العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
أما كامالا هاريس فلم يسمع الناخب الأمريكى، عن برنامجها الانتخابى إلا خلال 100 يوم، فقط.
|
لماذا لم تفعلها كامالا؟
لواء د. سمير فرج
|
28 نوفمبر 2024
|
تابعنا، خلال الأسابيع الماضية، سباق الانتخابات الرئاسية، للولايات المتحدة الأمريكية، بين الرئيس دونالد ترامب، ومنافسته كامالا هاريس، نائب الرئيس الأمريكى، الحالي. وبالرغم من يقينى من فوز ترامب، فإننى كتبت مقالا، فى هذا المكان، تساءلت فيه عن احتمالات فوز كامالا هاريس، وقدرتها على قلب موازين التوقعات، المشيرة، بنسبة عالية من اليقين، إلى فوز الرئيس ترامب. إلا أن الواقع، أن هذا الاحتمال، كان صعباً، أو شبه مستحيل، فى ضوء أن كامالا هاريس قادت أقصر حملة انتخابية رئاسية، فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، لمدة لم تتجاوز 100 يوم، إذ لم يسمح لها بخوض السباق الانتخابى على منصب الرئيس الأمريكى، إلا بعد إقرار الحزب الديمقراطى بعدم قدرة الرئيس، جو بادين، على مواصلة الانتخابات، ودفعه بكامالا كمرشحة بديلة. استعرضت، فى مقالى السابق، خلفية كامالا هاريس، موضحاً أنها سياسية، ومحامية، شغلت منصب عضو مجلس الشيوخ الأمريكى، عن ولاية كاليفورنيا، من عام 2017 حتى توليها منصب نائب الرئيس الأمريكى فى عام 2021. ولدت كامالا لأبوين مهاجرين؛ فوالدتها، شيامالا جوبالان، عالمة هندية متخصصة فى سرطان الثدى، هاجرت من الهند إلى الولايات المتحدة، للحصول على درجة الدكتوراه، وتزوجت من والد كامالا، دونالد هاريس، أستاذ الاقتصاد بجامعة ستانفورد، المهاجر من جامايكا فى عام 1961، لذا تصنف كامالا على أنها من أصحاب البشرة السوداء.
انفصل والداها، وهى فى عمر السابعة، واحتفظت الأم بحضانة كامالا وأختها الصغرى، وبعد تخرج كامالا هاريس فى المدرسة الثانوية، فى عام 1980، التحقت بإحدى جامعات العاصمة الأمريكية، واشنطن، وحصلت على بكالوريوس الاقتصاد والعلوم السياسية، قبل عودتها إلى كاليفورنيا، لاستكمال دراستها العليا، والحصول على درجة الدكتوراه فى القانون من جامعة كاليفورنيا. تم تعيينها، بعد ذلك، نائباً للمحامى العام، وفى عام 2010 فازت فى انتخابات المدعى العام لولاية كاليفورنيا، ثم فازت فى انتخابات مجلس الشيوخ عن ولاية كاليفورنيا، وفى يناير 2021، أصبحت النائب رقم 29 لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وقادت البلاد، قيادة مؤقتة، لمدة ساعة ونصف ساعة، أثناء خضوع الرئيس، بايدن، لفحص روتيني.
ولما حان موعد الترشح لانتخابات الرئيس رقم 50 للولايات المتحدة الأمريكية، أصر الحزب الديمقراطى على إعادة ترشيح الرئيس الحالى، جو بايدن، إلا أن قيادات الحزب أفاقت على التراجع الحاد لشعبية مرشحهم، عقب المناظرة العلنية، الأولى، التى جمعته بالرئيس الأسبق دونالد ترامب، المرشح عن الحزب الجمهورى، مما دفع الحزب الديمقراطى لعقد مؤتمر، لمدة أربعة أيام، فى مدينة شيكاغو، بولاية إلينوى، أعلن، بعده، فى أواخر يوليو 2024، ترشيح كامالا هاريس، رسمياً، لخوض الانتخابات أمام ترامب.
من يومها، بدأت كامالا فى تنفيذ حملتها الانتخابية، أمام ترامب، الذى بدأت حملته الانتخابية، فعلياً، منذ 4 سنوات، عقب فوز بايدن، لم يتوقف خلالها عن الظهور، شهرياً، على مختلف وسائل الإعلام ومنصاته المسموعة والمرئية والاجتماعية، مرة للطعن فى نزاهة الانتخابات التى فاز فيها بايدن، ومرة للدفاع عن نفسه فيما اتهم فيه من قضايا، مؤكداً أنها اتهامات كيدية، الغرض منها عرقلة ترشحه فى الانتخابات القادمة. ومرات أخرى، كثيرة، للإعلان عن رأيه فى الأحداث العالمية، التى كان من الممكن تجنب نشوبها لو كان موجوداً على رأس الإدارة الأمريكية.
أما كامالا هاريس فلم يسمع الناخب الأمريكى، عن برنامجها الانتخابى إلا خلال 100 يوم، فقط، حتى إن كثيراً من أفراد الشعب الأمريكى لم يتعرف على صوتها، خاصة أن دورها فى منصب نائب الرئيس الأمريكى، كان محدوداً للغاية، حتى إن البعض وصفها بلغة أهل السينما وصناعها، بأنها «كومبارس صامت»، اقتصر دورها على الوقوف خلف الرئيس الأمريكى دون النطق بكلمة واحدة طوال السنوات الأربع. فى حين كان صوت ترامب مجلجلاً، طيلة أربع سنوات كاملة. وحتى عندما حاولت استمالة الطبقات الفقيرة، بتصريحها بأنها عملت فى أحد المطاعم الشهيرة للوجبات السريعة، وهو ما يجعلها تشعر باحتياجات تلك الطبقة، أمام سطوة الملياردير ترامب، جاء رده، سريعاً، بالوعد بازدهار اقتصادى، وفرص للعمل، وتخفيض للضرائب، اعتماداً على إنجازاته الاقتصادية خلال فترة رئاسته الماضية. حُملت كامالا هاريس بفاتورة أخطاء الرئيس جو بايدن، بما فيها ملف التعامل مع المهاجرين غير الشرعيين لأمريكا، الذى جعلها من أكثر الدول التى تشهد عمليات إجرامية، وفقاً لتصريحات ترامب، والحقيقة أن كامالا تحملت خطأ الحزب الديمقراطى، الذى تأخر فى ترشيحها للرئاسة الأمريكية، بسبب الإصرار على إعادة ترشيح جو بايدن لفترة رئاسة ثانية، رغم اتجاهات الرأى العام، التى لم تكن مبشرة بنجاحه، ورغم دعم الرئيسين السابقين من الحزب الديمقراطى، أوباما وكلينتون وزوجتيهما، لكامالا هاريس، فإن ذلك لم يكن كافياً، فى ضوء ضيق الوقت، وهو ما أكدته نانسى بيلوسى، رئيسة الكونجرس السابقة، فى لومها على قرارات الحزب الديمقراطى، المتأخرة، التى لم تسمح لكامالا إلا بمائة يوم فقط فى حلبة السباق أمام خصم قوى، وعنيد، مسلح بكل الأدوات الانتخابية، وأهمها الوقت، على مدى أربع سنوات، وإنجازات اقتصادية سابقة، فضلاً عن كاريزما، لاقت استحسان الشارع الأمريكى، فلم يكن متوقعاً لكامالا الفوز أمامه.
لذا لم تأت خسارتها كمفاجأة، وإن كان يكفيها شرف المحاولة فى مائة يوم، فقط، والتى أظنها ستكون النواة الأولى لمعركتها الكبرى، بعد أربعة أعوام من الآن، بالتخطيط والاستعداد للنجاح فى المرة القادمة.
Email: sfarag.media@outlook.com
|