرئيس ترامب خلال حملته الانتخابية، وأكد عليه عند توليه السلطة.



Email: sfarag.media@outlook.com