العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
سيف العدل المصرى قد أصبح رئيسًا لتنظيم القاعدة الإرهابى خلفًا لأيمن الظواهرى، الذى قامت القوات الأمريكية بتصفيته بطائرة مسيرة فى كابول بالعاصمة الأفغانية فى يوليو 2022.
|
إلى الساحة مرة أخرى؟
لواء د. سمير فرج
|
25 فبراير 2023
|
فجأة، أعلن المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، الأسبوع الماضى، أن سيف العدل المصرى قد أصبح رئيسًا لتنظيم القاعدة الإرهابى خلفًا لأيمن الظواهرى، الذى قامت القوات الأمريكية بتصفيته بطائرة مسيرة فى كابول بالعاصمة الأفغانية فى يوليو 2022. رغم نفى الحكومة الأفغانية هذا الموضوع، بل لم تعلق على هذا الخبر حتى الآن، وكانت الولايات المتحدة قد رصدت مكافأة قدرها عشرة ملايين دولار لمَن يقدم معلومات عن سيف العدل المصرى تؤدى إلى القبض أو القضاء عليه، حيث كانت هيئة المحلفين الفيدراليين الأمريكية قد وجهت إليه اتهامات بأنه شارك فى تفجير السفارتين الأمريكيتين فى دار السلام فى تنزانيا ونيروبى فى كينيا، فى 7 أغسطس 1998، وأسفرت الهجمات عن مقتل 224 مدنيًّا وإصابة أكثر من 5000 شخص.
وسيف العدل، 62 عامًا، هو ضابط مصرى سابق من القوات الخاصة المصرية، واسمه الحقيقى محمد صلاح الدين زيدان، تم القبض عليه فى مصر فى القضية التى عُرفت باسم إعادة تنظيم الجهاد عام 1978 واتهامه فى التورط فى محاولة اغتيال وزير الداخلية المصرى حسن أبوباشا، وتم الإفراج عنه لعدم كفاية الأدلة، بعدها هرب إلى السعودية ثم إلى السودان ثم أفغانستان عام 1989، حيث انضم إلى تنظيم القاعدة، ولقد تزوج ابنة مصطفى حامد المقنى، المستشار السياسى لأسامة بن لادن، وخلال وجوده بالسودان عام 1992 مع أسامة بن لادن كلفه بتدريب المقاتلين من رجال تنظيم القاعدة هناك، كذلك قام بتدريب أطقم الخاطفين، الذين شاركوا فى هجمات 11 سبتمبر 2001 ضد برجى التجارة العالمية بأمريكا، وكان سيف العدل هو الذى قدم أبامصعب الزرقاوى إلى بن لادن فى البداية، قبل أن يؤسس هو تنظيم الدولة الإسلامية داعش.
.. وبعد القضاء على بن لادن، انتقل سيف العدل إلى جنوب شرق إيران، وعاش هناك تحت حماية فرق الحرس الثورى الإيرانى، وفى عام 2003 وضعت السلطات الإيرانية سيف العدل ومعه قادة آخرين من تنظيم القاعدة تحت الإقامة الجبرية.
ولكن فى سبتمبر 2015، أطلقت إيران سراحهم مقابل تسليم دبلوماسى إيرانى اختطفه أعضاء تنظيم القاعدة فى اليمن، ولقد أكد نيد برايس، المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، أن سيف العدل يعيش الآن حرًّا طليقًا فى إيران، وأنه أصبح يمارس نشاطه زعيمًا لتنظيم القاعدة، وإن إيران أصبحت الآن ملاذًا آمنًا لتنظيم جميع عناصر القاعدة، وأضاف أن هذا يؤكد أن إيران هى التى تدعم الإرهاب، وأن أنشطتها هى التى تزعزع الاستقرار فى الشرق الأوسط.
وعلى الطرف الآخر، أعلنت إيران- عبر تغريدة من وزير خارجيتها، حسين أمير عبداللهيان، على صفحته- أن المزاعم الأمريكية بأن زعيم القاعدة سيف العدل مقيم فى إيران أمر غير سليم، وأضاف وزير الخارجية الإيرانى أننى أنصح مسؤول البيت الأبيض بوقف لعبة إرهاب إيران، وأن نشر أخبار عن زعيم القاعدة بإيران هو أمر مضحك. وبنظرة تحليلية لهذه الأحداث نرى أن هناك تخوفًا أمريكيًّا واضحًا من حيث عودة نشاط تنظيم القاعدة لأن استراتيجية تنظيم القاعدة فى البداية كانت ترى أنه يجب القضاء على أمريكا لأنها طبقًا لفلسفة بن لادن الشيطان فى هذا العالم، وأنه بالقضاء عليها يعم السلام على العالم كله، لذلك كانت ضربات تنظيم القاعدة كلها موجهة ضد الولايات المتحدة فى عهد بن لادن عكس تنظيم داعش، الذى كان هدفه إنشاء الدولة الإسلامية.
من هنا يظهر الآن بوضوح خوف الولايات المتحدة من أن يبدأ تنظيم القاعدة توجيه ضرباته مرة أخرى ضد الولايات المتحدة، كذلك هناك تخوف أمريكى من أن تنظيم القاعدة يريد الانتقام من أمريكا لأنها هى التى قامت بتصفية معظم قادة تنظيم القاعدة، وعلى رأسهم بن لادن، ومن بعده أيمن الظواهرى فى العام الماضى، خاصة أن الولايات المتحدة أعلنت بكل صراحة أنها هى التى قامت بتصفية بن لادن والظواهرى.
أما التحليل الثانى بوجود سيف العدل فى إيران، رغم أن إيران تنكر ذلك، فإن أمريكا تعتقد أن إيران تستخدم هذا الموضوع ورقة للضغط ضد الولايات المتحدة لاستخدامها فى أى مفاوضات قادمة، أولها تسليم سيف العدل وباقى أعضاء التنظيم للولايات المتحدة فى إطار صفقة مقابل أن تسمح الولايات المتحدة بفك الأرصدة الإيرانية المجمدة فى اليابان وكوريا الجنوبية، والتى تُقدر قيمتها بعشرة مليارات دولار، التى يمكن أن تسهم فى تخفيف الأزمة الاقتصادية التى تعيشها إيران حاليًا نتيجة العقوبات المفروضة عليها من الولايات المتحدة والدول الغربية، والتى أدت إلى قيام المظاهرات فى كل أنحاء إيران ضد الغلاء والتضخم والبطالة.
كذلك يمكن أن يكون هذا الموضوع أيضًا ورقة للضغط على الولايات المتحدة الأمريكية من إيران لسرعة بدء المفاوضات لحل مشكلة الاتفاق النووى والوصول إلى حل سريع، بعد أن أوقفت الولايات المتحدة المباحثات على هذا الموضوع، وأعلنت أنه ليس فى دائرة اهتماماتها حاليًا.
وتشير التقارير إلى أن تنظيم القاعدة بدأ نشاطه مؤخرًا بعد تصفية الظواهرى فى مناطق اليمن وغرب إفريقيا. واتجهت التحليلات إلى أن سيف العدل هو وراء إعادة تنظيم القاعدة مؤخرًا والتخطيط لكل هذه العمليات، لذلك كل الخوف حاليًا من أمريكا أن يتجه نشاط القاعدة إلى أهداف أمريكية.
وعلى أى حال، فإن الولايات المتحدة وكافة أجهزة الاستخبارات فى الدول الغربية سوف تركز فى الفترة القادمة على متابعة أى أنشطة لتنظيم القاعدة، خاصة فى مناطق الساحل وغرب إفريقيا واليمن وشمال سوريا للتأكد من عدم سيطرة سيف العدل على أى أنشطة للقاعدة فى هذه المناطق، وبالطبع ستكون هذه إشارة إلى مدى صحة تولى سيف العدل قيادة التنظيم.
وأتذكر فى مقالة سابقة لى عندما حكيت قصة القضاء على بن لادن، وكيف أن الكونجرس الأمريكى استدعى مدير الاستخبارات الأمريكية لتكليفه شخصيًّا بضرورة القضاء على بن لادن، لذلك أعتقد أن هذه المرة سيتم استدعاء مدير الاستخبارات الأمريكية CIA وتكليفه بالقضاء على سيف العدل.
لكن على أى حال، فإن الولايات المتحدة تنظر بجدية نحو ذلك الموقف الجديد من عودة نشاط تنظيم القاعدة المعادى لأمريكا بقيادة سيف العدل، الذى يأتى فى ظروف غير مواتية داخل الولايات المتحدة، حيث ستبدأ الحملات الانتخابية للرئاسة القادمة للبيت الأبيض خلال العام القادم، مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية ونتائجها، كل ذلك سيوضع فى الاعتبار فى المعركة الرئاسية فى الولايات المتحدة فى الفترة القادمة.
Email: sfarag.media@outlook.com
|