العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

وعلي الجانب الآخر فإن تركيا تلوح دائماً لدول الاتحاد الأوروبي أنه في حالة اتخاذ أي قرارات اقتصادية ضدها خصوصاً بعد الموقف الاقتصادي المتردي في تركيا فإنها تلوح دائماً بالرد الفوري وهو اطلاق الثلاث ملايين من اللاجئين السوريين الموجودين في معسكرات داخل تركيا الي دول الاتحاد الأوروبي.

هل ستدخل تركيا مرحلة جديدة من الصراع مع الاتحاد الأوروبي
 

لواء د. سمير فرج

 5 ديسمبر 2020


أعلنت تركيا سحب سفينة التنقيب عن الطاقة “أوروتش رئيس” من المناطق المتنازع عليها مع اليونان وقبرص في منطقة شرق المتوسط، وأكدت تركيا عودة السفينة الي ميناء انطاليا جنوب تركيا وجاء قرار تركيا لتجنب اصدار أي عقوبات في قمة الاتحاد الأوروبي التي ستعقد بعد أسبوعين، وكانت تركيا قد سحبت هذه السفينة من المياه المتنازع عليها قبل القمة السابقة للاتحاد الأوروبي في أكتوبر الماضي خوفاً من صدور أي عقوبات ضدها لكنها أعادت ارسال هذه السفينة مرة أخري بعد ما وصفت تركيا قرارات القمة الأوروبية السابقة بأنها غير مرضية ولكن هذه المرة الأمر أصبح مختلفاً لأن البرلمان الأوروبي وافق في قرار غير ملزم الشهر الماضي بناءً علي طلب تقدمت به قبرص يطالب بفرض عقوبات علي تركيا رداً علي زيارة الرئيس التركي أردوغان الي شمال قبرص التي تحتلها أنقرة بعد غزو عسكري عام 1974 واقامت عليه جمهورية من طرف واحد لم يعترف بها أي دولة أخري في العالم غير تركيا.. وحث قرار البرلمان الأوروبي قادة الاتحاد الأوروبي علي اتخاذ إجراءات وفرض عقوبات صارمة علي تركيا حيث وصف البرلمان الأوروبي أن قيام تركيا بهذه الأنشطة في التنقيب في مناطق مشروعة لليونان في نطاق الجرف القاري بها أنها غير قانونية ومن المنتظر أن لا تقتصر العقوبات علي أشخاص بل ستمتد الي الشركات المساهمة في التنقيب عن الغاز.

كذلك من المنتظر أن تشمل العقوبات إغلاق الموانئ الأوروبية في وجه تركيا وحرمانها من قطع الغيار كذلك فرض عقوبات من البنوك الأوروبية علي الشركات القائمة بأعمال التنقيب وقد تتصاعد هذه العقوبات بعد ذلك كما المح جوزيب بوريل ليشمل ضد قطاعات اقتصادية بأكملها في تركيا خاصة أن الاقتصاد التركي والأوروبي مرتبطان ببعضهما منذ زمن بعيد مما سيكون له تأثير كبير علي الاقتصاد التركي حيث تشير التقارير أن الاتحاد الأوروبي سبق أن اعلن عن حزمة عقوبات علي تركيا في عام 2019 حين قرر قطع المساعدات المالية التي يقدمها لتركيا وإعادة النظر في دعم القروض المقدمة من بنك الاستثمار الأوروبي.

وعلي الجانب الآخر فإن تركيا تلوح دائماً لدول الاتحاد الأوروبي أنه في حالة اتخاذ أي قرارات اقتصادية ضدها خصوصاً بعد الموقف الاقتصادي المتردي في تركيا فإنها تلوح دائماً بالرد الفوري وهو اطلاق الثلاث ملايين من اللاجئين السوريين الموجودين في معسكرات داخل تركيا الي دول الاتحاد الأوروبي الأمر الذي سيسبب انزعاج شديد لهذه الدول، رغم أن الاتحاد الأوروبي يدفع لتركيا كل عام 3 مليارات يورو لإيوائهم ومنعهم من الاندفاع داخل دول الاتحاد الأوروبي، وهناك مشكلة أخري تنتظر تركيا من دول حلف الناتو وهو بدء تشغيل النظام S400 الروسي الذي اشترته تركيا ليكون ضمن منظومتها الدفاعية الأمر الذي أقلق دول حلف الناتو الذي تعتبر تركيا أحد أعضاؤه، ورغم وصول هذه الصواريخ الي تركيا الا أن دول حلف الناتو قد أرسلت تهديداً مباشراً لتركيا لمنع تشغيل هذه المنظومة وفي حالة ضرب تركيا عرض الحائط بتهديدات حلف الناتو وقيامها بتشغيل هذه المنظومة فإن الناتو سوف يتدخل بشدة ضد تركيا خاصة أن الكونجرس الأمريكي أصدر عقوبات ضد تركيا فور شراؤها هذه المنظومة لكن الرئيس ترامب قام بتأجيل تنفيذ هذه العقوبات علي أمل عدم تشغيل تركيا هذه المنظومة خاصة وأن عدد القواعد الأمريكية داخل تركيا كبير ومنهم قاعدة انجرليك الجوية التي تقوم الولايات المتحدة بتخزين أكثر من خمسين راس نووية في هذه القاعدة للمناورة بها فور حدوث أي تهديدات مباشرة في منطقة الشرق الأوسط أو في اتجاه الاتحاد السوفييتي في السابق وروسيا حالياً.

كل هذه المشكلات التي تواجه تركيا الآن مع استمرار تواجدها العسكري في شمال سوريا وشمال العراق ومنطقة الصراع في ناغورنو كاراباخ وتأييدها لحكومة الوفاق في طرابلس عسكرياً ونقل المرتزقة من شمال سوريا الي طرابلس مع العمل علي إيقاف أي عمليات لحل المشكلة الليبية وعلي المستوي الداخلي يواجه أردوغان صعوبات اقتصادية حيث بدأ تدهور الليرة التركية لأدني مستوي الأمر الذي أدي الي بيع 10% من أصول البورصة التركية الشهر الماضي الي قطر ثم قيام بيع مصنع قطع غيار الدبابات الي قطر الأمر الذي أثار المعارضة التركية خاصة أن تركيا تتلق دعماً سنوياً 2 مليار دولار قيمة تواجد عناصر من المشاة والقوات الخاصة لتأمين أمراء قطر وقصر الرئاسة هناك والأهداف الحيوية داخل الدوحة ومن هذا المنطلق بدأت عناصر المعارضة التركية في مهاجمة أردوغان لكل هذه الجبهات التي يخوض حروبه فيها كذلك اعتراضهم علي العداء المباشر لمصر وأخيراً جاءت عملية الاعتقالات لعناصر المعارضة هذا الشهر والذي بلغ عددهم حوالي 60 ألف مواطن تركي ومن هنا يري المراقبين أن التحرك التركي ضد الاتحاد الأوروبي وخلافه مع حلف الناتو سوف يسبب لتركيا مزيداً من التعقيدات خصوصاً الوضع الاقتصادي ولا ننسي أنه بعد محاولة استغلال تركيا لقضية خاشوشجي وقيام دول الخليج بإيقاف السياحة الخليجية الي تركيا وإيقاف استيراد الخضروات والفواكه من تركيا كل ذلك أحدث هزة في الاقتصاد التركي في الفترة السابقة وأمام كل هذه المشاكل التي تواجه تركيا حالياً قامت تركيا بسحب سفينة التنقيب عن الطاقة من أمام سواحل قبرص في محاولة لاحتواء أي مشاكل قادمة مع الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو الأمر الذي قد يعجل بنهاية حكم أردوغان بدلا من الانتظار للانتخابات القادمة.



Email: sfarag.media@outlook.com