العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
صرخ عامل الرادار على المدمرة قائلًا إن صاروخين مصريين أُطلقا باتجاه المدمرة.
|
القوات البحرية المصرية فخر البحار
لواء د. سمير فرج
|
23 أكتوبر 2025
|
لم يكن إطلاق اسم فخر البحار على القوات البحرية المصرية من فراغ، ولكنه جاء نتيجة قوة وأداء القوات البحرية المصرية عبر التاريخ، حيث إنها حاليا مسئولة عن حماية أكثر من 2000 كم من الشريط الساحلى المصرى على البحرين الأبيض والأحمر، بالإضافة إلى المجرى الملاحى لقناة السويس، وجميع الموانى المصرية الحالية البالغ عددها 21 ميناء.
تُعد البحرية المصرية اليوم أقوى سلاح بحرى فى الشرق الأوسط وإفريقيا، إذ تُعتبر من أكبر وأعرق الأسلحة البحرية فى العالم. أُنشئت عام 1946، وتحتفل بعيدها فى 21 أكتوبر من كل عام، وهو اليوم الذى يوافق ذكرى انتصار القوات البحرية المصرية على القوات البحرية الإسرائيلية بإغراق المدمرة «إيلات» على سواحل بورسعيد يوم 21 أكتوبر، حيث يرقد حطام المدمرة الإسرائيلية الآن فى قاع البحر أمام سواحل مدينة بورسعيد.
وقد كانت هذه المعركة بعد أربعة أشهر فقط من هزيمة يونيو 1967 حيث بدأت حرب الاستنزاف التى استمرت ست سنوات بين مصر وإسرائيل، وغيّرت العديد من المفاهيم والفكر العسكرى البحرى والتسليح فى العالم كله.
وعند الحديث عن هذه المعركة، نعود إلى كتاب المقدم بحرى الإسرائيلى «إسحاق شوشان»، قائد المدمرة «إيلات»، الذى أصدر كتابه بعد إغراقها تحت عنوان «الرحلة الأخيرة للمدمرة إيلات». يقول شوشان فى كتابه إنه أبحر من ميناء حيفا الإسرائيلى متجهًا إلى منطقة العمليات على مدخل قناة السويس، وإن المدمرة «إيلات» كان عمرها 25 عامًا حين انضمت للأسطول الإسرائيلى عام 1956، ضمن صفقة مع بريطانيا، ضمت أيضًا المدمرة «يافا».
وذكر أن طاقم المدمرة كان يتكون من 199 فردًا، منهم 99 من طلبة الكلية البحرية الإسرائيلية كانوافى رحلة تدريبية على ظهرها. ويقول العقيد شوشان إنه مع غروب يوم 21 أكتوبر وفى أثناء اقترابه من مدخل قناة السويس، أبلغه عامل الرادار بأنهم سيدخلون المياه الإقليمية المصرية، فرد عليه قائلًا: «استمروا، فى التقدم، إنهم مهزومون.»
ويضيف شوشان أنه بعد قليل بدأت أنوار مدينة بورسعيد تظهر فى الأفق، فطلب من مساعده أن يأمر بخروج طلبة الكلية البحرية إلى سطح المدمرة لمشاهدة «نصر إسرائيل»، وبينما هم يقتربون من مدينة بورسعيد ومدخل قناة السويس التى ظهرت أضواؤها عن بعد.
يذكر العقيد شوشان أن تلك كانت «غلطة الاستخبارات الإسرائيلية» — الموساد والمخابرات العسكرية (أمان) — التى لم تخبرهم بأن المصريين يمتلكون لنشات صواريخ سطح سطح من الطراز الروسى «كومار»، مزودة بصواريخ «ستيكس». فلو كانت هذه المعلومات قد وصلت إليهم، لتغيّر الموقف القتالى تمامًا فى أسلوب الاقتراب داخل المياه الإقليمية المصرية .
ويتابع العقيد البحرى الإسرائيلى شوشان قائلًا: بعد خروج طلبة الكلية البحرية الإسرائيلية إلى سطح المدمرة والبدء فى تصوير مدينة بورسعيد، صرخ عامل الرادار على المدمرة قائلًا إن صاروخين مصريين أُطلقا باتجاه المدمرة وهنا يعلق العقيد شوشان لم يكن أمامى أى فرصة للمناورة، فسقط الصاروخان على المدمرة وأصاباها إصابة مباشرة فى جانبها الأيمن. ثم لاحقًا، أطلق اللانش المصرى الثانى صاروخين آخرين عليها، مما أدى إلى إغراقها بالكامل.
ويذكر العقيد شوشان فى كتابه أن غرق المدمرة جاء سريعًا، فطلب النجدة من القوات الجوية الإسرائيلية التى ظلت طوال الليل تحاول إنقاذ الغرقى من طاقم المدمرة وطلبة الكلية البحرية. وتوجد صورة شهيرة للعقيد شوشان داخل الكتاب وهو يزور أحد المصابين من طاقم المدمرة فى أحد المستشفيات الإسرائيلية بعد نجاته.
وهنا يجب أن نتذكر بطولات قائدى اللنشات المصرية فى هذه المعركة وهما الملازم أول حسن حسنى والنقيب أحمد شاكر، اللذين سطرا صفحة من أنصع صفحات التاريخ البحرى المصرى فهما أول قائدى لنشات صواريخ فى تاريخ البحرية العالمية أطلقا صواريخ سطح سطح وتم اغراق الهدف.
وبعيدًا عن هذه المعركة: «ففى اليوم التالى، يوم 22 أكتوبر، كنت أنا الملازم أول سمير فرج فى أحد المواقع الدفاعية على البر الغربى لقناة السويس، حيث قامت إسرائيل لمدة ثلاثة أيام متتالية بمهاجمة مواقعنا بكل أنواع الطائرات والذخائر، ومنها قنابل الألف رطل، انتقامًا لإغراق المدمرة إيلات. أتذكر أننى من موقعى فى جنوب البحيرات كنت أرى الدخان يتصاعد من مدينة السويس، خاصة فى منطقة الزيتية، ووصلت خسائر المدنيين إلى أكثر من 120 شهيدًا».
وخلال زيارتى تايوان منذ عدة سنوات لحضور مؤتمر، تمت دعوتنا لزيارة مصنع الزوارق البحرية الأمريكية فى تايوان. وخلال تقديم مدير المصنع أعضاء الزيارة، ذكر أن المصنع أُنشئ عام 1960 كمصنع مشترك مع البحرية الأمريكية لتصنيع جميع الزوارق البحرية للجيش الأمريكى زوارق الطوربيد، وزوارق الصواريخ، وزوارق الدوريات...إلخ وأنهم توقفوا عام 1967 لمدة عام بعد إغراق المصريين المدمرة إيلات، وذلك للاستفادة من خبرة هذه المعركة، حيث طوروا جميع اللنشات البحرية الأمريكية بناءً على خبرة قتال البحرية المصرية.» ويجب ألّا ننسى ونحن نحتفل بعيد قواتنا البحرية قصة عمليات الضفادع البشرية المصرية ضد ميناء إيلات الإسرائيلى، حيث قامت الضفادع البشرية المصرية بثلاث عمليات ضد الميناء بهدف تدمير السفينة الإسرائيلية بيت شيفع وتدمير الرصيف الحربى لبناء السفن، وكان نجاح هذه العمليات شهادة للبحرية المصرية سواء فى مجال تدمير المدمرة إيلات أو عمل الضفادع البشرية.
وهكذا، لنا الحق نحن المصريين أن نفتخر ونحتفل دائمًا بانتصارات قواتنا البحرية، التى لا تزال حتى اليوم ترفع راية العزة والكرامة، وتحمى حدود مصر ومياهها الإقليمية بكل فخر وشرف.
Email: sfarag.media@outlook.com
|