العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

وإذا ما تعمقنا قليلا فى عامل القوة البشرية، للجيش المصرى، فسأذكر ما ورد فى التقريرالسنوى للمعهد الدولى للدراسات الاستراتيجية فى لندن.

الجيش المصرى الأول عربيا وإفريقيا بين جيوش العالم «2»
 

لواء د. سمير فرج

 4 إبريل 2024


استكمالاً لمقالى، الأسبوع الماضى، فى نفس هذا المكان، عن تصدر الجيش المصرى المركز الأول عربياً وإفريقيا، فى تصنيف جيوش العالم،وفق مؤشر جلوبال فاير باور، أتناول، اليوم، العناصر الأساسية، التى يتم الاعتماد عليها فى تقييم الجيوش، وتحديد مراكزهم على مستوى العالم كله.

وبنظرة تفصيلية على تلك العناصر، نجد فى مقدمتها أعداد الأسلحة والمعدات الحربية وأنواعها، المتاحة بكل دولة، مثل الدبابات والمدفعية والصواريخ والعربات المدرعة والمدمرات والغواصات والطائرات بأنواعها والرادارات، وغيرها، والكفاءة القتالية لكل منها، وعملية تحديثها وفقا لأعلى المعايير العالمية.

ومن العوامل المهمة، أيضاً، فى عملية التقييم، القوة البشرية للجيش، بمعنى الأعداد العاملة والمقاتلة، علاوة على قوات الاحتياط، التى يدخل نظام تعبئتها فى الحسابات. يلى ذلك مؤشر حجم الإنفاق العسكرى، ونسبته من موازنة الدولة، ومؤشر آخر وهو حساب القوات شبه العسكرية فى الدولة، مثل قوات الحرس الوطنى فى الولايات المتحدة الأمريكية، وقوات الأمن المركزى فى مصر، ومهمتها فى تأمين الأهداف الحيوية فى الدولة، خاصة فى أوقات الحرب، لتتفرغ القوات العسكرية لمهام القتال.

وإذا ما تعمقنا قليلا فى عامل القوة البشرية، للجيش المصرى، فسأذكر ما ورد فى التقريرالسنوى للمعهد الدولى للدراسات الاستراتيجية فى لندن، International Institute of Strategic Studies IISS، الصادر فى يناير 73، حين خلُص إلى أنه فى حال قيام الجيوش العربية بأى عمليات عسكرية ضد إسرائيل، لتحرير الأرض التى فقدتها عام 67، فسيكون الفشل حليفها، فى ضوء التفوق الكمى والنوعى للأسلحة والمعدات الإسرائيلية فى ذلك العام.

وبدأت الحرب فى أكتوبر من نفس العام، ليتفاجأ العالم بنجاح الجيش المصرى فى العبور، واقتحام قناة السويس، وتدمير خط بارليف. واضطر المعهد البريطانى لتعطيل تقريره، المقرر صدوره فى يناير من عام 1974، لحين مراجعة عوامل تقييم الجيوش، فى ضوء انتصار الجيش المصري. إذ رأى المعهد ضرورة وضع عوامل جديدة فى الحسبان، فيما يخص مؤشر القوة البشرية، وتحديدا الروح المعنوية، التى دفعت المقاتل لاسترداد أرضه، خاصة أنه مجند وطنى، غير مجنس، وقتاله ضمن صفوف الجيش ليس وظيفة.

يلى ذلك المؤشر الخاص بالقواعد العسكرية للدولة، وتوزيعها لتأمين مختلف الاتجاهات الاستراتيجية، وهو ما تفوقت فيه مصر، خلال الأعوام السابقة، من خلال إنشاء أحدث ثلاث قواعد عسكرية فى مصر، أولها قاعدة برنيس، على البحر الأحمر، لتأمين المدخل الجنوبى للمجرى الملاحى لقناة السويس، وقاعدة 3 يوليو، فى الاتجاه الاستراتيجى الشمالى، لتأمين حقول الغاز الطبيعى والبترول فى البحر المتوسط، ثم قاعدة محمد نجيب، أكبر قاعدة عسكرية فى المنطقة، لتأمين الاتجاه الاستراتيجى الغربى، فى اتجاه ليبيا.

ومن عوامل التقييم، التى أضيفت خلال السنوات الخمس الماضية، قدرة الدولة، بجيشها، على محاربة الإرهاب، أحد أكبر التحديات التى تواجه العالم بأسره، وتُكلف الجيوش الحديثة بالتصدى لها، فتضطر لمقاتلة عدو لا تراه، ولا تستطيع، فى كثير من الأحيان، من استخدام القوة النيرانية أو الدبابات والعربات المدرعة، مما يدفع الجيوش، فى قتالها للميليشيات الإرهابية، للاعتماد على القوات الخاصة، أو قوات النخبة كما يُطلق عليها.

يضاف لكل ما سبق عوامل أخرى، تتساوى فى الأهمية، منها، على سبيل المثال، قدرة الدولة على التصنيع الحربى، ولعل الحرب الروسية الأوكرانية، التى أنهت عامها الثانى، وبدأت عامها الثالث وسط توسيع لطبيعة العمليات القتالية، أقرب الأمثلة على تفاوت قدرات الدول، وبالتالى تصنيف قوتها.فمنذ بداية الحرب، تعتمد أوكرانيا، المصنفة فى المركز الثامن عشر، على إمدادات السلاح من الترسانة الأمريكية وترسانات دول حلف الناتو، بينما تعتمد روسيا، المحتفظة بالمركز الثانى على مدى سنوات طويلة، على مصانعها الحربية، أحد أهم دعائم وركائز قوتها، فلولا حجم الصناعات الحربية الروسية، لما استطاعت روسيا الاستمرار فى الحرب للعام الثالث على التوالى، وتغيير طبيعتها من عمليات قتالية إلى حرب.

وعلى مستوى القوات المسلحة المصرية، فقد بذل الرئيس السيسى جهدا كبيرا، منذ أن كان وزيرا للدفاع، حيث وكل مهمة تطوير جميع المصانع الحربية، للواء العصار، الذى لم يدخر جهدا فى إنجاز المهمة بالتعاون مع روسيا، لنبدأ عصر إنتاج الأسلحة المشتركة بالتعاون مع دول أخرى، مثل الفرقاطات الألمانية، التى يتم تصنيعها، حاليا، فى الترسانة البحرية المصرية، والمدفع الكورى فى أحد المصانع الحربية. وتقديراً لما بذله اللواء العصار من جهد، فى تطوير الصناعات الحربية، فقد أصدر الرئيس السيسى أوامره بترقيته إلى رتبة الفريق بعد وفاته.

أما التدريبات المشتركة للجيوش النظامية فتعد أحد أساسيات عوامل التقييم، وهو ما تتفوق فيه القوات المسلحة المصرية، من حيث عدد التدريبات المشتركة التى تنفذها مع الكثير من دول العالم، وأهمها تدريبات النجم الساطع مع الولايات المتحدة الأمريكية. والحقيقة أن العديد من دول العالم تبادر بطلب التدريب مع مصر، لعدة أسباب، أولها خبرتها القتالية المُكتسبة من حرب 73، علاوة على جمع الجيش المصرى بين عقيدتى القتال الشرقية والغربية، وخبرة القتال على الأرض لمدة 6 سنوات، حتى القضاء على الإرهاب. لكل تلك الأسباب تتطلع الدول الأجنبية لإجراء التدريب المشترك مع الجيش المصرى.

ومرة أخرى، خرج تقرير مؤسسة جلوبال فاير باور، مؤكدا عقيدة الجيش المصرى، بضرورة استمرار التفوق، لضمان تأمين حدود البلاد، وأمنها القومى، ومقدرات شعبها العظيم.



Email: sfarag.media@outlook.com