العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
كان التوقيت يمثل تحدياً كبيراً، ولكن حماس جميع الأطراف، كان من شأنه تذليل الكثير من الصعاب. تم وضع خطة متكاملة لإنجاز المشروع، واستضافة بطولة كأس العالم، بما يليق باسم مصر. كانت جميع عناصر الخطة تسير، جنباً إلى جنب، بالتوازى، للحاق بالوقت المحدد.
|
البولينج
لواء د. سمير فرج
|
15 نوفمبر 2018
|
كانت المرة الأولى التى نرى فيها صالات لعبة البولينج، فى مصر، فى عام
1997، فى أثناء افتتاح أحد الفنادق الكبرى، فى مدينة شرم الشيخ، بحضور رئيس
الجمهورية الأسبق، محمد حسنى مبارك، الذى علق، على الفور، للمشير طنطاوى،
سائلاً لماذا لا يكون لدينا مثل هذه الألعاب فى النوادى ومراكز الشباب؟،
لثقته فى قدرة القوات المسلحة المصرية، على التصدى للمشروعات الجديدة،
وتحمل المخاطرة فيها.
وتنفيذاً لتعليمات رئيس الجمهورية، فقد كلفنى المشير طنطاوى، بالبدء، فوراً،
فى متابعة إجراءات جلب تلك الرياضة الجديدة إلى مصر. وحيث إن رئيس الاتحاد
الدولى للبولينج، كان حاضراً لافتتاح الفندق بشرم الشيخ، فقد اجتمعت به، على
الفور، لمناقشة الأمر معه. وعندما لاحظ اهتمام الدولة بإدخال هذه اللعبة فى
مصر، اقترح أن تستضيف مصر بطولة العالم التالية، والمحدد موعدها بعد 6 أشهر.
كان التوقيت يمثل تحدياً كبيراً، ولكن حماس جميع الأطراف، كان من شأنه تذليل
الكثير من الصعاب. تم وضع خطة متكاملة لإنجاز المشروع، واستضافة بطولة كأس
العالم، بما يليق باسم مصر. كانت جميع عناصر الخطة تسير، جنباً إلى جنب،
بالتوازى، للحاق بالوقت المحدد.
وفقاً لطلبنا، وفى خلال ثلاثة أيام، أمدنا رئيس الاتحاد الدولى للبولينج،
بتصميمات أحدث مراكز البولينج بالولايات المتحدة الأمريكية، لنبدأ من حيث
انتهى الآخرون، فى ظل افتقارنا الخبرات السابقة فى هذا المجال. ومنها انطلق
مهندسو القوات المسلحة فى وضع رسومات تفصيلية للمركز المصرى الذى تم اختيار
مقره الرئيسى، بجوار استاد القاهرة الدولى، شاملة المبنى بملحقاته،
وتجهيزاته الفنية. بالإضافة إلى تصميم مراكز متعددة، فى مختلف المحافظات
المصرية، لاستيعاب مثل تلك البطولات العالمية، فتم تأسيس عشرة مراكز أخرى،
بمساحات وأحجام متباينة، فى كل من الإسكندرية، وبورسعيد، وأسيوط، ومرسى
مطروح، والإسماعيلية، مستعينين فى ذلك، بالرسومات الفنية للاتحاد الدولى
للبولينج.
وفى التوقيت نفسه، تم تحديد موعد مع المهندس إبراهيم محلب، رئيس شركة
المقاولون العرب، آنذاك، لتولى مهمة التنفيذ، والذى قبل التحدي، وفى خلال
خمسة أيام من قبوله لتلك المهمة، كانت معدات شركة المقاولون العرب، تسابق
الزمن لإنشاء أكبر مركز للبولينج فى الشرق الأوسط، فكان العمل يسير طوال 24
ساعة، فى ورديات متعاقبة. ولم يقتصر الأمر على التنفيذ، وإنما صاحب ذلك خطة
لتدريب المهندسين والفنيين على إدارة وصيانة هذه الملاعب. بينما تولت،
مجموعة أخرى، البدء فى إجراءات تدبير شراء المعدات وأدوات اللعبة، من
الولايات المتحدة الأمريكية، لضمان وصولها فى الموعد المناسب، بما يسمح
بتركيبها قبل بدء البطولة، مع تدبير قطع الغيار اللازمة لمدة ثلاث سنوات
على الأقل.
بالتزامن مع كل ذلك، تم تأسيس الاتحاد المصرى للبولينج، لتولى الإجراءات
الرسمية لتسجيل اللعبة فى مصر، ولمخاطبة الاتحاد الدولي، للحصول على
الموافقة الرسمية، لتنظيم مصر لبطولة كأس العالم المقبلة، وهو ما يتطلب،
بالطبع، تشكيل منتخب وطنى للبولينج، وبدء تدريبه على اللعبة، وهو ما بدأ،
على الفور، فى مدينة شرم الشيخ، بينما تولى الاتحاد المصرى دعوة نظرائه فى
مختلف دول العالم للاشتراك فى بطولة كأس العالم فى مصر.
وبدأت مرحلة الإعداد لحفل الافتتاح، ويبدو أن الحظ كان حليف ذلك المشروع،
إذ تزامن افتتاحه مع وجود الفنان المصرى العالمي، عمر الشريف، فى مصر،
والذى رحب بتقديم فقرات حفل الافتتاح الرسمي، بثلاث لغات يجيدها، إضافة إلى
العربية، ما أضاف الكثير من الإبهار إلى الحفل، نظراً للمكانة العالمية
لنجمنا المصري.
كما تم الاتفاق مع الفنانين الكبيرين، محمد منير، وأنوشكا لتقديم الفقرات
الفنية للحفل، بعدما أبديا سعادتيهما البالغة للمشاركة فى مثل ذلك الحدث
المهم، الذى يشرفه بالحضور، السيد رئيس الجمهورية. وأذكر موقفاً طريفاً مع
الفنان محمد منير، الذى أبدى سعادة بالغة لأن يغنى أمام الرئيس للمرة
الأولى فى حياته، ولكنه همس فى أذني، بطلب خاص، وهو إعفاؤه من ارتداء
الملابس الرسمية، فى أثناء أداء فقرته، قائلاً أنا مش بعرف أغنى وأنا لابس
بدلة، فابتسمت مقتنعاً بأن له لوناً خاصاً فى الغناء، واتفقت معه أن يبقى
الأمر سراً بيننا، حتى يوم الافتتاح. وفى ظنى أن ظهور الفنان محمد منير، فى
ذلك الحفل، لأول مرة بالملابس الكاجوال، قد أحدث تغييراً كبيراً فى تطور مظهر
الفنانين على المسارح.
كما قدمت فرقة رضا للفنون الشعبية، عرضاً متميزاً للفنون الشعبية عن محافظات
مصر، أخرج تابلوهاته الفنان المبدع، محمود رضا، ببراعة متناهية، متغلباً فيه
على المساحة المحدودة نسبياً، فخرج حفل الافتتاح بصورة مشرفة، تليق باسم
مصر، الذى جذب أكثر من 25 دولة للمشاركة، وبشهادة الاتحاد الدولى للبولينج،
كانت تلك أكبر مشاركة، فى تاريخ البطولة العالمية، منذ انشائها.
ومنذ ذلك الوقت انتشرت هذه اللعبة فى مصر، وتم تأسيس الكثير من المراكز
الخاصة لها، سواء فى الفنادق أو خارجها، كما انتشرت فى الكثير من مراكز
الشباب فى شتى المحافظات. واليوم، عندما أمر أمام هذا المبنى، وأشاهد
العائلات المصرية، يقضون سهرة أو أمسية جميلة به، أتأكد من قدرة المصريين
على تنفيذ أى مهمة، مهما كانت تحدياتها أو صعوباتها، وأتيقن من قدرتهم على
استيعاب أية أنظمة، مهما كانت حداثتها.
Email: sfarag.media@outlook.com
|