العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

ولعل عملية تصفية قاسم سليماني، قائد الحرس الثورى الإيراني، باستخدام الطائرات الموجهة بدون طيار، كان أكبر مثال على نجاح هذا السلاح فى تنفيذ مهامه.

الدرونز .. سلاح المستقبل
 

لواء د. سمير فرج

 22 يناير 2022


عند اختراع البارود، فى أوائل القرن التاسع عشر، تم استخدامه فى صناعة المدافع، لتصبح سلاح الجيل الثانى فى الحروب، ومع اختراع الدبابة الإنجليزية، فى الحرب العالمية الأولى، تغيرت مفاهيم الحروب، فى جميع المدارس العسكرية، لتبدأ حروب الجيل الثالث. وخلال العقد الأخير، ظهر سلاح جديد، وانضم لميادين القتال، وهو الطائرات الموجهة بدون طيار، أو الدرونز، «Drones» لتبدأ معها حقبة جديدة من أنواع الحروب.

بدأت الدرونز تحل محل الطائرات المقاتلة، التى يقودها طيار مقاتل، يتكلف إعداده مصاريف باهظة، لتغير العديد من مفاهيم وأساليب القتال فى الحرب الحديثة، فقد أصبحت الدرونز تنفذ جميع مهام الطائرة المقاتلة؛ سواء الاستطلاع، أو الحصول على المعلومات، أو التشويش وإعاقة عمل الرادارات وأجهزة الاتصالات، والأخطر من ذلك هو قدرتها على القيام بالهجوم القتالي، ولعل عملية تصفية قاسم سليماني، قائد الحرس الثورى الإيراني، باستخدام الطائرات الموجهة بدون طيار، كان أكبر مثال على نجاح هذا السلاح فى تنفيذ مهامه.

تتميز الدرونز بانخفاض تكاليف تشغيلها مقارنة بالطائرات الحربية التقليدية، سواء بعدم المخاطرة بالعنصر البشري، وما له من قيمة لا تقدر بمال، أو من حيث تكاليفها المادية، إذ لا يتجاوز سعر هذه الطائرة عدة آلاف من الدولارات، بينما وصل سعر الطائرة المقاتلة من طراز F16، مثلاً، إلى 100 مليون دولار، إضافة إلى قدراتها الفنية المتمثلة فى القدرة على التحليق لأكثر 30 ساعة، متواصلة، دون الحاجة للتزود بالوقود، كما يمكنها الطيران على ارتفاعات منخفضة للإفلات من الرادارات. فضلاً عن إمكانية إطلاقها من فوق أسطح المباني، وما يرتبط بذلك من توفير إنشاء المطارات والقواعد العسكرية، وتأمينها. إلا أن سهولة نقل أجزاء هذه الطائرات فى حقائب، دون اكتشافها، ثم تجميعها فى أماكن استخدامها، جعلها سلاحاً خطيراً فى يد الجماعات الإرهابية، ولعل أحدث دليل على سوء استخدامها، كان اشتراك الدرونز فى الهجمة الإرهابية التى شنها الحوثيون على أبو ظبي، فى مطلع الأسبوع الماضي.

واليوم تتسابق معظم الدول لإنتاجها واستخدامها، كل وفقاً لأغراضه؛ فظهرت الطائرات الدرونز الأمريكية والروسية والتركية والإسرائيلية والصينية والإيرانية والهندية والمصرية، لتتغير معها مفاهيم القتال الحديث، وهو ما ينتظر معه أن تتولى مراكز البحوث العسكرية، حول العالم، تغيير التكتيكات العسكرية، لتحديد الأسلوب الأمثل للاستفادة من هذا السلاح الجديد، مع تحديد كيفية التصدى له، فى ظل صعوبة اكتشافه، وبالتالى تدميره، عند استخدامه فى الأعمال العدائية ... لذا دعونا ننتظر ما ستفسر عنه التغيرات الجديدة، فى أساليب وتكتيكات القتال، فى الأيام القادمة، فى المدارس والعقائد العسكرية المختلفة.



Email: sfarag.media@outlook.com