العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

لم تتردد القوات الإسرائيلية في الاندفاع إلى مدخل مدينة السويس، صباح يوم 24 أكتوبر 73، لتفاجأ بعناصر المقاومة الشعبية، من أهالي السويس، تتصدى لهم بقذائف RPJ، بقيادة محمد عواد وزملاؤه إبراهيم سليمان ومحمد سرحان، وغيرهم من الأبطال.

إلى السويس
 

لواء د. سمير فرج

 29 أكتوبر 2020


بدأت رحلتي من منزلي، في القاهرة، إلى مدينة السويس، بدعوة من محافظها الهمام، المتميز في أداءه، اللواء عبد المجيد صقر، لحضور احتفالات محافظة السويس بعيدها القومي، التي بدأت بندوة ثقافية في جامعة السويس، تشرفت بالمشاركة فيها بجانب قامة علمية مثل الدكتور مفيد شهاب، والإعلامي المتميز الأستاذ عماد حسين. وصلت مدينة السويس في ساعة واحدة، على طريق جديد، يضاهي في روعته طريق الأتوبان الشهير في ألمانيا، إذ يتكون من ثمان حارات، إضافة لحارات مخصصة لعربات النقل الثقيل.

ما أن دخلت المدينة، حتى لمست، على الفور، التطور الذي طالها، سواء من حيث النظافة، أو التطوير العمراني، بتوحيد ألوان مبانيها بالأبيض والأزرق، وزاد انبهاري بدخول جامعة السويس، التي تحتوي على 14 كلية ومعهد تمريض، بعد سنين لم يكن في السويس، بأكملها، إلا معهد عالي، فقط. وشرح لي الأستاذ الدكتور السيد الشرقاوي، رئيس الجامعة، كيف صارت جامعة السويس تواكب أحدث متطلبات العصر، بإضافة كليات جديدة مثل كلية الثروة السمكية، أو كلية تكنولوجيا المعلومات، مشيراً إلى مساحة الجامعة الشاسعة، التي خطط لها أن تستوعب العديد من التوسعات حتى عام 2050. كما صحبني سيادته في جولة حول الجامعة، استمتعت خلالها بطرازها المعماري، والمساحات الخضراء، ثم وصلنا إلى مسرح الجامعة، الذي يسع 1200 فرد، ولم أر له مثيل في جامعات مصر، من حيث القدرات التكنولوجية. فبفضل رئيس الجامعة، المتميز، الدكتور السيد الشرقاوي، لم يعد أهالي السويس في حاجة لإرسال أبناءهم لخارج المدينة، للحصول على التعليم الجامعي المناسب.

وبدأنا اللقاء الثقافي، بحضور السادة أعضاء هيئة التدريس، وطلبة الجامعة، فتناولت في الجزء الخاص بي حرب أكتوبر المجيدة، باعتبارها ملحمة بين الشعب المصري العظيم، وقواته المسلحة، مركزاً على ما بذله أهالي السويس من تضحيات خلال حرب الاستنزاف، وحتى تحقيق النصر. لقد ركز العدو الإسرائيلي على قصف مدينة السويس، بنيران المدفعية، من مواقع عيون موسى، في البر الشرقي، حتى تهدمت معظم مباني المدينة، وهو ما كنت شاهداً عيان عليه، من موقعي في حرب الاستنزاف، حيث كنت أرى سحب الدخان تتصاعد، يومياً، فوق منطقة الزيتية، جراء القصف الإسرائيلي. ولم أنس تضحياتهم عندما امتثلوا لأوامر الرئيس عبد الناصر، إعلاءً لمصلحة الوطن، وتركوا مدينتهم، ضمن خطة إخلاء مدن القناة، وتوزعوا بين مدن الدلتا.

وفي حرب 73 نالهم نصيب آخر، عندما اندفعت القوات الإسرائيلية، متمثلة في لواء مدرع وكتيبة مظلات لاحتلال مدينة السويس، بعد قرار وقف إطلاق النار، وقبل وصول المراقبين الدوليين يوم 22 أكتوبر 73، بينما لم يكن يدافع عن المدينة سوى عناصر إدارية، من قوات الجيش الثالث، الموجود في شرق القناة، وأبطال المقاومة الشعبية من أبناء مدينة السويس. فلما أصدر الجنرال جونيه قائد الفرقة المدرعة الإسرائيلية أوامره بسرعة الاستيلاء على مدينة السويس، لتحقيق نصر سياسي، تغطي به إسرائيل على هزيمتها، لم تتردد القوات الإسرائيلية في الاندفاع إلى مدخل مدينة السويس، صباح يوم 24 أكتوبر 73، لتفاجأ بعناصر المقاومة الشعبية، من أهالي السويس، تتصدى لهم بقذائف RPJ، بقيادة محمد عواد وزملاؤه إبراهيم سليمان ومحمد سرحان، وغيرهم من الأبطال، فأصيبت الدبابات المتقدمة وهرب الجنود الإسرائيليين للاحتماء بقسم شرطة الأربعين، فحاصرهم أبطال المقاومة ورجال الجيش الثالث، حتى صدرت الأوامر للقوات الإسرائيلية بالانسحاب، بعدما تكبدوا خسائر تمثلت في 80 قتيل و120 جريح، وبقيت الدبابات الإسرائيلية المدمرة على مدخل مدينة السويس، لتحكي قصة هذا الشعب العظيم.

التقط الكاتب الصحفي الكبير عماد حسين طرف الحوار، موضحاً لشباب الجامعة مفهوم حروب الجيل الخامس القادمة، وما تمثله من خطورة، ودورهم في التصدي لها. ليبدأ بعده صاحب القيمة والقامة الدكتور مفيد شهاب، حديثه عن المعركة القانونية، التي كان أحد عناصرها، لاستعادة آخر شبر من أرض مصر، في طابا. واختُتم اللقاء بحديث السيد اللواء عبد المجيد صقر، محافظ السويس، الذي استعرض فيه جهود التنمية في المحافظة، اتضح من خلاله إلمامه بجميع تفاصيل المحافظة، وتصديه لحل مشكلاتها، مثل توفير مياه شرب نظيفة للمواطن، والقضاء على مشاكل الصرف الصحي، الناجمة عن سنوات من الإهمال.

وبينما نهم للخروج من الندوة، تقدم أحد المواطنين بشكوى للسيد المحافظ، الذي أكد أنه اطلع عليها في الأسبوع الماضي، ووعد بحلها خلال الأسبوع الجاري، فتوقعت من سابق خبرتي كمحافظ للأقصر، لمدة سبع سنوات، أن هذا الرجل يقضي ما لا يقل عن خمس ساعات يومياً في الشارع بين المواطنين، وهو ما أكده نائبه الشاب الدكتور عبد الله رمضان، الأستاذ الجامعي، الذي علم بخبر تعيينه في ذلك المنصب من وسائل الإعلام؛ دون أي وسائط، فاضطلع بالمسئولية، رداً للجميل، ومنذئذ وهو يرافق السيد المحافظ في جولاته بشوارع المدينة لخدمة المواطنين.

انتهى اللقاء الثقافي مع شباب هذه المدينة العظيمة وعدت للقاهرة وأنا سعيد برؤية هذه المحافظة تبدأ عهد جديد مع محافظ نشيط، لا يكل من العمل في تطويرها وتنميتها، واتفقت مع الدكتور مفيد شهاب في كلماته ونحن نغادر المدينة، عندما قال “أحمد الله أنني عشت لأرى هذا التطوير في السويس، التي يستحقه أهلها بعد كل ما قدموه لمصرنا العظيمة”.



Email: sfarag.media@outlook.com