العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

وانتهاجاً للأساليب العلمية، وضعت الدولة المصرية خطة استراتيجية لتطوير الموارد المائية، حتى عام 2050، مرتكزة على خمسة محاور.

القوات المسلحة ومعركة المياه
 

لواء د. سمير فرج

 3 فبراير 2022


دخل قطاع المياه فى مصر تحديات كبيرة، ناتجة عن الزيادة السكانية، والمتغيرات المناخية، من جهة، فضلاًعن مشكلة سد النهضة، من جهة أخرى، فتحتم بذلك إيجاد حلول لمشكلة المياه، فى ظل ثبات حصتنا من مياه النيل، رغم كل تلك المستجدات، خاصةً أن الأمم المتحدة قدرت خط الفقر المائى بألف متر مكعب سنوياً للفرد، بينما تؤكد وزارة الرى المصرية أن نصيب الفرد، فى مصر، لا يتجاوز 560 مترا مكعبا سنوياً، وهو ما يعنى دخول مصر مرحلة الشح المائى، وفقاً لآراء الخبراء... الأمر الذى تطلب تضافر جهود جميع مؤسسات الدولة للتصدى لتلك المشكلة.

وانتهاجاً للأساليب العلمية، وضعت الدولة المصرية خطة استراتيجية لتطوير الموارد المائية، حتى عام 2050، مرتكزة على خمسة محاور, الأول، ترشيد نظام استهلاك المياه الحالى، وثانياً وضع آليات وتشريعات لتنظيم استخدام المياه فى السنوات المقبلة، ثالثاً معالجة مياه الصرف الصحى والزراعى والصناعى واستغلالها لأغراض الزراعة النقية، ورابعاً تنظيم استغلال المياه الجوفية، أما المحور الخامس من الخطة الاستراتيجية فيعتمد على تحلية مياه البحر، استفادة من موقع مصر الجغرافى المطل على البحرين الأحمر والمتوسط، وكل ذلك بهدف زيادة القدرة المائية لمصر.

وهنا برز دور الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، بقدرتها على الإسهام فى عدد من محاور تلك الخطة، أهمها التوسع فى تنفيذ محطات تحلية مياه البحر، وإقامة محطات معالجة مياه الصرف الصحى والزراعى والصناعي. ففى مجال تحلية مياه البحر، قامت الهيئة الهندسية بتنفيذ 34 محطة تحلية مياه البحر، موزعة بواقع أربع محطات فى مطروح، ومحطة ببورسعيد، وأخرى بالإسماعيلية، وثلاث محطات فى السويس، وأربع محطات فى البحر الأحمر، ومثلها فى جنوب سيناء، وثلاث محطات فى شمال سيناء.

تقدر التكلفة المالية لتنفيذ تلك المحطات بنحو 23 مليار جنيه، لتوفر إجمالى 457 مليون متر مكعب سنوياً من المياه النقية، فعلى سبيل المثال تغطى محطات شمال وجنوب سيناء مدن رفح والشيخ زويد والعريش، وطابا ونويبع ودهب وشرم الشيخ والطور وأبو زنيمة ورأس سدر، وهو ما يعنى تغطية شبه كاملة لمعظم مدن شبه جزيرة سيناء، بعدما كانت تعتمد، بالأساس،على المياه الجوفية أو خطوط المياه الممتدة من نهر النيل، وهو ما لم يعد كافياً فى ظل الزيادة السكانية من ناحية، أو فيما يخص خطة التنمية الخاصة بسيناء وباقى المحافظات المصرية.

أما فيما يخص جهود القوات المسلحة، فى مجال معالجة المياه، فقد نفذت الهيئة الهندسية 36 محطة معالجة مياه، بإجمالى تكلفة مالية 38 مليار جنيه، بواقع محطة واحدة فى رفح والإسكندرية وبورسعيد والبحيرة وأسوان وجنوب سيناء، وأربع محطات بشرق بورسعيد، ومحطتين فى الإسماعيلية الجديدة، و7 محطات فى القاهرة، و11 محطة فى السويس، ومحطتين فى البحر الأحمر و4 محطات فى الواحات.

وجدير بالاحتفاءأن محطة معالجة مياه مصرف بحر البقر، قد فازت بجائزة أفضل مشروع فى العالم، فى مسابقة التحكيم الدولية لأفضل الأعمال الإنشائية لعام 2021، التى أجرتها مجلة Engineering News Record الأمريكية، كما حصلت على ثلاث شهادات من موسوعة جينيس للأرقام القياسية كأكبر محطة للمعالجة على مستوى إفريقيا. تكلفت تلك المحطة 100 مليون جنيه مصرى، وقامت بتنفيذها شركتان مصريتان، هما المقاولون العرب، وأوراسكوم، تحت إشراف الهيئة الهندسية، ويبلغ إنتاجها من المياه النقية نحو 5٫6 مليون متر مكعب سنوياً، تضخ كلها فى سيناء. كان الهدف من إنشاء تلك المحطة، تحويل مسار مصرف بحر البقر، بدلاً من الصب فى بحيرة المنزلة، لإيقاف تلوثها، وإنقاذ الثروة السمكية بها، والتى يغذى إنتاجها ثلاث محافظات، هى بورسعيد ودمياط والدقهلية. أسهمت هذه المحطة فى استصلاح 500 ألف فدان، بصفة عامة، 230 ألف فدان منها فى سيناء وجنوب القنطرة ورابعة وبئر العبد.

أما بحيرة قارون، التى تعتبر من أهم المحميات الطبيعية، فقد تلاحظ زيادة ملوحة المياه بها، نتيجة لزيادة كميات الصرف الزراعى التى تصب فيها، وأمام ضرورة الحفاظ على التوازن البيئى لمياه البحيرة، حماية للثروة السمكية بها، كان تدخل القوات المسلحة، بإقامة مجمع صناعى لاستخلاص الأملاح الذائبة من البحيرة، لإنتاج 350 ألف طن من الأملاح سنوياً، لتعود مياه البحيرة نقية، ولتعود بحيرة قارون لسابق مجدها فى إنتاج أجود أنواع الأسماك فى مصر.يضم المجمع الصناعى الجديد، أكبر مصنع كبريتات الصوديوم فى مصر، الذى يعد أحد أهم مدخلات الإنتاج فى صناعات المنظفات الجافة، الزجاج، ولب الورق، وصباغة النسيج، وبعد استيفاء الاحتياجات الداخلية للصناعة فى مصر، يقوم المصنع بتصدير ما يقرب من نصف إنتاجه للخارج.

يشمل المجمع الصناعى، مصنعاً لإنتاج كبريتات الماغنيسيوم المائية، وملح الفاكيوم، الذى كان يتم استيراده من الخارج، لتوفير الاحتياجات المصرية لصناعة الأسمدة، والصناعات الدوائية، والكيماوية. كما يضم المجمع مصنعاً لإنتاج ملح الطعام، الذى هو أساس صناعة الصودا الكاوية، اللازمة لصناعة الصابون، وتكرير الزيوت، والغزل والنسيج، كما يدخل فى صناعة الكلور. جدير بالذكر أن الإنتاج العالمى من ملح كولوريد الصوديوم يقترب من 280 مليون طن سنوياً، تسهم مصر فيها بنحو 3٫4 مليون طن سنوياً.

ومرة أخرى، تؤكد القوات المسلحة المصرية، قدراتها فى التصدى لكل المعارك التى تخوضها مصر، يدٍا بيد مع أبنائها المخلصين، فى كل القطاعات المدنية بالدولة.



Email: sfarag.media@outlook.com