العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

ولقد جاء تأكيد السيد الرئيس أن خط سرت والجفرة هو خط أحمر لأن ذلك الخط هو الذى تسعى الدولة التركية للوصول إليه للاستيلاء على الهلال النفطى الليبى وبذلك تستولى على ثروات الشعب الليبى حيث يعمل أردوغان حالياً على استنزاف ونهب وسلب الثروات الليبية لدعم الاقتصاد التركى.

رسالة ردع من سيدى برانى
 

لواء د. سمير فرج

 24 يونيو 2020


من فوق رمال سيدى برانى على الحدود المصرية الغربية، وقف السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى يعلن بكل ثقة ووضوح أن الجيش المصرى يحمى ولا يهدد، وأن القوة العسكرية التى اصطفت أمام الرئيس بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة فى البداية فى قاعدة سيدى برانى العسكرية الجوية من طائرات القوات الجوية المصرية بمختلف أنواعها وطياريها وعناصر من القوات الخاصة من المظلات والصاعقة وقوات حرس الحدود، واصطفاف القوات البرية من الفرقة 21 المدرعة بكامل تشكيلها واستعدادها القتالى لكى يعلن للعالم أجمع أن الجيش المصرى التاسع عالمياً يقف حالياً يؤمن حدود مصر الغربية، وليؤكد السيد الرئيس أننا لن نكون غزاة وليس لدينا أى مطامع فى ليبيا.

والحقيقة أن كلمات السيد الرئيس جاءت لتؤكد أن الاستراتيجية العسكرية للقوات المسلحة المصرية هى استراتيجية دفاعية منذ بدء تكوين الجيش المصرى، لأنه لم يحدث عبر التاريخ أن قام الجيش المصرى بالتوسع، ولكن كانت كل عملياته السابقة بأوامر من السلطان العثمانى لتأديب دولة، أو لتوسيع رقعة الإمبراطورية العثمانية، ومن هنا جاءت عقيدة المقاتل المصرى والدولة المصرية أن جيش مصر لتأمين حدودها واستثماراتها وأهدافها الحيوية، أى أنها استراتيجية دفاعية وليست استراتيجية هجومية توسعية، لذلك كانت رسالة السيد الرئيس وبصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة ومن وسط رجاله وجنوده هى رسالة ردع لمن تسول له نفسه المساس بأمن مصر القومى.

وكانت تعبيرات السيد الرئيس أكثر دقة عندما قال إن جيشنا رشيد يحمى ولا يهدد، وأكد أن الثوابت للاستراتيجية المصرية حددت تحرك مصر فى إطار احترام قرارات الأمم المتحدة الصادرة من مجلس الأمن الدولى.

.. ثم الالتزام بقرارات مؤتمر برلين بهدف عدم دعم أى عناصر فى ليبيا بالأسلحة والمعدات العسكرية، كذلك دعمت مصر كافة المبادرات الإقليمية والدولية لحل المشكلة الليبية فى إطار أن يكون الحل الليبى ليبيًا، وأن مصر لن تسمح بسيطرة الميليشيات المسلحة بدعم قوى خارجية تمثل تغييراً جديداً فى موازين القوى فى المنطقة، وبالتالى تهديد دول الجوار التى نحن جزءٌ منها، وأشار الرئيس إلى أن إعلان القاهرة لحل المشكلة الليبية يتسق مع كل قرارات الأمم المتحدة ومؤتمر برلين، وذلك بهدف تحقيق إرادة وطموحات كافة مكونات الشعب الليبى واستعادة المؤسسات الوطنية الليبية، واستعادة الأمن والاستقرار من خلال الوقف الفورى لإطلاق النار وانسحاب كافة القوى الأجنبية وأسلحتها ومرتزقيها من الأراضى الليبية.

وفور انتهاء كلمة السيد الرئيس بدأ التأييد بالتحرك المصرى من دول الخليج العربى والدول الأوروبية، حتى الولايات المتحدة أعلنت بصراحة تأييد مبادرة الرئيس لوقف إطلاق النار، والبدء فى مباحثات سياسية لتحقيق الاستقرار على الأرض الليبية، والحق يقال إنه برغم كل المبادرات والقرارات السابقة لم يهتم أحد بوضع الشعب الليبى إلا مبادرة السيد الرئيس السيسى، لذلك فإن البرلمان الليبى المنتخب طالب مصر بالتدخل ومساندة القوات المسلحة الليبية.. ومن هنا جاءت الشرعية التى أعلن عنها السيد الرئيس وأن تحركه هو استجابة لطلب البرلمان الليبى المنتخب وقرارات الأمم المتحدة التى تؤيد حق الدولة فى حماية أمنها القومى فى حالة أى تهديدات من الدول المجاورة.

والحق يقال إن التدخل التركى العسكرى على أرض ليبيا قد عقَد المشكلة الليبية تماماً وأضاف لها أبعاداً جديدة كان من السهل الوصول إلى حل سياسى بين كل الأطراف الليبية بدونها، لكن جاء التدخل التركى لكى يزيد المشاكل داخل ليبيا تعقيداً، خاصة أن تركيا لم تلتزم بقرارات الأمم المتحدة أو مؤتمر برلين الذى كان أردوغان حاضراً له، واشترك فى هذه القرارات التى حذرت من أى تدخل خارجى على الأراضى الليبية سواء بالقوات أو الأسلحة والمعدات.. من هنا كسب أردوغان عداء معظم الدول الأوروبية خاصة أعضاء حلف الناتو بقراره بالتدخل فى الشأن الليبى.

ولقد جاء تأكيد السيد الرئيس أن خط سرت والجفرة هو خط أحمر لأن ذلك الخط هو الذى تسعى الدولة التركية للوصول إليه للاستيلاء على الهلال النفطى الليبى وبذلك تستولى على ثروات الشعب الليبى حيث يعمل أردوغان حالياً على استنزاف ونهب وسلب الثروات الليبية لدعم الاقتصاد التركى، كما يسعى أردوغان إلى إنشاء قاعدة جوية عسكرية تركية فى مطار الوطية وكذلك قاعدة عسكرية بحرية تركية فى ميناء مصراتة، وبذلك تكتمل حلقة الاستيلاء العسكرى والاقتصادى على ليبيا بما يمثل أكبر تهديد لأمن مصر القومى، بالإضافة إلى رغبة أردوغان فى حصول تركيا على نصيب أكبر فى عملية إعادة الإعمار فى ليبيا التى سوف تتكلف مليارات الدولارات، وهو الصراع المستقبلى على الأراضى الليبية ليس من تركيا فقط ولكن من باقى الدول الكبرى وعلى رأسها دول جنوب أوروبا وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية، وبذلك تكتمل الحلقة التركية لاستعادة مجد الإمبراطورية العثمانية بعودتها مرة أخرى إلى أرض ليبيا وكل ذلك يمثل تهديداً للأمن القومى المصرى، ومن ثم جاء خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسى من أرض صحراء المنطقة الغربية العسكرية ليعلن أن الأمن القومى الليبى هو جزء من الأمن القومى المصرى والعربى، وأن قواتنا المسلحة قادرة بإذن الله على تحقيق أمن مصر فى كل الاتجاهات الاستراتيجية.



Email: sfarag.media@outlook.com