العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

هذه الزيارة هى أولى الزيارات الخارجية للرئيس الأمريكي، بعد توليه السلطة بأشهر قليلة، ويقرر أن الزيارة للشرق الأوسط، فلذلك دلائل كثيرة، تدعو للتفاؤل، منها أن المنطقة تتصدر أولويات السياسة الخارجية الأمريكية

الرئيس ترامب فى الشرق الأوسط ... نظرة تحليلية
 

لواء د. سمير فرج

 20 مايو 2017


فجأة ... وبعد القليل من الأحاديث المتناثرة، أخيراً، أكد البيت الأبيض فى بيان رسمى له، أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، سيزور منطقة الشرق الأوسط ... معلناً أن الزيارة ستشمل كلا من المملكة العربية السعودية، وإسرائيل، ثم المقر البابوى بالفاتيكان فى روما.

وعندما أقول فجأة، فأنا أقولها لعدة أسباب، فهذه الزيارة هى أولى الزيارات الخارجية للرئيس الأمريكي، بعد توليه السلطة بأشهر قليلة، ويقرر أن الزيارة للشرق الأوسط، فلذلك دلائل كثيرة، تدعو للتفاؤل، منها أن المنطقة تتصدر أولويات السياسة الخارجية الأمريكية، قبل باقى مناطق الصراع الأخرى، فى العالم مثل شبه جزيرة القرم، وكوريا الشمالية، والأمن الأوروبي، وغيرها ... ومن هنا جاءت أهمية تحليل هذه الزيارة، لما تمثله من أهمية، وما لها من أهداف.

فى تقديرى الشخصي، ان اختيار ترامب، لمنطقة الشرق الأوسط، لتكون أولى محطاته الخارجية، يعكس ذكاء، وتوجهاً جديداً للسياسة الأمريكية، متمثلاً فى أول أهدافه، التى صرح بها أثناء حملته الانتخابية، وعند وصوله للحكم، وهو القضاء على الإرهاب، فتأتى زيارته الأولى إلى عقر دار الإرهاب فى العالم. فضلاً عما يعكسه اختياره، لمحطات هذه الزيارة، من رغبة فى الظهور بصورة الرجل المتسامح، والحاضن لجميع الديانات السماوية.

وبالرغم من أن زيارة إسرائيل تعد تقليداً، يحرص عليه جميع الزعماء الأمريكيين، باعتبارها الحليف الرئيسى والاستراتيجى فى المنطقة، إلا أنها تأتى هذه المرة فى ظل الأنباء المترددة، حالياً، من كواليس البيت الأبيض، عقب استقباله للرئيس الفلسطينى محمود عباس أبو مازن، عن نية ترامب لعقد اجتماع فى واشنطن، فى صيف هذا العام، فى شهر أغسطس تقريباً، لحل المشكلة الفلسطينية-الإسرائيلية، آملاً أن يُسجّل هذا السبق، فى التاريخ، باسمه، بنجاحه فيما لم يوفق فيه جميع سابقيه لعقود متتالية.

كما تأتى أهمية التباحث حول الملف الإيراني، كثالث الأهداف المتوقعة لتلك الزيارة، لما يمثله من توتر بالنسبة لدول الخليج العربى وإسرائيل، بسبب امتلاكها للسلاح النووي، والقلق من نفوذها بعد الاتفاق النووي، الذى وقع فى عهد الرئيس الأمريكى السابق، باراك أوباما، قبيل شهور قليلة من مغادرته للبيت الأبيض، وما أدى إليه، هذا الاتفاق، من مشاكل سياسية فى المنطقة، اتضحت فى تعالى نبرة التصريحات المتبادلة بين ولى ولى العهد السعودي، والمسئولين الإيرانيين، خلال الأسابيع القليلة الماضية.

وقد يتبادر سؤال، إلى أذهان البعض، عن سبب اختيار المملكة العربية السعودية لتكون أولى محطات زيارة الشرق الأوسط، وليس القاهرة؟

وهو ما يرجع، فى رأيي، لعدة أسباب، أولها أن الرئيس ترامب لم يلتق بعد، العاهل السعودي، فتأتى هذه الزيارة، كفرصة مهمة لاستعراض أفكار وآراء الزعيمين، فيما يخص المنطقة، والتباحث حولها، لما للمملكة من ثقل سياسى فى المنطقة. خاصة وأن الرئيسين ترامب والسيسى قد التقيا، بالفعل، فى مطلع الشهر الماضي، وظهر تطابق وتكامل بين أفكارهما، تجلى ذلك، فى زيارة وزير الدفاع الأمريكي، بعدها بأيام قليلة، إلى مصر، وعدد من دول المنطقة، لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه فى واشنطن، فضلاً عن موافقة الكونجرس، هذا الأسبوع، على استئناف المعونة العسكرية الأمريكية لمصر، بنفس الحجم، 1.3 مليار دولار، وبنفس الشروط التى كان أوباما قد عطلها، من قبل، لمدة أربع سنوات متتالية. علماً بأن هذه الموافقة قد جاءت فى ظل العديد من التكهنات بتقليص حجم المعونة العسكرية لمصر، توافقاً مع السياسة الجديدة للرئيس ترامب، بخفض حجم الإنفاق الخارجي.

أما ثانى أسباب اختيار المملكة العربية السعودية، كوجهة أولى للزيارة، هو ارتكاز الإرهاب على مفاهيم وشعارات دينية؛ فاختار ترامب «بلد الحرمين» كما وصفها فى إعلان زيارته لها، ليوجه منها كلمته، من دار الإسلام المحافظ، إلى الإسلام السياسى المتطرف، الذى يهدد الأمن القومى السعودي، خاصة فى سوريا واليمن والعراق، إضافة إلى الإرهاب فى ليبيا، وما له من تهديدات مباشرة على الأمن القومى المصري.

وتأتى الأزمة السورية وأهمية القضاء على الإرهاب بها، كسبب آخر لزيارة ترامب للرياض، ففى حين أعلنت مصر، بوضوح، عن موقفها من المشكلة السورية، بحق الشعب السورى فى تقرير مصيره، فإن المملكة العربية السعودية تبذل فيها جهداً كبيراً؛ سياسياً، ومالياً، وإعلامياً، وعسكرياً، وهو ما يتطلب ضرورة التباحث لأجل إيجاد صيغة مناسبة للتوصل لحل بشأن تلك الأزمة.

وكما سبق وذكرت، فإن الملف الإيراني، وما يسببه من تهديد لأمن واستقرار المملكة العربية السعودية، كان سبباً رابعاً لزيارة الرياض. ومن وجهة نظري، فإن الأمن القومى السعودى سيكون تهديده الرئيسي، فى المستقبل القريب ... وليس البعيد ... هو امتلاك إيران لسلاح نووي، خاصة بعد الطامة الكبرى، عند توقيع أوباما على اتفاقه الشهير ... الاتفاق النووى الأمريكي-الإيرانى ... الذى قوض به كل أركان أمن دول مجلس التعاون الخليجي، متجاهلاً خلاله طلبات زعماء دول مجلس التعاون الخليجي، بإدراج بنود فى الاتفاق، من شأنها الحفاظ على الحقوق العربية، كان منها إلزام إيران بالتوقف كلياً ونهائياً عن دعمها للإرهاب فى المنطقة بمختلف الوسائل، واعترافها بأحقية وسيادة الإمارات العربية المتحدة على الجزر الثلاث المتنازع عليها، وكذلك اعتراف إيران، صراحة، بالحدود السياسية الحالية لدول مجلس التعاون الخليجى ... وهو ما لم يتم ... للأسف ... وخرج الاتفاق خالياً من جميع المطالب العربية. مما دفع أوباما، فيما بعد، لتوجيه الدعوة لملوك ورؤساء وزعماء دول مجلس التعاون الخليجى للاجتماع فى كامب ديفيد، لطمأنتهم بأن الاتفاق، الذى تم توقيعه، لن يضر بمصالح تلك الدول أو بأمنها القومي. ولما لم يلب الدعوة، آنذاك، سوى اثنين من زعماء دول مجلس التعاون الخليجي، فقد اضطر أوباما إلى حضور واحدة من قمم المجلس، ليؤكد لزعمائه ضمان الولايات المتحدة الأمريكية لأمن دول المنطقة، بعد توقيع الاتفاق ... وهو ما لن يحدث، مادام ليس ملزماً، لأى جهة، بموجب اتفاق رسمي. ولنا فى الحاضر عبرة ... فامتلاك كوريا الشمالية لسلاح نووي، جعل منها وحشاً، تعجز الولايات المتحدة الأمريكية عن التصدى له بأى إجراءات حاسمة أو رادعة، خشية سوء العواقب.

ومن هنا تأتى أهمية التباحث مع العاهل السعودى بشأن هذا الملف، واستطلاع رأى زعماء دول مجلس التعاون الخليجى حوله، خاصة فى ظل تصريحات ترامب بنيته تعديل ومراجعة ذلك الاتفاق، أو حتى العمل على إلغائه إذا ما اقتضى الأمر.

وفى حين تعارض مصر وجود أسلحة نووية فى المنطقة، وتطالب بنزعها، إلا أنها تظل أقل القوى، فى المنطقة، تضرراً من امتلاك إيران لسلاح نووي، نظراً لوجود البحر الأحمر، كفاصل طبيعي، سيحد من أى تغلغل إيراني، فى المستقبل، نحو الغرب، وذلك وفقاً للمقاييس وأعراف الأمن القومى الدولية، والتى تقر بأن الحدود الطبيعية من شأنها منع أى امتداد فى نشر القوى الدولية لقواتها، ولاهتماماتها العسكرية.

أما خامس أسباب زيارة ترامب للسعودية، فيرتبط بتصريحاته اثناء حملته الانتخابية، إذ ركز، فى أكثر من مناسبة، على ضرورة تحمل دول الخليج لنصيبها المالى من خطة التأمين التى تنفذها القوات الأمريكية فى المنطقة، وضرورة أن تشارك بنصيب من ثرواتها وعوائدها البترولية لتغطية تكاليف ونفقات القوات الأمريكية، المنوط بها الدفاع عنها فى المنطقة ... وهو ما أقلق الأنظمة الخليجية، آنذاك، ودفع ولى ولى العهد السعودى لزيارة الولايات المتحدة الأمريكية ولقاء ترامب، للاطمئنان والتأكيد على استمرار دعم الولايات المتحدة فى تأمين دول المنطقة، خاصة أمام المد الإيراني. وهو ما كان سبباً للترتيب لعقد قمة خليجية-أمريكية فى الرياض، أثناء زيارة الرئيس الأمريكي، للتباحث مع قادة دول مجلس التعاون الخليجى فى هذا الشأن.

وهو ما يقودنا إلى السبب الأخير وراء اختياره للمملكة العربية السعودية كوجهة لزيارته، وهو ما يرجع إلى كونها أكبر وأقوى دول مجلس التعاون الخليجي، ومنها يمكنه دعوة باقى زعماء دول مجلس التعاون، للتشاور، وللتأكيد على وقوف الولايات المتحدة الأمريكية وراء أمن المنطقة عامة، ودول الخليج خاصة. وهنا ظهر ذكاء المخطط، لهذه الزيارة، إذ يتضمن برنامجها عقد قمة سعودية-أمريكية بين جلالة الملك سلمان والرئيس ترامب، تعقبها قمة خليجية-أمريكية بحضور قادة دول مجلس التعاون الخليجى والرئيس ترامب، إضافة إلى عقد قمة عربية إسلامية-أمريكية، تمت فيها دعوة قادة الدول العربية والإسلامية، للتباحث حول آليات التعاون فى مكافحة الإرهاب. وقد قبِل الرئيس عبد الفتاح السيسى دعوة العاهل السعودي، للمشاركة فى هذه القمة الموسعة، ليؤكد بذلك أن مصر والسعودية هما جناحا الأمة العربية، وأن التنسيق بينهما يتم على أعلى مستوى، بما يضمن رعاية مصالح الأمة العربية والإسلامية.

كان ذلك استعراضاً لأسباب زيارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، للمملكة العربية السعودية، وأهدافه من تلك الزيارة، فى حين تأتى زيارته لإسرائيل، كما سبق وأشرنا، فى إطارها التقليدى من ناحية، ومن ناحية أخرى فى ضوء ما تناولته بعض الأجهزة الإعلامية أخيراً، عن نيته لعقد مؤتمر عام فى شهر أغسطس من هذا العام، لوضع حل نهائى لمشكلة الشرق الأوسط الأزلية، الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. وقد أذيع، بالفعل، عدد من الأخبار، عن عقد لقاءات بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلي، بحضور ورعاية الخبراء والمسئولين الأمريكيين، للتباحث حول المعضلات الخمس الأساسية فى الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، لضمان استئناف المفاوضات، والمتمثلة فى إنشاء دولة فلسطينية كاملة السيادة، فى حين تطالب إسرائيل بأن تكون هذه الدولة منزوعة السلاح، وأن تحق لها مراقبة مجالها الجوي، وحدودها الخارجية. ثانياً انسحاب إسرائيل إلى حدود ما قبل يونيو 67، وهدم المستوطنات من أجل ترسيم الحدود الفلسطينية، وهو ما ترفضه إسرائيل، من أن يكون انسحابها إلى ما قبل 5 يونيو 67. والمعضلة الثالثة وهى انسحاب إسرائيل من القدس الشرقية واعتبارها، عاصمة الدولة الفلسطينية، فى حين تصر إسرائيل على عدم تقسيم القدس، واعتبارها، بأكملها، عاصمة للكيان الإسرائيلي. كما تعارض إسرائيل وبشدة المطلب الفلسطينى بالإقرار بحق عودة اللاجئين، وعددهم أكثر من 4 ملايين فلسطيني، إلى أراضيهم التى طردوا منها أو نزحوا عنها، إلا أنها توافق على عودتهم للاستقرار فى «الدولة الفلسطينية المستقبلية». وأخيراً الاتفاق على موارد المياه، إذ تتحكم إسرائيل فى نحو 80% من المياه الجوفية فى الضفة الغربية، بينما تطالب فلسطين بتقسيم عادل للموارد المائية، بما يأخذ فى الاعتبار احتياجات الشعب الفلسطيني، وتقديرات الزيادة فى أعداده.

وفى هذا الإطار، جاء إعلان حماس، منذ عدة أيام، على لسان رئيس مكتبها السياسي، خالد مشعل، من الدوحة، عن التزام حماس بحل الدولتين فى إطار حدود ما قبل الخامس من يونيو 1967، وهو ما أظن أنه جاء بضغط من الإدارة الأمريكية، من خلال قطر، كما يفسر زيارة وزير الدفاع الأمريكى الأسبق إلى قطر. وهو ما وجدت فيه منظمة حماس فرصة للعودة، مرة أخرى، إلى حضن الحل الفلسطيني، بديلاً عن العزلة عن أى حل مستقبلي، بما يضمن لها الاستمرار ككيان رسمي، له حق المشاركة السياسية.

وكما سبق أن ذكرت، فإن إسرائيل ليست بمعزل عن التهديدات الإيرانية، بل يعد الملف الإيرانى على رأس أولويات أمنها القومي، رغبة منها فى الاستئثار بكونها القوة النووية الوحيدة فى المنطقة، وعدم تقاسم هذه القوة مع أى دولة أخرى، حتى لا يتحول الأمر لما آلت إليه الأمور فى شبه القارة الهندية بين الهند وباكستان، أو ما يحدث بين الكوريتين، وهو ما دفعها فى الأعوام الماضية للإقدام على توجيه ضربة عسكرية للمفاعل النووى الإيرانى فى بوشهر، إلا أن الرئيس الأمريكى السابق، باراك أوباما، لم يوافق على القيام بتلك الضربة. ومن الجدير بالذكر، أن الأمر سيزداد تعقيداً، خاصة بعد صفقة الصواريخ الروسية SS300، التى أبرمتها إيران، لتصبح بنهاية هذا العام، مؤمنة تماماً ضد أى ضربات جوية أو صاروخية من الخارج، ضد منشآتها النووية. وهو ما يدعو الرئيس الأمريكى الحالي، للتباحث، حول مفرادات المشكلة الإيرانية، مع الجانب الإسرائيلي، فى محاولة منه للاقتراب من المشكلة باستراتيجية مختلفة عن الرئيس الأمريكى السابق.

ثم يأتى التباحث مع الجانب الإسرائيلى حول آليات التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية فى خطتها للقضاء على الإرهاب فى المنطقة، خاصة فى سوريا والعراق. ومما لا شك فيه أن ترامب سيسند لإسرائيل دوراً مهماً فى خطته للقضاء على الإرهاب. وفى نهاية زيارته لإسرائيل، سيتم التأكيد على الثوابت الثلاثة فى السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل، وهى أن أمريكا تعتبر إسرائيل حليفها الأساسى فى المنطقة، فضلاً عن ضمانها لأمن وسلام إسرائيل فى المنطقة، وأخيراً ضمان أمريكا تفوق إسرائيل العسكري؛ نوعاً وكماً، على جميع الدول العربية فى المنطقة.

وقبل مغادرته لمنطقة الشرق الأوسط، سيلتقى الرئيس الأمريكى الرئيس الفلسطيني، محمود عباس أبو مازن، تلبية لدعوته لزيارة الأراضى الفلسطينية، وهو ما آراه أهم محطات الرئيس ترامب كرئيس للولايات المتحدة، إذ تعكس هذه الزيارة توجهات وسياسات إدارته فى الالتزام بإيجاد حل للمشكلة الفلسطينية، فى شهر أغسطس القادم، كما أشارت التصريحات من قبل. فضلاً عما تعكسه هذه الزيارة من تقدير للدولة الفلسطينية ولحق الشعب الفلسطينى فى الاستقرار فى دولة مستقلة ذات سيادة كاملة.

وختاماً، يلتقى الرئيس الأمريكى البابا فرانسيس فى المقر البابوى بالفاتيكان فى روما .. فبعد زيارته لبلد الحرمين الشريفين، قبلة المسلمين من جميع أرجاء الأرض، يختتم زيارته بلقاء رأس الكنيسة الكاثوليكية حول العالم، ليظهر أمام العالم كله بأنه رجل التسامح الدينى .. الإسلامى والمسيحى واليهودي. فيا لها من زيارة تاريخية يستهل بها جولاته الخارجية، شاملة الأبعاد السياسية، والتاريخية والدينية، لأهم بقع الصراعات فى العالم، ليؤكد أن أمريكا مازالت لها اليد الطولى فى أحداث العالم المتغير.

أما من ناحية مصر، ففى تحليلى الشخصي، إن هذه الزيارة تصب فى مصلحة مصر، التى هى جزء أصيل من مصالح المنطقة. فالقضاء على الإرهاب لا يصب فى صالح دولة بعينها، وإنما فى صالح المنطقة بأكملها، وهو ما أكدت عليه الإدارة المصرية مراراً، كما طالبت المجتمع الدولى بضرورة تحمل مسئولياته نحو العمل على القضاء على الإرهاب، والتكاتف لتجفيف منابعه، بعدما كشر عن أنيابه فى جميع دول العالم، لينهش فى استقرارها وأمنها. وقد بدأت أولى تلك البشائر، بإعلان حركة حماس، فى ذات المؤتمر الذى عقده رئيس مكتبها السياسي، فى العاصمة القطرية الدوحة، منذ عدة أيام، إذ أعلن عدم ارتباط الحركة بأى امتدادات إقليمية أو دولية، فى إشارة منه إلى جماعة الإخوان، فى محاولة، من الحركة، للتقرب إلى بعض الدول العربية، خاصة تلك التى صنفت جماعة الاخوان كمنظمة إرهابية، مثل مصر، والإمارات العربية المتحدة.

ولكل من يرى دلالات سلبية لعدم إدراج زيارة مصر على جدول الرئيس الأمريكى خلال جولته بالمنطقة، لهؤلاء أقول، ان برنامج الزيارة، من وجهة النظر الأمريكية، يتوافق تماماً مع المصالح والرؤى الاستراتيجية الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط ... أما من وجهة النظر المصرية، فقد حققت، مصر، أهدافها من خلال زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى البيت الأبيض فى أوائل شهر أبريل الماضى .. فجاءت زيارة وزير الدفاع الأمريكى إلى المنطقة، بعد أسبوع واحد من عودة الرئيس السيسى من واشنطن، خير دليل على تقدير الرئيس الأمريكى لأهمية دور مصر فى المنطقة، إذ هدفت زيارة وزير الدفاع إلى تنفيذ كل ما تم الاتفاق عليه بين الرئيسين أثناء اجتماعاتهما فى الولايات المتحدة الأمريكية.

فجاءت موافقة الكونجرس، أخيراً، على استمرار حجم المعونة العسكرية الأمريكية إلى مصر، واستئنافها بنفس الشروط الأصلية، المنصوص عليها فى معاهدة السلام، لتتوج نجاح القمة بين الرئيسين المصرى والأمريكي.

وفى النهاية، فإن مصر تتطلع إلى أن تحقق زيارة الرئيس ترامب أهدافها، لما فى نجاحها من ضمان لامتداد الأمن والاستقرار إلى جميع أطرافها، ولمنطقة الشرق الأوسط ككل، خاصة فى مجال القضاء على الإرهاب، وفيما يخص القضية الفلسطينية، إذ تأمل مصر فى التوصل إلى حل عادل وشامل بشأنها، على يد الرئيس ترامب .. وفى ضوء كل هذه المعطيات تبدأ مصر مرحلة جديدة، هدفها المزيد من البناء والتنمية لصالح شعبها العظيم.



Email: sfarag.media@outlook.com