العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

ذكرى استشهاد الجنرال الذهبي، الفريق عبدالمنعم رياض، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، خلال حرب الاستنزاف.

يوم الشهيد
 

لواء د. سمير فرج

 10 مارس 2022


فى التاسع من مارس، من كل عام،تحتفل مصر بيوم الشهيد، الموافق ذكرى استشهاد الجنرال الذهبي، الفريق عبدالمنعم رياض، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، خلال حرب الاستنزاف، الذى فاضت روحه إلى بارئها، فى التاسع من مارس عام 1969، على الخط الأمامى للدفاعات المصرية على قناة السويس،فى سابقة تعد الأولى فى التاريخ العسكري، العالمي، أن يستشهد رئيس أركان قوات مسلحة على الخط الأمامي. كان سيادته، رحمة الله عليه، قد قام فى صباح ذلك اليوم، بالمرور على خط الدفاع الأول، للقوات المسلحة،على الضفة الغربية لقناةالسويس،على بُعد 200 متر، هى عرض القناة، من قوات العدو الإسرائيلي، التى كانت تبني، حينها، خط بارليف، أقوى الحصون الدفاعية، فى تاريخ العسكرية، فى العالم. ذلك الخط الذى وضعت القيادة المصرية خطة لتدميره بنيران المدفعية المصرية، بالضرب المباشر، وتم تنفيذ هذه الخطة فى عدة أيام، كان آخرها يوم 8 مارس عام 1969، وهو ما دفع رئيس الأركان المصري،فى صباح اليوم التالى – يوم الاستشهاد –بالمرور أمام كل نقطة من خط بارليف، ليطلع، بنفسه، على مقدار وحجم التدمير الذى ناله، وكان بصحبة سيادته مدير سلاح المدفعية، آنذاك، وعدد من كبار القادة.وخلال تفقد سيادته نتائج نيران المدفعية المصرية، من الموقع رقم 6، على خط القناة، حدث تراشق بالنيران، وانفجرت إحدى طلقات المدفعية الإسرائيلية، بالقرب من الحفرة التى كان يقف فيها الفريق رياض، وتطايرت شظاياها، لتصيبه إحداها، ويستشهد، فى الحال، بعد 32 عاماً قضاها فى القوات المسلحة المصرية.

تخرج الفريق عبد المنعم رياض فى الكلية الحربية المصرية عام 1941، واشترك فى الحرب العالمية الثانية، ضد ألمانيا وإيطاليا، حيث كان قائداً لإحدى البطاريات المضادة للطائرات،فى المنطقة الغربية. وخلال عامى 1947 و1948 التحق بإدارة العمليات المصرية، ونال وسام الجدارة العسكرية،ليتدرج، بعدها،فى المراكزحتى قيادة الدفاع المضاد للطائرات، عام 1954. بعدها، وفى عام 1959، سافر فى بعثة للاتحاد السوفيتي، وحصل على تقدير امتياز، قبل عودته لمصر، لاستكمال مسيرته المشرفة. وفى مايو 1967، بعد توقيع اتفاقية الدفاع المشترك بين مصر والأردن، عُين قائداً للجبهة الأردنية، فى أثناء حرب 67، بعدها عاد إلى مصر ليتولى رئاسة أركان حرب القوات المصرية، بعد هزيمة 1967.

عقب استشهاده، كرمه الرئيس عبدالناصر، برتبة الفريق أول، وأقيمت له جنازة عسكرية،وشعبية، من ميدان التحرير، ترأسها الرئيس الراحل عبد الناصر، وخلفه جموع شعب مصر العظيم.واعتبر يوم استشهاده هو يوم الشهيد فى مصر،وأُطلق اسمه على أشهر ميادين القاهرة، بجوار ميدان التحرير، وتم وضع تمثال له فيه، فضلاً عن إطلاق اسمه على العديد من الشوارع والميادين والمدارس والمساجد فى مختلف مدن مصر، ومثلها فى عدد من الدول العربية، كالأردن والكويت وليبيا وسوريا، اعترافاً بأفضال الجنرال الذهبى، عبد المنعم رياض، الذى يمثل علامة فارقة فى تاريخ العسكرية، ليس فى مصر وحدها، ولكن فى العالم العربى بأكمله.

واستمراراً للاحتفاء ببطولة شهداء مصر، الذين قدموا أرواحهم فى سبيل رفعة شأنها، فقد تم إنشاء النصب التذكارى لشهداء مصر، فى منطقة مدينة نصر، بعد حرب 1973، الذى صُمم على شكل هرم، رمز العمارة المصرية العريقة،وعلى أضلاعه كتبت أسماء الشهداء المصريين، المختلفين فى انتماءاتهم الدينية، والمتحدين فى الدفاع عن مصر فى حروبها المجيدة.وعند النصب التذكاري، دُفنت رفات الجنود المصريين، الذين لم يتم التعرف عليهم بعد حرب 73، ليكون قبر الجندى المجهول رمزاًلكل شهداء مصر، الذين ننعم اليوم بالأمن والرخاء، بفضل تضحياتهم. كما تم إنشاء نصب تذكارية، فى كل محافظات مصر، لتكريم شهدائها، فما من بقعة فى أرض مصر، إلا وجادت بخيرة رجالها، للدفاع عن الوطن.

وبالأمس،احتفلت مصر، بيوم الشهيد، ووضعت أكاليل الزهور على النصب التذكاري،بالتزامن مع وضعهاعلى جميع النصب التذكارية فى محافظات مصر،وحضر السيد رئيس الجمهورية،والقائد الأعلى للقوات المسلحة، الندوة التثقيفية بمركز المنارة للمؤتمرات،والتى تم خلالها تكريم أسر الشهداء، ومصابى العمليات الحربية، من رجال القوات المسلحة،وأٌقيمت شعائر صلاة الجمعة من مسجد المشير طنطاوي.كما قامت جمعية المحاربين القدماء بإقامة مهرجان رياضي، شمل مباريات ودية بين فرق جمعية المحاربين القدماء، وقدمت العروض الموسيقية، وأقيم معرض فنى للمحاربين القدماء. وأتمنى أن تمتد الاحتفالات بهذا اليوم لكل مدارس مصر ومؤسساتها التعليمية، ليتعرف أبناء مصر، من الأجيال الجديدة، على قيمة ما قدمه هؤلاء الشهداء لبلدنا الحبيب مصر، وليعرفوا أن ما نعيشه ويعيشونه، اليوم، من رخاء واستقرار، إنما يعود لتضحيات هؤلاء الأبطال بأرواحهم فداءً للوطن. كما أرجو من وزارة التربية والتعليم أن تهتم بتدريس موضوع شهداء مصر وبطولاتهم، فى المناهج، بكل عام دراسي، فأنا أخشى ما أخشاه، فى ظل الانفتاح المعلوماتى الذى يعيشه أبناؤنا اليوم، بفضل التكنولوجيا الحديثة، أن يسلموا عقولهم لمعلومات مغلوطة عن البطولات والتضحيات المصرية، المستمرة إلى يومنا هذا.

وختاماً، أوجه تحية طيبة مباركة لأرواح شهدائناالعظام، ومثلها لزوجاتهم وأبنائهم وذويهم وجميع أفراد عائلاتهم، ولكل من فقد غالياً عليه فى معارك وحروب مصر، وهو ما لم ولن يفى بحقهم على ما قدموه لمصرنا العزيزة.



Email: sfarag.media@outlook.com