العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

أما الطائرة الرابعة فتمكن ركابها من السيطرة عليها، وهبطت فى أراضى بنسلفانيا، لينتج عن تلك الهجمات مقتل 2973 شخصا، وفقدان 324 آخرين، إضافة لآلاف الجرحى والمصابين.

أمريكا والقضاء على زعماء داعش والقاعدة (2)
 

لواء د. سمير فرج

 26 مايو 2022


تناولت فى عدد سابق، فى أواخر شهر فبراير الماضى، قيام الولايات المتحدة بعمليات عسكرية للقضاء على زعماء تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام (داعش)، وآخرهم أبو إبراهيم الهاشمى القرشى، الذى تم القضاء عليه خلال عملية مفاجئة فى شمال غرب سوريا، بالقرب من الحدود التركية، ليخرج، بعدها، الرئيس الأمريكى جو بايدن، ليعلن بنفسه، على شاشات التليفزيون، تمام القضاء على زعيم داعش، بمعرفة القوات الأمريكية، فيما يعتبر العملية الأخيرة، من سلسلة العمليات الأمريكية ضد زعماء القاعدة وداعش.

كانت الحلقة الأولى، من تلك السلسلة، قد بدأت يوم قررت الولايات المتحدة القضاء على أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة، أخطر منظمة إرهابية، فى العصر الحديث، والتى كبدت الولايات المتحدة، ثانى أكبر خسائر فى تاريخها، عندما نفذت تفجيرات الخُبر ودار السلام ونيروبى، والهجوم على المدمرة الأمريكية يو إس إس كول، ثم نفذت، لاحقاً، الضربة القاضية فى هجمات الحادى عشر من سبتمبر، بواسطة 4 طائرات مدنية، تقودها 4 مجموعات تابعة لتنظيم القاعدة، نجحت اثنتان منها فى الاصطدام ببرجى مركز التجارة العالمى، فى نيويورك، بينما استهدفت الثالثة مقر وزارة الدفاع الأمريكية، البنتاجون.

أما الطائرة الرابعة فتمكن ركابها من السيطرة عليها، وهبطت فى أراضى بنسلفانيا، لينتج عن تلك الهجمات مقتل 2973 شخصا، وفقدان 324 آخرين، إضافة لآلاف الجرحى والمصابين.

بدأت قصة القضاء على بن لادن، يوم استدعاء الرئيس الأمريكى، أوباما، لرئيس الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA)، ليون باناتا، وتكليفه بالعثور على بن لادن، حياً أو ميتاً، فركز Panetta جهوده، منذ اليوم الأول، فى متابعة خيوط العثور على بن لادن، واتجهت الآراء، إلى ضرورة البحث عن السعاة المكلفين بنقل المعلومات، والأوامر، والخطط الإرهابية، من أسامة بن لادن، إلى أعضاء تنظيم القاعدة. وتوصل فريق العمل بوكالة الاستخبارات الأمريكية، إلى سجين سابق بمعتقل جوانتانامو، يقال له الكويتى، وقادتهم معلوماتهم إلى أنه أحد المراسلين المهمين. وبدأت متابعة العديد من أرقام الهواتف، للوصول إلى رقم الكويتى، وهو ما استلزم متابعة أكثر من مليون رقم على مدار عامين. وأخيراً، وفى عام 2010، تم رصد مكالمة بين رجل فى شمال غرب باكستان، مع آخر بمنطقة الخليج العربى.

وهنا بدأت متابعة هذا الرجل، الذى أطلق عليه وحش قندهار ... وبمتابعته ورصد تحركاته، تبين تكرار زياراته إلى مدينة أبوت أباد الباكستانية، حيث يتجه إلى مبنى منعزل هناك، يتكون من ثلاثة طوابق، وتحيطه أسوار عالية، وأعتُقد أنه هو مقر بن لادن، فاتصل Panetta، لأول مرة، بالرئيس أوباما، وأخبره أنهم يقتربون من بن لادن!.

وبالمراقبة، تبين أنه مجمع سكنى، يعيش فيه الكويتى وزوجته، وأخوه وزوجته، وشخصية مهمة، أخرى. وباستمرار المراقبة، تبين أن الشخصية المهمة، لا تخرج على الإطلاق، وتقتصر تحركاتها على المشى، لأوقات محدودة، داخل فناء المجمع. وبقياسات الطول التى التقطتها الأقمار الصناعية لتلك الشخصية، تأكد الأمل، بنسبة كبيرة، من أنه، بن لادن. ويروى Panetta أن القوات المنوط بها تنفيذ العملية، كانت قد تدربت لمدة 30 يوماً متواصلة، دون معرفة الهدف، الذى هو أسامة بن لادن، أو جيرونيمو، وهو الاسم الكودى الذى أطلق عليه فى هذه العملية.

تم تنفيذ العملية باستخدام 2 طائرة شينوك، تحمل على متنها 56 جنديا أمريكيا بالإضافة إلى طائرتى بلاك هوك، تحملان 24 فرداً، هم قوات الاقتحام، منهم فرد مترجم، وكلب يدعى كايرو. وبدأ اقتحام المبنى وفقاً للتدريبات السابقة ... وكان الكويتى وزوجته أول من قتلا فى الطابق الأسفل، تلاه قتل أخيه وزوجته فى الطابق الثانى، واندفعت القوات إلى الطابق الثالث، لتجد بن لادن، ليأكدوا للقيادة المركزية بأن جيرونيمو موجود، قبل أن يردوه قتيلاً برصاصة فى الرأس، ووصلت جثة بن لادن إلى حاملة الطائرات الأمريكية كارل فنسون، حيث تم إجراء تحليل الحامض النووى DNA، والذى تطابق مع أحد أقرباء بن لادن. ليخرج الرئيس أوباما، معلناً للشعب الأمريكى، خبر القضاء على بن لادن.

أما القضاء على أبو بكر البغدادى، أمير تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام (داعش)، فيرجع لإعلان الولايات المتحدة عن مكافأة قدرها 25 مليون دولار، لمن يتقدم بمعلومات، تؤدى إلى تحديد مكانه. بعدما أعلن أبو بكر البغدادى، فى 16 ديسمبر 2016، قيام الدولة الإسلامية، ونصب نفسه خليفة عليها. وفى يوم 29 أكتوبر 2019، شنت القوات الأمريكية غارة شمال غرب سوريا، أسفرت عن مقتل البغدادى. وبعدها أعلن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الخبر. وبعدها أعلن تنظيم الدولة تعيين أبو إبراهيم القرشى زعيماً، خلفاً للبغدادى، وكانت الولايات المتحدة قدأعلنت، من قبل، مقتل أبو مصعب الزرقاوى، فى بعقوبة، بالعراق،حينما قصفت منزله بطائرة مروحية أمريكية، وكان الزرقاوى هو الذى وضع نواة تنظيم داعش ليسير على نهجه بعد ذلك أبو بكر البغدادى.

وهكذا يظهر، تعاقب استهداف قادة داعش، بواسطة الجيش الأمريكى، بدءاً من أسامة بن لادن، زعيم القاعدة، ثم الزرقاوى، وبعده البغدادى، وخلفهم أبو إبراهيم الهاشمى ... ولاشك أن هذا المسلسل لن ينتهى، إذ ستبدأ الولايات المتحدة الأمريكية فى البحث عن زعيم داعش الجديد، الذى سيتم استهدافه مستقبلاً.



Email: sfarag.media@outlook.com