العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

وجاء السؤال الثانى: هل من الحكمة لروسيا أن تستخدم الأسلحة النووية في هذه الحرب أو الأسلحة البيولوجية نظرا لعدم قدرة الأسلحة التقليدية في تحقيق نصر سريع وحاسم على أوكرانيا؟

4 أسئلة مشروعة حول الحرب الروسية الأوكرانية

 

لواء د. سمير فرج

 20 إبريل 2022


مع انتهاء الشهر الثانى من عمليات قتال الحرب الروسية الأوكرانية ظهرت بعض الأسئلة المهمة حول هذه الحرب، وكان السؤال الأول: هل روسيا بقدراتها القتالية الكبيرة وكونها القوة العسكرية الثانية في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية ليست قادرة على تحقيق نصر سريع والاستيلاء على كييف العاصمة الأوكرانية وإسقاط النظام الأوكرانى وإعلان تحقيق نصر حاسم على أوكرانيا؟.

وجاء السؤال الثانى: هل من الحكمة لروسيا أن تستخدم الأسلحة النووية في هذه الحرب أو الأسلحة البيولوجية نظرا لعدم قدرة الأسلحة التقليدية في تحقيق نصر سريع وحاسم على أوكرانيا؟.. أما السؤال الثالث فهو خاص بالصين حيث جاء السؤال: هل تتخذ الصين الفرصة وتستولى على تايوان وتستغل انشغال الولايات المتحدة والمجتمع الدولى بالحرب الروسية الأوكرانية وتنتهى هذه المشكلة على الأقل مثلما فعلت روسيا واستولت على جزيرة شبه جزيرة القرم عام 2014، وقامت روسيا بضمها إلى ولايتها، والسؤال الرابع: هل تقوم الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها بإمداد أوكرانيا بأسلحة دفاعية محدودة التأثير لها هدف محدد؟.

وللإجابة عن السؤال الأول من أن روسيا ثانى أكبر قوة عسكرية في العالم ولم تستطع الاستيلاء على كييف العاصمة الأوكرانية هنا نوضح أن القتال في المدن هو من أصعب العمليات القتالية للجيوش النظامية، حيث إن رشاشا أو مدفعا مضادا للدبابات على ناصية الشارع يمكن أن يوقف كتيبة دبابات قوامها 41 دبابة، لذلك عادة ما تستخدم القوات النظامية لاحتلال أي مدينة سياسة الأرض المحروقة التي تقوم على أساس تدمير شامل بنيران قوية للقطاع الذي سيتم الاختراق منه، لذلك تتم إبادة أي أفراد أو أسلحة في ذلك القطاع، وبالتالى تدمير جميع المبانى والمنشآت، وبعدها تدخل القوات الرئيسية وتستولى على المدينة بعد تدميرها بالكامل.

ونظرة إلى ما حدث بمدينة ماريوبول التي احتلتها روسيا شرق أوكرانيا نجد، طبقا لتصريح عمدة المدينة، أن البنية الأساسية قد تم تدميرها بالكامل والميناء والمصنع الذي احتمى به آخر مجموعة من جنود المدينة تم تدميره بالكامل، لذلك كان من الممكن للقوات الروسية أن تستولى على مدينة كييف العاصمة بعد تدميرها، وهذا بالطبع سينتج عنه القضاء على الآلاف من السكان والمدنيين من النساء والأطفال، ويضع روسيا في موقف لا تحسد عليه أمام العالم كله.

كذلك أن هذا الأسلوب لا يتماشى مع رأى بوتين أنه لا يريد تحقيق النصر على الأرض ويخسر الشعب الأوكرانى الذي يعتبره بوتين جزءا من الشعب الروسى، وهذا ما حدث حاليا من أن روسيا خسرت شعب أوكرانيا، سواء من القتلى عند الاستيلاء على مدن شرق أوكرانيا، أو من الخمسة ملايين لاجئ أوكرانى الذين تركوا منازلهم إلى دول مجاورة، لذلك كان من الممكن لروسيا أن تستولى على أي مدينة أوكرانية، لكن بخسائر بشرية كبيرة، خاصة أن روسيا في هذه الحرب قدمت أنواعا جديدة من قوة النيران الصاروخية قادرة على تحقيق أي مهام في أوكرانيا.

ونأتى لإجابة السؤال الثانى، وهو: هل من الممكن أن تستخدم روسيا السلاح النووى والبيولوجى في تلك الحرب، أعتقد أنها كانت نوعا من الحرب النفسية التي أعلنت عنها في بداية الحرب عندما أصدر بوتن أوامره برفع استعداد قواته النووية في إشارة تهديد لدول العالم أن روسيا لديها إمكانات نووية وبيولوجية لكن استخدام هذه الأسلحة عادة يتم عندما تعجز القوات الروسية عن تنفيذ مهامها بالأسلحة التقليدية، وهذا أمر غير صحيح، لأن حجم القوة النيرانية الصاروخية الجديدة لروسيا كان كفيلا بتدمير أي أهداف تريد تدميرها، كما أن استخدام الأسلحة النووية في تلك الحرب سيحول القتال التقليدى إلى قتال نووى، وهذا أمر يرفضه المجتمع الدولى لأنه يعنى فناء البشر بالكامل.

كما أن استخدام السلاح النووى سوف يضع روسيا وبولندا في مهب انتشار السحب الذرية، وهو أمر مرفوض للجميع، كذلك فإن استخدام السلاح البيولوجى أمر لا يمكن إخفاؤه في العصر الحديث، حيث يمكن اكتشافه بسهولة بوجود آثار الاستخدام على المبانى وأوراق الشجر والطرق والمركبات، وهو أمر لا يمكن لروسيا أن تقدم عليه، خصوصا كما قلت أن إمكانياتها النيرانية الصاروخية التي عرضتها في هذه الحرب تجعلها قادرة على تحقيق أهدافها العسكرية دون استخدام سلاح نووى أو بيولوجى، لكنها كانت نوعا من الحرب النفسية لردع الآخرين وحتى لا تفكر الولايات المتحدة ودول حلف الناتو من محاولة التدخل في تلك الحرب.

أما السؤال الثالث حول إمكانية استغلال الصين الموقف الحالى العالمى وانشغال المجتمع الدولى بالحرب الروسية الأوكرانية، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية للاستيلاء بالقوة على جزيرة تايوان وضمها إلى الصين مثلما فعلت روسيا عام 2014.

وضمت شبه جزيرة القرم، فإن الرد على ذلك هو احتمال بعيد لأن الصين حاليا في مرحلة صعود اقتصادى كبير وأصبحت ثانى قوة اقتصادية في العالم، بل أصبحت تهدد اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية، والصين حاليا لا تريد أن يكون هناك عائق يوقف النمو والتقدم الاقتصادى الرهيب لها، وأن الصين بدخولها أي حرب يعنى توقف هذه التنمية الاقتصادية لأن الحرب مكلفة، كذلك العقوبات المنتظرة التي يمكن أن تنفذها الولايات المتحدة ودول الناتو ضدها سوف تزيد من ضعف اقتصادها.

وبالطبع ستكون فرصة عظيمة لأمريكا لكى تستنزف الاقتصاد الصينى في تلك الحرب، والأهم من ذلك أن موقف الصين مختلف عن روسيا، حيث إن قضية تايوان ممكن أن تنتظر عدة أعوام حيث إن الصين ليست في عجلة منها عكس روسيا أنها كانت مضطرة لغزو أوكرانيا لأنها كانت على وشك الدخول في حلف الناتو وبعدها لا يمكن لها غزوها لأنها ستكون في حماية الناتو.

من هنا فإن الصين ليست في عجلة من أمرها للاستيلاء على تايوان الآن، رغم أن القوات الصينية تقوم بعمل مناورات عسكرية حاليا في بحر الصين أمام جزيرة تايوان، رغم أنه لأول مرة منذ قيام دولة تايوان أصدرت الحكومة هناك تعليمات للمواطنين بالإجراءات المطلوب اتخاذها في حالة قيام الصين بغزو الجزيرة، من هنا نتوقع عدم قيام الصين بتنفيذ عملية عسكرية على تايوان في الوقت الحالى، حيث ستكتفى الصين بمعركتها الرئيسية، وهى معركة زيادة قوتها الاقتصادية والاستثمارية، خاصة في مشاريعها الجديدة مثل إعادة طريق الحرير القديم لتصل كل منتجاتها إلى كل دول العالم في آسيا وأوروبا، والتى من الممكن أن تخسر كل ذلك حال قيامها بالهجوم على تايوان في هذا التوقيت.

والسؤال الرابع: هل قيام الولايات المتحدة ودول الناتو بدعم أوكرانيا حاليا بأسلحة دفاعية محدودة الفاعلية يتم عن قصد، والإجابة نعم لأن الولايات المتحدة تريد أن تطيل أمد هذه الحرب لاستنزاف روسيا اقتصاديا، لذلك تقوم بإمداد أوكرانيا بهذه الأسلحة الدفاعية محدودة التأثير.

على أية حال تلك كانت بعض الأسئلة التي كانت تدور في أذهان العديد من المفكرين، وأردنا توضيح الإجابة عنها بعد مرور شهرين من الحرب الروسية الأوكرانية.



Email: sfarag.media@outlook.com