العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

ووصلت الرسالة، وتأكدت معانيها يوم السادس من أكتوبر، العاشر من رمضان، عندما عبرنا قناة السويس وحطمنا خط بارليف، وحققنا أعظم انتصار للقوات المسلحة فى العصر الحديث، لنعيد لشعب مصر كرامته وأرضه المحتلة فى شهر رمضان المبارك.

أيام رمضانية فى حرب الاستنزاف
 

لواء د. سمير فرج

 17 إبريل 2021


ست سنوات قضيتها فى حرب الاستنزاف، بعد هزيمة 1967، وأنا فى موقعى الدفاعى على الخط الأول، فى جبهة قناة السويس، يفصلنى عن خط الدفاع الإسرائيلى ـ خط بارليف ـ 200 متر، هى عرض قناة السويس. كانت تلك الأيام قاسية، ومرارة الهزيمة تزيدها قسوة.

والاشتباكات مع العدوالإسرائيلى لا تتوقف لحظة، ليلاً ونهاراً. ومع حلول أيام شهر رمضان المبارك، كان لابد وأن نتخذ إجراءات خاصة، فى ظل دراية العدوالإسرائيلى بسلوكيات وعادات الشعب المصرى فى هذا الشهر الفضيل، فهويعرف أن الجندى المصرى وقت أذان المغرب يجب أن يصلى وبعدها يتناول الإفطار، وهوما يمثل فرصة سانحة للجانب الإسرائيلى للتعامل معنا.

قمنا بتقسيم جنود الموقع لثلاث مجموعات؛ إحداها تؤدى فريضة صلاة المغرب، بينما المجموعتان الأخريان فى وضع استعداد عال، لأنها أكثر فترة نتعرض فيها لقذائف الجانب الإسرائيلي، ظناً منهم بانشغالنا بالصلاة والإفطار عن حماية مواقعنا، وبعد انتهاء المجموعة الأولى من أداء الصلاة، تتبادل الموقع مع المجموعة الثانية، لتمكنها من أداء صلاة المغرب، وبعد انتهاء المجموعة الثانية، تدخل المجموعة الثالثة لأداء الصلاة، وتبدأ المجموعة الأولى فى تناول الإفطار، ويكون قد مر على أذان المغرب حوالى خمس عشرة دقيقة، وهى وقت الذروة للجانب الإسرائيلي. وبعد إفطار المجموعة الأولى، تتولى هى المناوبة فى الدفاع، وتبدأ المجموعة الثانية والثالثة فى تناول الإفطار. وطبقاً لتوقعاتنا كانت معظم اشتباكات الجانب الإسرائيلى معنا تتم لحظة أذان المغرب وكان رد الجنود دائماً «احنا مستعدين يا فندم».

أما فى المساء فكان العدوالإسرائيلى يستغل الليالى القمرية فى قصف الموقع الأول ببراميل النابالم حيث يسطع ضوء القمر، وتعكسه المياه فى قناة السويس، وبعدها خط أسود هوالخندق الدفاعي، فيكون من السهل ضربه ببراميل النابالم. أما فى نهار رمضان، فيظن العدوأننا نستغله فى الراحة، بعد طول السهر فى المساء، وهوما كنا نتصدى له باليقظة التامة، خاصة مع أول ضوء، وأداء الجنود لصلاة الفجر، فكنا نتعمد أن نظهر الحركة الدؤوبة داخل الموقع، كرسالة واضحة للعدوالإسرائيلى بأن الجندى المصرى يؤدى عمله على أكمل وجه، سواء صائماً فى شهر رمضان أوفى غير شهر الصيام.

ووصلت الرسالة، وتأكدت معانيها يوم السادس من أكتوبر، العاشر من رمضان، عندما عبرنا قناة السويس وحطمنا خط بارليف، وحققنا أعظم انتصار للقوات المسلحة فى العصر الحديث، لنعيد لشعب مصر كرامته وأرضه المحتلة فى شهر رمضان المبارك.



Email: sfarag.media@outlook.com