العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

ونص الاتفاق على إنشاء مركز فى إستانبول لمراقبة جميع تحركات السفن، والتفتيش عليها، لضمان عدم تهريب أى أسلحة أو معدات عسكرية، وذلك من خلال مفتشين عن أربع أطراف، مع تعهد كل من روسيا وأوكرانيا على عدم مهاجمة السفن التى تحمل الحبوب خلال رحلتها البحرية.

أوديسا... هل ستحل مشكلة الغذاء فى العالم؟

 

لواء د. سمير فرج

 30 يوليو 2022


فجأة اتجهت أنظار وحديث العالم كله إلى ميناء أوديسا الأوكرانى، باعتباره الحل لمشكلة الأمن الغذائى، هذا الميناء الذى يعد أكبر ميناء بحرى أوكرانى، وأكبر موانئ البحر الأسود، الذى تصل قدرته التصديرية إلى 40 مليون طن سنوياً، فضلاً عن اتصاله المباشر بخطوط السكك الحديدية الأوكرانية. إذ وجدت أوكرانيا نفسها تمتلك 22 مليون طن من الحبوب، التى لا تستطيع تصديرها، نتيجة لظروف الحرب الجارية، بينما موسم حصاد المحصول الأوكرانى الجديد قد بدأ وليس لديها صوامع للتخزين، وأصبحت إحدى مشاكل أوكرانيا هو التخلص من كمية الغذاء المخزونة.

ووجدت روسيا نفسها مضطرة إلى تخفيف الحصار عن أوكرانيا، حتى لا تبدو أمام العالم بأنها المتسببة فى زيادة معاناة الدول فى أزمتها الغذائية، ومن هذا المنطلق، تم يوم الجمعة الماضى 22 يوليو، فى إستانبول، عقد اتفاقية «الممر الآمن»، تحت رعاية الأمم المتحدة، وبوساطة تركية بين روسيا وأوكرانيا، والتى تمتد لمدة 120 يوما، قابلة للتجديد، وتتضمن الاتفاقية مروراً آمناً بين ميناء أوديسا، وميناءين أوكرانيين آخرين، على أن تُمنح أوكرانيا مدة عشرة أيام لتجهيز تلك الموانئ، لتبحر منها السفن المحملة بالحبوب الأوكرانية، فى البحر الأسود إلى مضيق البوسفور فى تركيا، لتنطلق للأسواق العالمية.

ونص الاتفاق على إنشاء مركز فى إستانبول لمراقبة جميع تحركات السفن، والتفتيش عليها، لضمان عدم تهريب أى أسلحة أو معدات عسكرية، وذلك من خلال مفتشين عن أربع أطراف، مع تعهد كل من روسيا وأوكرانيا على عدم مهاجمة السفن التى تحمل الحبوب خلال رحلتها البحرية. وخلال مرحلة التفاوض على الاتفاقية، بذلت الأمم المتحدة جهداً كبيراً فى إقناع شركات التأمين بعدم فرض رسوم عالية، تنعكس طردياً على أسعار الغلال والحبوب، وهو ما وضحت آثاره، فور توقيع الاتفاقية، بانخفاض أسعار الحبوب فى بورصاتها العالمية.

إلا أنه فى اليوم التالى، ثار غضب المجتمع الدولى، نتيجة للقصف الصاروخى لميناء أوديسا، والذى أعلنت روسيا أنها كانت تستهدف به مناطق عسكرية. وعلى أية حال، فقد عاد الهدوء، مرة أخرى، للميناء، ويستعد، حالياً، لشحن الحبوب الأوكرانية للعالم، فى رسالة من روسيا بأن حربها فى أوكرانيا، هدفها الأمن القومى الروسى، وليس تهديد الأمن الغذائى العالمى. وهو ما ستثبته الأيام القادمة، فى حال استمرار الهدنة، وتأمين ممرات للغذاء، لتصبح أوديسا نقطة الانطلاق لحل أزمة الغذاء العالمية.



Email: sfarag.media@outlook.com