العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

تنحبس أنفاس العالم، ترقباً لأحداث الأشهر الثلاثة القادمة، التى تحمل فى طياتها سيناريوهات، وبدائل، قد تغير شكل النظام العالمى كله.

ثلاثة أشهر قادمة حرجة
 

لواء د. سمير فرج

 22 سبتمبر 2022


تنحبس أنفاس العالم، ترقباً لأحداث الأشهر الثلاثة القادمة، التى تحمل فى طياتها سيناريوهات، وبدائل، قد تغير شكل النظام العالمى كله، ولعل أول تلك الأحداث، التجديد النصفى للكونجرس الأمريكى، وثانيها حرب الغاز الروسى وانعكاساتها على الدول الأوروبية، فضلاً عن مجريات الحرب الروسية - الأوكرانية، خاصة بعدنجاح الجيش الأوكرانى فى هجومه المضاد، الذى استرد به خمسة آلاف كيلو متر مربع من أراضيه التى كانت قد سيطرت عليها ثانى أكبر القوى العسكرية فى العالم. أما رابع الأحداث المرتقبة، فيتمثل فى تطور المباحثات المتعلقة بالاتفاق النووى الإيرانى، المتجمدة، حالياً، رغم ما قدمته إيران من تنازلات لإعادة التوقيع عليه، وأخيراً، وليس آخراً، الانتخابات الرئاسية الصينية، فى شهر نوفمبر القادم، والمتوقع فيها أن يُعاد انتخاب الرئيس الحالى، للمرة الثالثة.

كل تلك الأحداث المهمة، وغيرها، ينتظرها العالم خلال الأشهر الثلاثة القادمة, فإذا ما بدأنا بالنظر للانتخابات النصفية للكونجرس الأمريكى، فالخوف كبير، لدى الإدارة الأمريكية، ألا يحافظ الحزب الديمقراطى على أغلبيته فى الكونجرس، وهو ما سيضع الرئيس الأمريكى، جو بايدن، فى موقف حرج، خلال العامين القادمين، المتبقيين من فترة رئاسته الحالية، إذ تعتبر تلك الانتخابات، إلى حد ما، مؤشراً لنتائج الانتخابات الرئاسية القادمة، المقرر أن تبدأ حملاتها الرسمية بعد سنة من الآن، وهو ما يُصعب من مهمته فى تمرير القوانين والقرارات، التى يتعين عليه دراسة نتائجها بحذر شديد، لتأثيرها المباشر على مجرى الانتخابات، سواء النيابية أو الرئاسية. ولعل ذلك أحد أسباب تأجيل، الرئيس الأمريكى، البت فى الاتفاق النووى الإيراني.

أما بالنسبة لنتائج حرب الغاز الروسى، بعد إعلان روسيا رفضها تحديد سقف لسعر الغاز، ووقف ضخ الغاز لدول أوروبا، عبر خط نوردستريم 1، معللة ذلك بضرورة إجراء عمليات صيانة، قد تستغرق عدة أشهر،فيبرز السؤال عن مدى قدرة الدول الأوروبية على الالتزام بموقفها الموحد، أمام روسيا، رغم اقتراب فصل الشتاء القارس، فهل ستصمد أوروبا، أم سينهار موقفها أمام ضغط الشعوب المطالبة بعدم التفريط فى حقها فى التدفئة، لأجل صراعات سياسية؟ وهو، ما أظنه، الجواد الرابح، الذى بنت عليه روسيا استراتيجيتها لتفكيك الاتحاد الأوروبى.

أما إذا نظرنا لنجاح الجيش الأوكرانى فى هجومه المضاد ضد القوات الروسية، واستعادة خمسة آلاف كيلو متر مربع من الأراضى التى سيطرت عليها روسيا، بما أثر سلبياً على هيبة المؤسسة العسكرية الروسية، المصنفة ثانى أقوى الجيوش فى العالم، بعد الولايات المتحدة، فالتحليل المبسط لتلك النتيجة، أن الجيش الأمريكى قد سخّر كل إمكاناته لجمع معلومات دقيقة، لوضع الخطة التى نفذتها القوات الأوكرانية، ضد أصعب الدفاعات، فنجح الهجوم المضاد!إلا أن استبعاد رد فعل روسى، خلال الأيام القادمة، ليس من الحكمة بمكان، فمن المؤكد أن الرئيس الروسى، بوتين، سيقوم بالرد لترسيخ مكانته داخل بلاده، ولاستعادة الأوضاع، وتأكيد قوة الجيش الروسي. ومما يؤكد تلك التوقعات هو تحذير الرئيس الأمريكى، جو بايدن، نظيره الروسى، بوتين، من استخدام أسلحة نووية أو كيماوية خلال الحرب فى أوكرانيا.

ويرى المحللون أن رد الفعل الروسى، سيكون على محورين، أولهما فى اتجاه أوكرانيا، بتوجيه ضربات صاروخية ضد أهداف البنية الأساسية، مثل محطات المياه، والكهرباء، ومحطات السكك الحديدية، التى تعد عصب الحياة لأى دولة، وذلك للضغط على الرئيس الأوكرانى، زيلينسكى، وإجباره على التفاوض، وقبول الشروط الروسية، التى تشمل حياد أوكرانيا، وعدم انضمامها لحلف الناتو، وقبولها بتبعية شبه جزيرة القرم إلى روسيا، واعترافها باستقلال الجمهوريات الانفصالية عن أوكرانيا. أما على الصعيد الدولى، فمن المنتظر أن تعيد روسيا مراجعة شروط الممرات المائية، فى البحر الأسود، لعبور الحبوب، من أوكرانيا إلى العالم الخارجى، بعدما أشارت إلى أن فتح تلك الممرات لم يخدم دول العالم الأكثر احتياجاً، وهو ما يعد أداة ضغط على المجتمع الدولى.

ويبقى الاتفاق النووى الإيرانى محل أنظار العالم، فهل ستقبل إيران استمرار تجميد المباحثات بعدما قدمته من تنازلات كبيرة، من وجهة نظرها، كالرضوخ لعدم رفع الحرس الثورى الإيرانى من كشوف الجماعات الإرهابية، وهل سيظل النظام الإيرانى ساكناً أمام تردى أوضاعه، واستمرار العقوبات الاقتصادية الأمريكية عليه. وهل ستتوقف جهود الوساطة الأوروبية، للتعجيل بالتوقيع على ذلك الاتفاق، فى ظل تعطشها للنفط الإيرانى، لسد العجز الناجم عن توقف ضخ الغاز الروسى؟

وعلى صعيد متصل، يترقب العالم موقف إسرائيل الرافضة لذلك الاتفاق، كما يترقب الوساطة الأمريكية لتوقيع اتفاق محتمل لترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان. أما الانتخابات الرئاسية الصينية، التى ستجرى فى نوفمبر القادم، والمتوقع فيها إعادة انتخاب الرئيس الحالى، للمرة الثالثة، فتضفى سؤالاً مهماً عن أثر ذلك على تايوان، وهو ما أكدته، قبلاً، ومازلت أؤكده، بأن الصين أذكى، وأحكم، من أن تنخرط فى أى صراع عسكرى ضد تايوان، من شأنه تعطيل مسيرتهاالاقتصادية، أو النيل من هدفها، بأن تصبح أكبر قوة اقتصادية على مستوى العالم.

إن غداً لناظره قريب، وسنستمر فى متابعة متغيرات الشهور الثلاثة القادمة، وانعكاساتها على دول العالم، خاصة النامية منها، التى مازالت تترقب وصول شحنات القمح، والذرة، والزيوت، والأسمدة، للتخفيف من وطأة الأوضاع الاقتصادية العالمية على شعوبها.



Email: sfarag.media@outlook.com