العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

ولعل ذلك أحد الأسباب التى تدفع نيتانياهو لإطالة زمن الحرب فى غزة، على أمل عودة ترامب للسلطة، ليحقق لإسرائيل مبتغاها فى دولة واحدة.

من يخاف عودة ترامب
 

لواء د. سمير فرج

 4 يوليو 2024


خمسة أشهر، وتبدأ معركة الرئاسة، فى الولايات المتحدة الأمريكية، يوم 5 من نوفمبر القادم،بين الرئيس الحالى، جو بايدن، وغريمه، الرئيس السابق، دونالد ترامب، التى يترقبها البعض، بكثير من القلق والخوف من وصول ترامب إلى السلطة، لما قد يحمله وصوله من تغيرات عدة، لها انعكاسات سلبية على مصالح عدد من الجهات. وفى ظنى، أن أول المتخوفين هم الفلسطينيون، الذين يعتقدون أن وصول ترامب للسلطة، سيكون قطع الأمل فى حل القضية الفلسطينية فى إطار الدولتين، فى ضوء رؤيته المعلنة بأن حل القضية الفلسطينية لابد أن يكون من خلال دولة واحدة، هى إسرائيل،التى تضم الشعب اليهودى، ومعهم المسلمون والمسيحيون، وأن تكون عاصمتها القدس الموحدة؛ الشرقية والغربية.

ولعله ليس غائبا علينا، أن الحملات الانتخابية لكل المرشحين الأمريكيين، لمنصب الرئاسة، على مدى العقود الماضية، حملت وعودا بنقل السفارة الأمريكية، فى إسرائيل، من تل أبيب إلى القدس، إلا أن أحدا لم ينفذ تلك الوعود، بعد الوصول إلى البيت الأبيض، إلا ترامب، الذى فعلها، وأطلق على القضية الفلسطينية اسم قضية القرن. كما لا يخفى على أحد العلاقة الوطيدة التى تجمع الرئيس الأمريكى، السابق، ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو، الذى حرص على استخدام صوره الفوتوغرافية مع الرئيس ترامب، فى حملته الانتخابية، السابقة، لرئاسة الحكومة الإسرائيلية، ليؤكد للناخب الإسرائيلى، دعم ترامب، وبالتالى تأييد أمريكا له.

ولعل ذلك أحد الأسباب التى تدفع نيتانياهو لإطالة زمن الحرب فى غزة، على أمل عودة ترامب للسلطة، ليحقق لإسرائيل مبتغاها فى دولة واحدة، عكس منهج الرئيس الأمريكى، الحالى، جو بايدن، الذى يرى أن حل المشكلة فى إطار الدولتين؛إحداهما إسرائيلية وعاصمتها القدس الغربية، والأخرى فلسطينية، فى الضفة الغربية وقطاع غزة، وعاصمتها القدس الشرقية.

أما ثانى المتخوفين من وصول ترامب للسلطة، فهى إيران، بناءً على تجربتها معه، فى أثناء فترة حكمه السابقة، والتى بدأها بانسحاب بلاده من الاتفاق النووى مع إيران 5 + 1، بل وفرض عليها عقوبات اقتصادية كبيرة، مما جعل فترة حكمه، التى امتدت لأربع سنوات، هى الأصعب فى تاريخ إيران، من الناحية الاقتصادية، التى ألقت بظلالها القاتمة على النواحى السياسية والاجتماعية. ولا تنسى إيران اغتيال قاسم سليمانى، الزعيم العسكرى، الشعبى، قائد فيلق القدس، التابع للحرس الثورى الإيرانى، الذى تم القضاء عليه، بأوامر من الرئيس ترامب، يوم 3 يناير 2020، فى عملية جوية أمريكية، أطلقت عليها أمريكا اسم البرق الأزرق، أغارت خلالها على موكبه، بواسطة طائرة مسيرة بدون طيار، فى أثناء خروجه من مطار بغداد، ليلقى حتفه، على الفور، ومعه تسعة أفراد، من بينهم نائب وقائد قوات الحشد الشعبى العراقى أبومهدى المهندس.

وأقيمت جنازة لقاسم سليمانى، فى عدد من المدن الإيرانية، وبعض المدن العراقية، شاركت فيها حشود غفيرة، حتى إن 565 فردا، لقوا مصرعهم، نتيجة للزحام، والتدافع، خلال الجنازة، التى أقيمت فى إيران. وفى يوم 7 يناير 2020، بعد ساعات من دفن سليمانى، أطلق الحرس الثورى الإيرانى عددا من الصواريخ على قاعدة عين الأسد الأمريكية، فى العراق، والتى أصابت أسوار القاعدة، دون أن تحدث أى خسائر أو إصابات بين صفوف الجنود الأمريكيين الموجودين فيها. وبدا مقتل قاسم سليمانى وكأنه بداية للتوتر والتصعيد بين الولايات المتحدة وإيران، لنتفاجأ بإعلان الرئيس ترامب، خلال جولاته الانتخابية، الأخيرة،بأن قصف أسوار قاعدة عين الأسد، تم بعد تنسيق إيران مع الولايات المتحدة الأمريكية، والتزامها بعدم المساس بالقاعدة نفسها، والقوات الموجودة فيها، وأن العملية لم يُقصد منها إلا تهدئة الرأى العام الإيراني!

ولا تقتصر قائمة المتخوفين على من سبق، وإنما تمتد، بالطبع، إلى الرئيس الأوكرانى، الذى وصفه ترامب، مؤخرا، بأنه أشطر بائع على الإطلاق، فى أثناء خطابه فى تجمع انتخابى، فى مدينة ديترويت، بولاية ميتشيجان، مضيفا أنه فى كل مرة يأتى إلى أمريكا، لا يغادرها، إلا ومعه ما لا يقل عن 60 مليار دولار، متهما جو بايدن، بإهدار الأموال على نحو لم يسبق له مثيل، إذ أنفق نحو 113.4 مليار دولار، فى إطار مساعدات أمريكية لأوكرانيا. لذا أعتقد أن الرئيس الأوكرانى يرتعد خوفا من وصول ترامب للسلطة، لأنه، أولا، لن يغدق عليه الأموال مثلما يفعل بايدن، ثانيا لأن ترامب قد صرح، من قبل، بأنه لو كان موجودا فى السلطة، لما وقعت تلك الحرب الروسية الأوكرانية.

علاوة على تصريح، آخر، أشد قسوة، على أوكرانيا، بأنه سينهى تلك الحرب فى غضون أسبوع، فور وصوله للحكم، وهو ما فسره الجميع، بالاستجابة، إلى حد كبير، للمطالب الروسية،بعدم وقف القتال، إلا بعد ضم الولايات الأربع؛ لوهانسك ودونتسك وزابورجيا وخيرسون، مع تعهد أوكرانيا بعدم الانضمام إلى حلف الناتو، وضمان عدم حصول أوكرانيا على السلاح النووي. وأعتقد أن ترامب سيوافق على عدم انضمام أوكرانيا للحلف، باعتبار انضمامها غير ذى أهمية تذكر، كما سيضمن عدم حصولها على السلاح النووى، أما فيما يخص ضم الولايات الأربع، فسيكون محلا للتشاور أو التفاوض، مع طرح بدائل، كمنحهم حكما ذاتيا، أو إجراء استفتاء جديد، وهو ما يعنى، حتما، نهاية حكم الرئيس الأوكراني.

وهكذا، نرى الكثيرين ممن لا يرحبون، أبدا، بوصول ترامب إلى السلطة، وعودته إلى البيت الأبيض، ولهم فى ذلك أسبابهم.



Email: sfarag.media@outlook.com