العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

وعمومًا فإن الانتخابات هذا العام تبرز أمامها قضايا مهمة أمام الناخب الأمريكى. هى: حق الإجهاض، أمن الحدود، الهجرة، الرعاية الصحية، التعليم، الاقتصاد، السياسة الخارجية، حقوق المثليين، وتغير المناخ، وأخيرًا الديمقراطية.

من الخاسر ومن الكاسب عند فوز «ترامب» أو «كامالا»؟
 

لواء د. سمير فرج

 3 أغسطس 2024


مائة يوم فاصلة على الانتخابات الأمريكية القادمة التى يتابعها العالم كله وينتظر نتائجها. فالانتخابات الأمريكية القادمة ٢٠٢٤ هى الانتخابات الرئيسية الستون فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، التى تجرى كل أربع سنوات، والتى ستجرى هذا العام يوم الثلاثاء الخامس من نوفمبر ٢٠٢٤، حيث ينتخب الشعب الأمريكى الرئيس ونائبه لمدة أربع سنوات قادمة.

ويترشح هذه المرة دونالد ترامب، عضو الحزب الجمهورى، لإعادة انتخابه لولاية ثانية غير متتالية. بعد خسارته أمام جو بايدن فى ٢٠٢٠. ويدخل هذه المرة وأمامه من الحزب الديمقراطى كامالا هاريس، التى كانت نائبة للرئيس الأمريكى الحالى جو بايدن، الذى اعتذر عن دخوله الانتخابات القادمة بسبب ظروفه الصحية. ويبرز أيضًا إف. كيندى جونيور. كمرشح رئيسى من الحزب الثالث. وبعض الشخصيات الأخرى.

وعمومًا فإن الانتخابات هذا العام تبرز أمامها قضايا مهمة أمام الناخب الأمريكى. هى: حق الإجهاض، أمن الحدود، الهجرة، الرعاية الصحية، التعليم، الاقتصاد، السياسة الخارجية، حقوق المثليين، وتغير المناخ، وأخيرًا الديمقراطية.

وفى هذه المرة لو فاز ترامب فسيكون ثانى رئيس أمريكى يفوز بولاية ثانية غير متتالية. لينضم إلى جروفر كليفلاند عام ١٨٩٢. كذلك يعتبر ترامب أول رئيس فى تاريخ أمريكا يتم عزله مرتين. وأول رئيس أمريكى يترشح مرة أخرى بعد العزل، حيث تم عزله فى المرة الأولى من مجلس النواب الذى يسيطر عليه الديمقراطيون فى ديسمبر ٢٠١٩ بتهمة إساءة استخدام السلطة وعرقلة عمل الكونجرس فى انتخابات عام ٢٠١٦. أما المساءلة الثانية فهى من مجلس النواب ٢٠٢١ بتهمة التحريض على التمرد بسبب دوره فى الهجوم على الكابيتول فى ٦ يناير.. ولكن جاء مجلس الشيوخ وقام بتبرئة ترامب من التهمتين، لذلك لم يُمنع من الترشح للرئاسة فى عام ٢٠٢٤، وبعد اعتذار جو بايدن عن هذا السباق الرئاسى جاءت المفاجأة بدخول كامالا هاريس، وهذه المرة جاء تقدم ترامب بفارق نقطتين فقط عن كامالا هاريس بعد أن كان ترامب يتقدم من قبل بفارق ست نقاط مئوية فى آخر استطلاع سابق عن جو بايدن.

لذلك جاء ظهور كامالا هاريس لتقلب الموازين فى هذا السباق. خاصة عندما حققت جمع ٢٠٠ مليون دولار فور ظهورها كمرشحة، و١٧٠ ألف متطوع قدموا أسماءهم لمساعدة كامالا. ولقد حظيت كامالا هاريس بتأييد نانسى بيلوسى، رئيسة الكونجرس السابقة، والرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون، ووزيرة الخارجية السابقة هيلارى كلينتون، كذلك أعلن الرئيس الأسبق باراك أوباما وزوجته تأييدهما لكامالا، وكلهم بالطبع أعضاء رئيسيون فى الحزب الديمقراطى.

وتعتبر كامالا هاريس أول امرأة سوداء من أصول آسيوية لاتينية تشغل منصب المدعى العام فى منطقة سان فرانسيسكو، ثم ولاية كاليفورنيا، ثم فازت بمقعد فى مجلس الشيوخ عام ٢٠١٧، ثم وصلت إلى أقصى ما تحلم به، وهو منصب نائب رئيس الأمريكى جو بايدن خلال فترة رئاسته أربع سنوات.

ومن هذا المنطلق بدأ ترامب يهاجم كامالا هاريس بشراسة، ويصفها بأنها يسارية متطرفة معتوهة ستدمر بلادنا. وتابع وصفه بأنها قوة الدفع الليبرالية المتطرفة فى الولايات المتحدة الأمريكية التى دعمت كل كوارث بايدن. بل أطلق عليها كامالا الكاذبة، وأضاف أنها مسؤولة عن كل كوارث الرئيس جو بايدن السابقة.

ومن هنا بدأ الجميع يتساءل: ماذا لو فاز دونالد ترامب أو كامالا هاريس، من المستفيد، ومن الخاسر؟ والواقع أن أكثر المستفيدين من فوز ترامب هو رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو، صديقه الشخصى، حيث سيقوم ترامب بدعم إسرائيل أكثر وأكثر فى الفترة القادمة. خاصة أن ترامب هو الرئيس الأمريكى الوحيد الذى أصدر من قبل قراره بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس.

أما أكبر الخاسرين فى حالة فوز ترامب فهو القضية الفلسطينية، لأنه لا يؤمن بحل الدولتين، وهو نفس رأى نتنياهو. وبالنسبة للحرب الروسية- الأوكرانية فإن أكبر الخاسرين عند فوز ترامب هو الرئيس الأوكرانى زيلينسكى، الذى وصفه ترامب بأنه تاجر شنطة يأتى للولايات المتحدة كل مرة ويعود ومعه الأموال من الخزينة الأمريكية. كذلك أعلن ترامب أنه فور توليه سوف يوقف الحرب الروسية- الأوكرانية. بل أضاف أنه لو كان موجودًا لما حدثت هذه الحرب من الأساس. وهى نفس الجملة التى قالها ترامب حول حرب غزة. حيث قال إنه لو كان موجودًا لما حدث هجوم السابع من أكتوبر من حماس على إسرائيل.

وبالنسبة لكامالا فإنه متوقع فور وصولها إلى كرسى الرئاسة فى البيت الأبيض أنها سوف تنتهج نفس سياسة جو بايدن والحزب الديمقراطى فى الفترة السابقة. ويكفى قولها عندما قابلت رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو فى زيارته الأخيرة إلى واشنطن إن هناك تعاطفًا أمريكيًا ضد المجازر التى تتم ضد الشعب الفلسطينى فى غزة، الأمر الذى أصاب استياء اليمين المتطرف فى إسرائيل، وجاء رد الرئيس ترامب عليها بأن أى يهودى أمريكى لن يعطى صوته لكامالا هاريس فى الانتخابات القادمة.

وعلى الطرف الآخر، فإن كامالا هاريس سوف تستمر فى مساعدة أوكرانيا فى حربها ضد روسيا، كذلك سوف تدفع دول أوروبا وحلف الناتو إلى تقديم الدعم العسكرى والمادى لأوكرانيا. وبالنسبة لموقف أمريكا تجاه أوروبا، أعتقد أن الرئيس ترامب سيواجه هذه المرة بالموقف اليمينى المتطرف الذى بدأت تتخذه دول أوروبا، لذلك سوف يعيد دعوته إلى دول حلف الناتو لتسديد كل دولة ما عليها من التزامات مالية للحلف. حيث يعتقد أن أمريكا لن تدافع وحدها أمام العدائيات المنتظرة أمام أوروبا، وهو الأمر الذى سيُحدث مشكلة كبيرة فى حالة تولى ترامب مقعد الرئاسة، حيث إن اليمين المتطرف المسيطر الآن على أوروبا يُنادى بالابتعاد عن السيطرة الأمريكية، وأن مصلحة دول أوروبا أولًا، خاصة أن شعوب أوروبا حاليًا مستاءة من دفع الأموال لدعم أوكرانيا خلال الفترة القادمة.

أما كامالا هاريس فأعتقد أنها ستعمل على إعادة توحيد حلف الناتو، حتى لا تكون الولايات المتحدة هى حائط الصد الوحيد أمام روسيا. وبالنسبة للعلاقات الأمريكية مع ايران فأعتقد أنه بوصول ترامب إلى السلطة سوف تزيد الضغوطات والعقوبات ضد إيران. بهدف عدم حصولها على السلاح النووى. وإن كنت أرى أنه مع دخول ترامب- إذا فاز- إلى المكتب البيضاوى فى البيت الأبيض يوم ٢٠ يناير ٢٠٢٥، ستكون إيران قد دخلت مرحلة إنتاج سلاحها النووى مع بدء العام القادم. وهكذا فإن الجميع ينتظر نتائج هذه الانتخابات الأمريكية القادمة، لأن هناك من هو كسبان ومن هو خسران.



Email: sfarag.media@outlook.com