العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

وكل هذه التطورات تمهد الطريق أمام ترامب للحصول على جائزة نوبل فى نهاية العام.

هل انتهى شهر العسل بين نيتانياهو وترامب؟
 

لواء د. سمير فرج

 13 مايو 2025


السياسة هى لعبة مصالح؛ فإذا كانت مصلحة الدولة تتجه إلى اليمين، فإن سياسة الدولة ستتجه إلى اليمين أيضًا، وهذا ما شهدناه فى الأيام الماضية. فقد أعلنت الولايات المتحدة فجأة اتفاقا مع الحوثيين، يقضى بوقف الهجمات المتبادلة بين الطرفين حيث ستتوقف أمريكا عن ضرباتها الجوية، مقابل أن يوقف الحوثيون هجماتهم على السفن الأمريكية والأوروبية فى البحر الأحمر. المفاجأة الكبرى كانت أن أمريكا لم تأخذ مشورة إسرائيل فى هذا الاتفاق، رغم أنها كانت طرفًا أساسيًا فى العمليات العسكرية فى البحر الأحمر. الأدهى من ذلك أن إسرائيل علمت بالاتفاق من وسائل الإعلام وهذا أغضب إسرائيل كثيرا. وقد صرّح السفير الأمريكى فى تل أبيب بأن الولايات المتحدة ليست مضطرة للحصول على إذن من إسرائيل لاتخاذ مثل هذا القرار.

ولقد ظهرت بوادر توتر العلاقات أو انتهاء فترة شهر العسل بين نيتانياهو وترامب عندما نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلى عن مصادر مقربة من ترامب أن أمريكا أبلغت وزير الشئون الاستراتيجية الإسرائيلى، رون ديرمر، بأن الرئيس الأمريكى قرر فى زيارته إلى الشرق الاوسط عدم زيارة إسرائيل. وقد جاء هذا الاتفاق بين أمريكا والحوثيين بناءً على تقارير من البنتاجون تم تقديمه الى الرئيس الأمريكى ترامب تفيد بقدرات الحوثيين العالية فى استخدام الطائرات المسيّرة والصواريخ.

ومن أبرز الأمثلة على ذلك: إصابة طائرة أمريكية من طراز F-18، وحدوث أضرار طفيفة فى حاملة الطائرات "ترومان". وتأتى هذه القدرات الحوثية نتيجة وجود خبراء إيرانيين فى اليمن، وهو ما لم يحدث فى جنوب لبنان خوفًا من رد فعل إسرائيلى مباشر باختطاف هؤلاء الخبراء وتصبح ايران فى وضع سيئ. حيث نجح الحوثيون فى إطلاق صواريخ وصلت إلى مطار بن جوريون فى تل أبيب، مما أدى إلى إطلاق صفارات الإنذار، وهذا شكل ضربة قوية لإسرائيل، التى فشلت بعد عام ونصف عام من الحرب فى تأمين شعبها ورغم وجود ثلاثة أنظمة إسرائيلية مضادة للصواريخ هى القبة الحديدية ومقلاع داوود وأرو علاوة على احدث نظام امريكى ثاد موجود فى إسرائيل كل هذا لم يجعلها تكتشف او تتصدى لهذه الهجمات مما ادى الى غضب وتظاهرات بين الشعب الإسرائيلى ضد حكومته. وأصبح الآن على إسرائيل، بعد انسحاب الولايات المتحدة من قتال الحوثيين، أن تقاتل الحوثيين منفردة، بعد أن كانت قطع البحرية الأمريكية والتحالف تتعرض لصواريخ ومسيّرات الحوثيين فى البحر الأحمر قبل وصولها لإسرائيل لدرجة أن إسرائيل قامت يوم الأحد بغارات ضد المواقع البحرية فى اليمن، لإرسال رسالة بأنها لا تهتم بانسحاب الولايات المتحدة من القتال.

النقطة الثانية فى الخلاف الأمريكى الإسرائيلى تتعلق بملف إيران النووي؛ فبينما ترى إسرائيل ضرورة توجيه ضربة عسكرية أمريكية ـ إسرائيلية مشتركة لتدمير المفاعلات النووية الإيرانية، بينما ترفض الولايات المتحدة هذا الخيار، خشية تصعيد يهدد استقرار الخليج العربى، خاصة أن إيران تسيطر على مضيقى هرمز وباب المندب، ما قد يؤثر بشكل مباشر على التجارة العالمية، خاصة أن النفط فى منطقة الخليج يمثل 20% من حجم تجارة النفط العالمي. إضافة إلى ذلك، تجاهل نيتانياهو دعوة الرئيس الأمريكى بضرورة إدخال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة، مما دفع الصحف الأمريكية إلى الإشارة إلى أن صبر الإدارة الأمريكية وترامب تجاه رئيس وزراء إسرائيل بدأ ينفد. ويرى محللون فى مركز هدسون أن الخلافات بين الجانبين، وإن لم تُعلن رسميًا، إلا أنها باتت واضحة، إذ أصبح ترامب يضع مصلحة أمريكا فى المقام الأول، ومصلحة إسرائيل فى مرتبة لاحقة وهو امر لم يحدث من قبل ولم يكن أحد يتوقعه. ووصل الأمر إلى بعض المحللين إلى احتمال قيام ترامب بإعلان اعتراف بالدولة الفلسطينية. ويأتى الخوف من ذلك فى إسرائيل، مع الأخبار التى تؤكد احتمال قيام الرئيس ترامب بإعلان خطة وقف إطلاق النار فى غزة فور وصوله إلى الشرق الأوسط، يعلن فيها انسحاب إسرائيل من غزة، وتسليم الرهائن بالكامل دفعة واحدة. خاصة بعد قيام حماس بتقديم عربون صداقة إلى أمريكا بتسليم الرهينة الأمريكية، الموجودة لدى حماس، خاصة أن ذلك التسليم جاء دون رغبة إسرائيل، بل أعلن رئيس الوزراء نيتانياهو أنه لن يفرج عن أى أسرى فلسطينيين فى سبيل الرهينة الأمريكية. كل تلك الأمور ترعب إسرائيل الآن، حيث يرى المراقبون أن ترامب بدأ يضع مصلحة أمريكا ومصلحته هو شخصيًا فى أن يحقق السلام فى الشرق الأوسط، بعد نجاحه منذ عدة أيام فقط فى إيقاف القتال بين الهند وباكستان، وبعدها يدخل هذا الاسبوع فى تحقيق السلام فى الشرق الأوسط، بعدها ينطلق الى أوروبا لتحقيق السلام بين روسيا وأوكرانيا، خاصة انه طلب من روسيا وأوكرانيا الاجتماع فى نهاية الاسبوع فى تركيا لبحث وقف إطلاق النار وتحقيق السلام.

وكل هذه التطورات تمهد الطريق أمام ترامب للحصول على جائزة نوبل فى نهاية العام، فلو نجح فى إنهاء الحرب الأولى بين روسيا وأوكرانيا، والثانية فى غزة، والثالثة بين الهند وباكستان، فإنه بذلك يكون قد أنهى أكثر الحروب تأثيرًا فى العصر الحديث، وأسهم فى تحقيق السلام العالمى.

ومن هذا المنطلق، يرى ترامب أنه الأجدر بالحصول على الجائزة، باعتباره الوحيد الذى استطاع إيقاف ثلاث حروب كبيرة، ولهذا، تعيش إسرائيل الآن حالة من الرعب والقلق، بينما يترقب الجميع زيارته المرتقبة إلى منطقة الخليج. ومن هنا يتساءل العالم:هل انتهى شهر العسل بين نيتانياهو وترامب؟ وهل سيؤثر ذلك على أى تحرك أمريكى لحل أزمة الشرق الأوسط فى المرحلة المقبلة؟



Email: sfarag.media@outlook.com