العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

وهو ما يقودنا للاحتمال الثانى، الذى أميل لحدوثه، وهو أن وقف الحرب فى غزة لن يتم قبل انتقال السلطة، فعليا، للرئيس ترامب.

ماذا بعد نجاح ترامب.. رؤية تحليلية
 

لواء د. سمير فرج

 14 نوفمبر 2024


فاز دونالد ترامب فى سباق الانتخابات الأمريكية، بأغلبية أصوات المجمع الانتخابى، ليصبح الرئيس رقم 47 للولايات المتحدة الأمريكية، لمدة أربع سنوات قادمة، تبدأ من يوم 20 يناير 2025، محققاً بذلك إنجازاً تاريخياً للحزب الجمهورى، صاحب الأغلبية فى مجلس النواب، ومجلس الشيوخ، ليصبح مبنى الكابيتول، بالكامل، تحت سيطرة الحزب، فضلاً عن الأغلبية داخل المحكمة العليا للولايات المتحدة. وهو ما دفع، البعض، للتفكير بأن تركيز السلطات، الدستورية والتشريعية والتنفيذية، بيد الحزب الجمهورى، سيجعل من ترامب ديكتاتوراً، إلا أن ذلك الطرح وجد من يعارضه، بالتعويل على الدولة العميقة فى أمريكا، التى لن تسمح له بذلك. وفور إعلان فوز ترامب، تصدر المشهد سؤال تقليدى، نابع من اهتمام العامة والمتخصصين، على حد السواء، عن قدرته على وقف الحرب فى غزة ولبنان، أو تلك الدائرة، منذ سنوات، بين روسيا وأوكرانيا، فى ضوء إعلانه،خلال حملته الانتخابية، بأنه لو كان موجوداً فى البيت الأبيض، لما اندلعت تلك الحروب، من الأساس، وبأن وصوله لمنصب الرئيس، هو الضمان الوحيد لوقفها، فوراً.فهل سيفى بوعوده الانتخابية، أم أنها لم تتجاوز كونها وسيلة لحشد أصوات الكتل المعنية بهذا الشأن، وهم كُثر، وقادرون على ترجيح أحد الخيارين، كما تابعنا.

يرى البعض أن ترامب صاحب باع فى الوفاء بوعوده، مستشهدين على ذلك، بفترة رئاسته السابقة، التى نفذ فيها وعده بنقل السفارة الأمريكية، فى إسرائيل، من تل أبيب إلى القدس،ليصبح الرئيس الأمريكى، الأوحد، الذى وعد بذلك خلال حملته الانتخابية، ونفذ بالفعل،على عكس سابقيه، ممن ساقوا نفس الوعد، ولم يفِ أى منهم به، بعد وصولهم للحكم. لذا يتوقع، الكثيرون، أن ينفذ ترامب وعده، هذه المرة، أيضاً، وتتوقف الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، وبين روسيا وأوكرانيا.

دعونا، فى البداية، نتناول الحرب فى الشرق الأوسط، التى يدور توقفها حول احتمالين؛ أولهما أن يعمل جو بايدن، خلال الشهور الباقية له فى البيت الأبيض، على وقف الحرب، ليحسب له النجاح فى ذلك، خاصة بعد فشله فى خوض الانتخابات على فترة ولاية ثانية، وهو مايعيب تاريخ أى رئيس لأمريكا، إلا أننى لا أرجح ذلك الاحتمال، لعدة أسباب، أهمها إصرار نيتانياهو على القضاء على القوة العسكرية لحزب الله فى جنوب لبنان، وحصرها لما بعد نهر الليطانى، وهذا ما سيستغرق، فى تقديرى، حتى نهاية العام.

وهو ما يقودنا للاحتمال الثانى، الذى أميل لحدوثه، وهو أن وقف الحرب فى غزة لن يتم قبل انتقال السلطة، فعليا، للرئيس ترامب، بسبب الصداقة التى تجمع بين نيتانياهو وبينه، والتى ستدفع الأخير لتأجيل وقف إطلاق النار، لتحقيق ميزة سياسية لصديقه العزيز ترامب. والحقيقة أن أكبر الخاسرين، فى تقديرى، من وصول ترامب للبيت الأبيض،هى القضية الفلسطينية، فى ضوء إيمانه بأن حلها لايكون من خلال دولتين، وإنما دولة واحدة، تجمع الفلسطينيين والإسرائيليين، وهو ما يتفق مع التوجهات الحالية لرئيس الوزراء الإسرائيلى نيتانياهو.

أما بالنسبة للحرب الروسية الأوكرانية، فقد أعلن جو بايدن، خلال الأسبوع الماضى، دعمه أوكرانيا بصفقة جديدة من الأسلحة، فى ظل علمه بأن حل تلك الأزمة، والوصول لاتفاق لوقف إطلاق النار، سيكون على حساب خسائر كبيرة جداً لأوكرانيا، وحيث إنه لن يريد أن يكون إحلال السلام على حساب أوكرانيا، لذا أظنه سيترك تلك المهمة لترامب، الذى تجمعه علاقات طيبة بالرئيس الروسى بوتين، من ناحية، كما أنه لا يهمه إلا تحقيق وعده الانتخابى بوقف إطلاق النار، من ناحية أخرى، حتى لو كان ذلك على حساب بعض الخسائر على الجانب الأوكراني. وبالنسبة لموقف الإدارة الأمريكية الجديدة من إيران، فلا أظنه يخفى على أحد رفض ترامب انضمام إيران للنادى النووى، وهو ما اتخذ خطوات تنفيذية للحيلولة دونه، خلال فترة رئاسته السابقة، وأظنه سيستكمل ما بدأه، بفرض مزيد من العقوبات الاقتصادية على إيران، ومنها وقف تصدير النفط، لتقويض خطتها بامتلاك السلاح النووى فى عام 2025.

وعلى صعيد آخر، وفى سياق استكمال ما بدأه من قبل، فقد بدأ القلق ينتاب زعماء وقادة الدول الأوروبية، من إعادة مطالبتهم بتخصيص نسبة 5% من دخل كل دولة أوروبية، لتمويل حلف الناتو، فى ضوء ما كرره، مراراً، بأن بلاده ليست مسئولة عن الدفاع عن دولهم الأوروبية ضد أى تهديدات.

أما فيما يخص مصر، وموقف ترامب بعد وصوله إلى البيت الأبيض يوم 20 يناير المقبل، فأظنه سيبقى مؤيداً لها، كما كان خلال فترة حكمه الأولى، تقديراً منه للإدارة السياسية بقيادة الرئيس السيسى، ولدور مصر القيادى فى المنطقة. فضلاً عن دعمه قضاياها، ومنها إيمانه بأحقية مصر فى مشكلة سد النهضة، وهو ما دفعه، سابقاً، لدعوة وزراء الرى المصرى والسودانى والإثيوبى، لمفاوضات استمرت ثلاثة أشهر، فى العاصمة الأمريكية، حتى الوصول، بالفعل، إلى اتفاق، وقعت عليه مصر، إلا أن الوفد الاثيوبى سافر دون توقيع الاتفاق، بعد ظهور نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فى نفس اليوم، والتى فاز فيها جو بايدن.

ولذا فهناك اطمئنان كامل بأن الفترة المقبلة ستشهد مستوى رفيعا من العلاقات الاستراتيجية الثنائية بين البلدين.

كانت تلك تقديراتى للملامح الرئيسية للسياسة الأمريكية المتوقعة خلال الفترة المقبلة بدءاً من يوم 20 يناير المقبل.



Email: sfarag.media@outlook.com