العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

أما إسرائيل فهى أكبر المستفيدين مما حدث فى سوريا خلال الفترة السابقة؛ فلقد فقد الجيش السورى قوته بعدما كان ثانى قوة عربية فى المنطقة بعد الجيش المصرى، ومن قبله الجيش العراقى.

سوريا.. إلى أين بعد القضاء على «داعش»؟
 

لواء د. سمير فرج

 27 مارس 2019


فى هذه الأيام بعدما لفظ تنظيم الدولة الإسلامية أنفاسه الأخيرة عندما نجح العالم فى القضاء على داعش IISS كما يطلق عليه الغرب، ولم تبقَ منهم سوى بعض الجيوب الصغيرة فى مناطق متعددة فى العراق وسوريا، أخذ الجميع يفكر: سوريا إلى أين؟!.

الوضع فى سوريا يحير الجميع؛ فهى دولة ذات كيان مستقل وحدود سياسية واضحة ولها رئيس هو بشار الأسد وبرلمان وجيش ولها مقعد فى الأمم المتحدة وفى الجامعة العربية، ولكن لم يحدث فى التاريخ أن يكون لدولة هذا الكيان المتكامل ويتصارع على أرضها قوات عسكرية لعدد من الدول مثل الولايات المتحدة وروسيا وتركيا وإسرائيل وفرنسا وإيران ومعها حزب الله؛ وبالطبع الجميع له أطماعه واهدافه.

فى البداية هناك مجموعة تؤيد بشار الأسد الذى لم ينسَ لهم مساعدته فى ميادين القتال وبفضلهم تمت استعادة الأراضى السورية من تنظيم داعش وعلى رأسهم روسيا ثم إيران ومعها حزب الله، وروسيا من خلال مساعدتها للرئيس بشار الأسد احتفظت بقاعدتين عسكريتين: (حميم الجوية- وطرطوس البحرية) ومن خلالهما عاد الروس إلى المياه الدافئة فى البحر المتوسط.

أما الولايات المتحدة ودول التحالف، فلقد نجحت فى القضاء على تنظيم داعش فى شمال سوريا بمعاونة أكراد سوريا.

وأعلن ترامب أنه تم القضاء على داعش وما يعرف باسم الدولة الإسلامية، وعندما أعلن ترامب سحب قواته من سوريا انزعج الجميع خاصةً أكراد سوريا؛ بينما سعد السوريون والروس وإيران، وعاد ترامب ليقرر من جديد إبقاء ٤٠٠ جندى أمريكى فى منطقة شمال سوريا لحماية الأكراد الذين شعروا أن أمريكا تخلت عنهم لصالح تركيا وقوات بشار الأسد.

أما تركيا، فهدفها الأول ما زال هو السيطرة على منطقة شمال سوريا، منطقة الأكراد السوريين ومنعهم بكل الطرق من الاتحاد مع أكراد تركيا، وخاصةً حزب العمال الكردستانى BBK الذى يعمل على إقامة دولة كردستان من أكراد تركيا وسوريا والعراق وإيران، وعندما قررت الولايات المتحدة الانسحاب من شمال سوريا وإنشاء منطقة آمنة قررت تركيا التواجد والسيطرة على هذه المنطقة الآمنة.

أما إسرائيل فهى أكبر المستفيدين مما حدث فى سوريا خلال الفترة السابقة؛ فلقد فقد الجيش السورى قوته بعدما كان ثانى قوة عربية فى المنطقة بعد الجيش المصرى، ومن قبله الجيش العراقى.

ولم يصبح أمام إسرئيل إلا القوى العسكرية المصرية فى المنطقة، حتى عندما ظهرت بوادر تسليح الروس للجيش السورى بنظام صواريخ SS300 انزعجت إسرائيل وجرت اتصالات مكثفة مع روسيا لإثنائها عن إمداد سوريا بهذا النوع من الصواريخ.

وتراقب إسرائيل بشدة حاليا التواجد الإيرانى فى سوريا حيث تقوم بين الحين والآخر بعمل غارات جوية ضد التواجد العسكرى الإيرانى فى سوريا.

وعلى المستوى العربى فإن بقاء مقعد سوريا فارغا فى جامعة الدول العربية يمثل مشكلة مطلوبا حلها، فمازالت بعض الدول العربية منها السعودية والإمارات معارضة أن يجلس على مقعد سوريا ممثل لبشار الأسد.

أما مصر، فأعلنت صراحة أنها لا تعارض عودة سوريا لشغل مقعدها فى الجامعة العربية.

من هنا يمكن تلخيص أبعاد الموقف الحالى فى سوريا:

أولا- ضرورة القضاء على بقايا بعض جيوب داعش العسكرية.

ثانيا- التصرف مع عناصر داعش التى استسلمت، وبعضهم من رعايا الدول الأوروبية حيث ترفض معظم هذه الدول تسلم هذه العناصر وعودتهم مرة أخرى إلى أراضيها.

ثالثا- اعتراف الدول الأوروبية والعربية بالنظام فى سوريا، وخاصة أن دولا أوروبية عديدة ترفض استمرار بشار على رأس السلطة فى سوريا؛ حتى إنه عندما عُقد مؤتمر الدول المانحة لإعادة الإعمار فى سوريا كان اشتراط البعض عدم الاشتراك إلا بعد رحيل بشار الأسد.

بينما تركز الولايات المتحدة وإسرائيل على ضرورة رحيل إيران من سوريا وبالطبع حزب الله.

ولقد زاد من حدة المشكلة مؤخرا اعتراف ترامب بأحقية ضم إسرائيل لمرتفعات الجولان.

ولقد أزعج هذا القرار العديد من الدول حتى دول الاتحاد الأوروبى التى رفضت تماما هذا القرار الأمريكى؛ الأمر الذى سوف يصعب حل الأزمة السورية فى القريب العاجل ويزيد تفاقم الوضع خاصة مع الجانب الامريكى؛ إلا أن معظم المحللين يرون أن الحل يأتى من خلال إجراء انتخابات جديدة فى سوريا فى الفترة القادمة بإشراف دولى لتحديد إمكانية إبقاء بشار الأسد على رأس السلطة من عدمه؛ وبعدها تجرى أيضاً الانتخابات النيابية للبرلمان السورى.

والسؤال: هل هذه المقترحات ستقبل من الأسد، أم سيرفض الإشراف الدولى الكامل على هذه الانتخابات؟

كذلك يجب على بشار الأسد اتخاذ قرار بشأن التواجد الإيرانى فى سوريا؛ حيث إنه أحد المطالب الأمريكية والإسرائيلية لقبول أى حلول للأزمة السورية فى المستقبل؛ لذلك من المتوقع أن تتم فى الأسابيع القادمة مشاورات روسية تركية وإيرانية من طرف؛ بينما تراقب الولايات المتحدة ودول أوروبا وإسرائيل ما سينتج عن هذه المشاورات.

اما أزمة عناصر داعش من الدول الأوروبية، فأعتقد أنها ستأخذ وقتا طويلا حتى يتم التوصل لحلها لأنه ما زال البعض منهم يتمسك بالأفكار والعقائد الإرهابية وهو ما ترفضه بالطبع الدول الأوروبية لاستقبال هذه العناصر على أراضيها، وهنا تبرز المشكلة: إلى أين سيتجه هؤلاء؟!

وسيصبح المصطلح الجديد: العائدون من سوريا إحدى مشاكل المنطقة والدول الأوروبية.

ولقد نبه الرئيس عبدالفتاح السيسى مؤخرا لخطورة هذا الموضوع، ودعا الجميع لمتابعة أين ستذهب هذه العناصر. وأخيرا:

تبرز مشكلة اللاجئين السوريين فى مختلف البلاد، وهل سوريا مستعدة لاستقبال هذه الأسر مرة أخرى والبلاد ما زالت فى حالة فوضى، خاصة أن معظم مدن وقرى البلاد تم تدميرها، وأصبحت البنية الأساسية مدمرة بالكامل تقريبا وغير صالحة لاستقبال مواطنيها.

ومن هنا يجب على النظام السورى قبول اشتراطات الدول المانحة لإعادة الإعمار فى سوريا.

ومن هنا، فأننا نرى أن كل هذه التعقيدات لحل الأزمة السورية سوف تأخذ وقتاً ليس بالقصير.

على أى حال، كان الله فى عون سوريا الحبيبة التى نرجو أن تعود مرة أخرى بلدا قويا له كيان ضمن المجتمع الدولى والعربى.



Email: sfarag.media@outlook.com