العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

ومن هنا بدأ التفكير فى حروب جديدة، تستهدف تدمير وتفكيك مفاصل الدولة، ليس بالدبابة والمدفع، ولكن من خلال مهاجمة العقول وتدميرها.

الوعى وحروب الجيل الرابع والخامس
 

لواء د. سمير فرج

 30 أكتوبر 2021


فى حديث السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الخريجين الجدد من الكليات العسكرية يوم حفل تخرجهم، وجه سيادته إليهم نصيحة مهمة، بضرورة الوعى للتصدى لحروب الجيل الرابع والخامس.

وقد تسلسلت الحروب منذ بدء الخليقة، بالجيل الأول منها، القائم على استخدام السيوف والسهام والعجلات الحربية، ثم ظهرت حروب الجيل الثاني، المواكبة لاختراع البارود، وما تلاه من اختراع البنادق والمدافع، لتعتمد تلك الحروب على قوة النيران، وكانت أهمها معارك نابليون بونابرت، ثم تعرفنا على حروب الجيل الثالث مع بداية الحرب العالمية الأولى، بظهور الدبابات والطائرات المقاتلة والمدمرات والغواصات، ليصبح الشكل الجديد لهذه الحروب ما أطلق عليها معركة الأسلحة المشتركة. وباستخدام الولايات المتحدة الأمريكية للقنبلة الذرية ضد ناجازاكى وهيروشيما، اليابانيتين، فى نهاية الحرب العالمية الثانية أصبح العالم يقسم حروب الجيل الثالث إلى حروب تقليدية وحروب نووية، قبل أن ينتبه العالم لحقيقة أن حروب الجيل الثالث، لا تحقق، فى بعض الأحيان، للمنتصر أهدافه من الحرب التقليدية، وكان أبرز الأمثلة على ذلك، انتصار إسرائيل، عسكرياً، فى حربها ضد مصر عام 67، إلا أن مصر تمكنت، بشعبها وقواتها المسلحة، أن تعيد تنظيم صفوفها، وتقف فى وجه عدوها حتى حققت الانتصار المجيد فى أكتوبر 73.

ومن هنا بدأ التفكير فى حروب جديدة، تستهدف تدمير وتفكيك مفاصل الدولة، ليس بالدبابة والمدفع، ولكن من خلال مهاجمة العقول وتدميرها، وهو ما يعرف بحروب الجيل الرابع، ومع تسارع التقدم التكنولوجى والأقمار الصناعية، وظهور حروب الفضاء السيبراني، والإعلام الإلكترونى الجديد، ووسائل التواصل الاجتماعي، ظهر فكر حروب الجيل الخامس لمهاجمة العقول وتدميرها باستخدام هذه الأساليب التكنولوجية الجديدة، والتى يتم من خلالها تدمير وهدم أركان الدولة، دون استخدام القوة العسكرية، وذلك بنشر الإشاعات والأكاذيب، بواسطة جهات غير رسمية، اعتماداً على مبادئ الحرب النفسية، واستغلال وسائل الإعلام الحديثة وشبكة الإنترنت ووسائل الاتصال الاجتماعي، لتحقيق أهدافها النهائية، بإحداث شروخ بين الشعوب وقيادتها وقواتها المسلحة، ليفقد المواطن الثقة فى دولته وإدارتها، ويصبح ناقماً على كل ما تنفذه الدولة من إصلاحات.

ويعد ذلك استراتيجية وركيزة حروب الجيل الرابع والخامس، القائمة على مهاجمة العقول، واستخدام أصحابها كمعاول هدم لأركان الدولة وتدمير مفاصلها، وذلك دون الحاجة لاستخدام القوة العسكرية.

الخلاصة أن يتم تدمير وإسقاط الدولة من الداخل وليس بقوات عسكرية، وهو ما نبه السيد الرئيس لضرورة الانتباه لخطورته، والتصدى له بالوعى، مؤكداً على الضباط الجدد عن مسئوليتهم فى توعية جنودهم وأنفسهم بالتصدى لهذه الحروب الجديدة، وهو ما لا يقل فى أهميته عن القتال بالدبابات والمدافع فى ميادين القتال.



Email: sfarag.media@outlook.com