العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

وبدأنا الاحتفال فى قاعة الجامعة، وتناولت فى محاضرتى، لشباب جنوب سيناء، وأبناء مدينة شرم الشيخ، توضيحاً للتهديدات التى تحاصر مصرنا العزيزة، حالياً، من كل الاتجاهات الإستراتيجية، واستعرضت كذلك ملامح خطة الدولة للنهوض بالمواطن المصري.

الطريق إلى طابا
 

لواء د. سمير فرج

 31 مارس 2022


بدعوة من السيد اللواء خالد فودة، محافظ جنوب سيناء، توجهت إلى شرم الشيخ، بصحبة العالم القدير الدكتور مفيد شهاب، للمشاركة فى لقاء ثقافى مع شباب وأهل المحافظة، فى احتفالاتها بعودة آخر حبة من تراب مصر، يوم تم رفع العلم المصرى فوق طابا.

كانت تلك أولى زياراتى لشرم الشيخ منذ تفشى وباء كورونا، الذى أصاب العالم بحالة سبات طويلة، فسعدت بأن تكون أولى سفرياتى إلى تلك المدينة الجميلة، التى تشهد تطويراً بجميع أركانها، يجعلها، وبكل فخر، من أجمل المدن، ليس فى مصر، فقط، ولكن أقول فى العالم كله. فقد تم إنشاء طريق دائرى، جديد، يحقق لها السيولة المرورية، وزادت مساحات الرقعة الخضراء بها، مع العناية والاهتمام بما كان مزروعاً من قبل، لتبدو المدينة فى حلة زاهية، تليق باسم مصر. والحقيقة أن الإدارة المتميزة للأخ المحافظ اللواء خالد فودة، مثال يحتذى به فى الإدارة المصرية الناجحة، ولولا قلة نسب الإشغال بالفنادق والمنتجعات السياحية، نتيجة لأحداث الحرب الروسية الأوكرانية لاكتملت سعادتى بالمدينة، لتبلغ عنان السماء.

أما المفاجأة الثانية، فكانت جامعة الملك سلمان، بمدينة شرم الشيخ، التى يستحق مصممها المعمارى جائزة عن تميزه فى تصميم بناء حديث، يتماشى مع الطابع العام للمدينة الساحرة، ويتكامل معها، مضيفاً لها لمسة جمالية أخرى. تلك الجامعة التى أقيمت تلبية لاحتياجات أهالى جنوب سيناء، الذين حرموا، لعقود طويلة، من خدمات التعليم العالى، حتى جاءت تلك الجامعة لتستقبل كل أبناء سيناء، ولتخدم ثلاث مدن، مباشرة، وهى شرم الشيخ، والطور، ورأس سدر، وتشمل ضمن مجموع كلياتها الحديثة، كليات السياحة، وطب الأسنان، والطب التى أمر السيد الرئيس السيسى بضرورة وجودها باعتبارها من مطالب أهالى جنوب سيناء. ولما سألت الدكتور أشرف حسين، رئيس الجامعة، عن توزيع العاملين بالجامعة، أكد أن نسبة 90% من الإداريين من أبناء جنوب سيناء، أما أعضاء هيئة التدريس فسيكونون من أبناء المحافظة، فى غضون سنوات قليلة، فور بدء تخريج الدفعات من الجامعة، بإذن الله.

وبدأنا الاحتفال فى قاعة الجامعة، وتناولت فى محاضرتى، لشباب جنوب سيناء، وأبناء مدينة شرم الشيخ، توضيحاً للتهديدات التى تحاصر مصرنا العزيزة، حالياً، من كل الاتجاهات الإستراتيجية، واستعرضت كذلك ملامح خطة الدولة للنهوض بالمواطن المصري. كما أكدت مستقبل الغاز المصرى، فى البحر المتوسط، وكيف أن الرئيس الأمريكى، جو بايدن، فى خلال البحث عن حلول لكيلا تصبح أوروبا رهينة للغاز الروسى، أشار بضرورة البحث عن الغاز الطبيعى، فى منطقة شرق المتوسط، عاقداً الأمل على مخزون الغاز الطبيعى، فى السواحل المصرية، كأحد أهم وسائل تغطية المطالب الأوروبية. وفى هذا الصدد، أوضحت بُعد نظر الرئيس السيسى، فى قرارات تعزيز ورفع القدرات العسكرية لمصر، خاصة القوات البحرية، لتكون قادرة على حماية استثمارات الغاز فى البحر المتوسط، ضارباً المثل بما حدث فى لبنان، من استيلاء إسرائيل على البلوك رقم "9"، من المياه اللبنانية، لاستغلاله فى تصدير الغاز الطبيعى، وعجز لبنان عن حماية مياهه الإقليمية وحدوده المائية والاقتصادية.

ثم عرضت خريطة المنطقة، بعد حرب 1967، التى فقدت مصر، فيها، سيناء بالكامل، وفقدت سوريا هضبة الجولان، بينما فقدت الأردن الضفة الغربية، تلاها خريطة للوضع الحالى، توضح كيف أن مصر هى الدولة، الوحيدة، التى استعادت أراضيها بالكامل، من خلال أربع معارك، عسكرية ودبلوماسية، أولاها حرب 1973، التى انتصر فيها الجيش المصرى، نصراً مبيناً، بعدما اقتحم قناة السويس، ودمر خط بارليف الإسرائيلى، أما المعركة الثانية، بمبادرة الرئيس السادات لاستكمال استعادة أرض سيناء، من خلال معاهدة كامب ديفيد، وجاءت المعركة الثالثة، وهى معركة قانونية اشترك فيها الدكتور مفيد شهاب ومعه رجال مصر الأجلاء من القانونيين، ونجحوا فى استعادة آخر شبر من تراب مصر، فى منطقة طابا.

أما المعركة الرابعة، فكانت فى العام الحالى، عندما استعاد الرئيس السيسى سيطرة القوات المسلحة المصرية على القطاع "ج"، بعدما كانت بنود الاتفاقية الأمنية، بين مصر وإسرائيل، عام 1979، تتيح للقوات المسلحة المصرية الوجود فى المنطقة «أ» فى سيناء، أما المنطقة «ب» فخصصت لوجود قوات الأمن المركزى وحرس الحدود المصرى، بينما نصت الاتفاقية على عدم جواز وجود القوات العسكرية المصرية، فى المنطقة الثالثة «ج»، إلا بعد التنسيق مع إسرائيل، فنتج عن مقابلة الرئيس السيسى لرئيس الوزراء الإسرائيلى، مؤخراً، فى شرم الشيخ، الاتفاق على عودة سيطرة القوات المسلحة المصرية على المنطقة "ج". وهكذا استعادت مصر جميع أراضيها، وحق السيطرة عليها، بينما لا تزال الجولان السورية محتلة بالكامل من إسرائيل، التى أعلنت ضمها لدولتها، ومازالت الضفة الغربية بالأردن تحت السيادة الإسرائيلية.

بعد ذلك عرض الدكتور مفيد شهاب بعض جوانب المعركة القانونية لاستعادة طابا، وجهود الوفد المصرى لتحقيق تلك الغاية، وإثبات أحقية مصر القانونية، والتاريخية، فى أراضيها، وبالذات منطقة طابا، والتى كان منها سفر عدد من أعضائه إلى إسطنبول لتتبع الخرائط والوثائق، منذ زمن الإمبراطورية العثمانية، وإلى لندن للحصول على خرائط فلسطين خلال حكم الانتداب البريطاني... لقد كان الطريق إلى طابا، طويلاً، وشاقاً، ومحفوفاً بمحاولات عدة لتزييف الحقائق، ولكن أبناء مصر المخلصين، هانت عليهم الصعاب، وتمكنوا من خلال أربع معارك، من الحفاظ على كل ذرة رمل من أراضيها ... فتلك هى العقيدة، يا سادة، التى نشأنا وتربينا عليها ... لتحيا مصر حرة كريمة.



Email: sfarag.media@outlook.com