العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
ولنسترجع معاً كيف تم تنظيم بطولة مصر الدولية للاسكواش، تحت سفح الهرم، وما حققته هذه البطولة من دعاية قوية لمصر، ولنتذكر كيف نجحت عروض أوبرا عايدة، تحت سفح الهرم.
|
متى نستفيد من المناطق الأثرية المصرية؟
لواء د. سمير فرج
|
14 مارس 2019
|
مع حلول العام المقبل، 2020، ستفتتح مصر المتحف الكبير، أكبر متحف للآثار
فى العالم، من حيث المساحة، حيث أقيم المتحف على مساحة 117 فدانا، ومن حيث
عدد القطع الأثرية، إذ يحتوى على 100 ألف قطعة أثرية من مختلف العصور
الفرعونية واليونانية والرومانية، ليصبح إضافة كبيرة، ومهمة لقطاع السياحة،
حيث يتوقع أن يستقبل 5 ملايين زائر، سنوياً، فضلاً عما يمثله من إضافة عظيمة
للتراث المصرى الإنساني، بعرض تاريخه، المكدس بالمخازن منذ أكثر من مائة
عام، ليطالعه العالم أجمع.
ومن هذا الافتتاح المُرتقب، الذى أرجو، من الله، أن يخرج بصورة مشرفة، تليق
باسم مصر، وحضارتها، انطلق خيالى للتفكير فى استغلال باقى المناطق الأثرية
المفتوحة، فى مصر، وهم كثر، للترويج السياحي، بعيداً عن الصور النمطية،
والتقليدية، التى استهلكناها عبر الزمان، حتى صارت لا تواكب العصر الحديث،
ومتطلباته.
فلماذا لا يقام، على سبيل المثال، مسرح مكشوف، فى منطقة الأهرامات، تكون
خلفيته الأهرام وأبو الهول، ويتم تصميمه وفقاً لأحدث الطرازات العالمية،
لإقامة مهرجانات للموسيقى والغناء، وتدرج تلك المهرجانات على أجندة السياحة
العالمية؟ لعل مهرجانات جرش، وموازين، وقرطاج، وغيرها، فى الأردن وتونس
والمغرب ولبنان، خير مثال على نجاح تلك الفكرة. على ألا تقتصر تلك
المهرجانات على الموسيقى العربية، فحسب، بل تتخطاها إلى العالمية، ولعل
منكم من يذكر ما حققته حفلات فرانك سيناترا، وبوتشيللي، وغيرهما، فى
الأهرامات، منذ عدة أعوام، من مكاسب كبيرة، ولا يعنينى هنا المكاسب
المادية، قدر عنايتى بالترويج الإعلامى والسياحي.
بعد نجاحنا فى إقامة مركز دولى جديد للمؤتمرات المنارة، وأرض معارض مصر،
بالتجمع الخامس، على أعلى مستويات التنظيم والإمكانات، فأنا على يقين من
قدرتنا على تكرار ذلك النجاح، وبصور أحدث، فى نظام المعارض المكشوفة، أو
المفتوحة، وليس لأغراض المهرجانات الموسيقية والغنائية، فحسب، وإنما كذلك
لاستضافة عروض الأزياء العالمية، ولا يساورنى شك فى أن أكبر بيوت الأزياء
العالمية، سيشرفها إقامة عروضها، أمام علم من أعلام التاريخ، بحجم
الأهرامات وأبوالهول، شريطة أن توفر لها الإمكانات اللازمة لمثل ذلك الحدث.
كما يمكن استغلال تلك المعارض، كذلك، لإقامة الأحداث العالمية، للكشف عن
أحدث طرازات السيارات الفارهة، أو الطائرات الخاصة، وغير ذلك، مما نراه
يحدث حولنا فى العالم، بينما خصنا الله، سبحانه وتعالى، بالجمع بين مميزات
تاريخية، فى كل أنحاء مصر، ومميزات مناخية، على مدى العام، لا تجد مثلها فى
أى دولة بالعالم.
ولنسترجع معاً كيف تم تنظيم بطولة مصر الدولية للاسكواش، تحت سفح الهرم، وما
حققته هذه البطولة من دعاية قوية لمصر، ولنتذكر كيف نجحت عروض أوبرا عايدة،
تحت سفح الهرم، محققة مكاسب عدة، ولنعلم أن العوامل المشتركة وراء تلك
النجاحات، كان حسن الإعداد، ودقة التنظيم والتسويق، وغيرها من الإجراءات
التى تم التخطيط لها مسبقاً. واذكر أننا نفذنا، يوماً، أحد عروض أوبرا عايدة،
لمصلحة الجمعية العالمية لأطباء الأنف والأذن والحنجرة، بحضور أكثر من 3000
طبيب، بأسرهم، وبعد نهاية العرض كانوا على موعد مع العشاء أسفل المسرح، إلا
أن جميع الضيوف، بلا استثناء، أخذوا طعامهم، وصعدوا، مجدداً، إلى المسرح،
لتناوله أمام الأهرامات، المضيئة، بشكلها المبهر، فكيف لأحد أن يقاوم منظرا
ساحرا وجذابا مثله؟!
وكما أشرت، فإن طرحى هذا غير مقصور على القاهرة، فحسب، وإنما يمتد لجميع
ربوع مصر، الغنية بآثارها، وطبيعتها الخاصة، ومميزاتها الفريدة،
كالإسكندرية، والأقصر، وأسوان، وسوهاج، وسيوه، وغيرهما من مدننا الساحرة،
مستفيدين بالطابع الخاص لكل منها، دون المساس بالأثر التاريخي، أو الإضرار
به ... فالغرض هو عرض حضارة مصر، بمختلف الآليات والإمكانات، وحسن استغلال
ثرواتها. ولعل عرض أوبرا عايدة، لأول مرة فى معبد الأقصر، خير مثال على حسن
استغلال الموقع، والاستفادة منه، لتحقيق المكاسب المادية والمعنوية، عن
طريق الإعداد والتسويق والتنفيذ المنضبط، فكانت طائرات الشارتر، التى وصلت،
آنذاك، للأقصر، حاملة على متنها زوارا من كل مدن أوروبا، لحضور هذا الحدث
التاريخي، شاهداً على نجاحه، الذى فتح الباب أمام المزيد من تلك العروض،
سواء فى الأقصر والقاهرة.
ومن هذا المنطلق، فإن تنفيذ تلك الأفكار، وغيرها، يستلزم وضع استراتيجية،
تتكاتف فيها جهود وزارات السياحة، والآثار، والثقافة، والطيران، والتضامن،
والتنمية المحلية، بالتعاون مع الداخلية، والقوات المسلحة، بما لها من
إمكانات، بحيث يتم اختيار الأنشطة المناسبة، وتقسيمها على مختلف المحافظات،
على مدار العام، وفقاً لطبيعتها، على أن يراعى الظروف المناخية لكل منطقة،
بما يحقق رواجاً وانتعاشاً، سياحياً واقتصادياً، لتلك المناطق, وسيبرز إلى
السطح، موقف المتحف المصرى الحالي، فى ميدان التحرير، والذى أرى أن يعاد
تصنيف محتوياته، وتجديد عرضها، لتكون فرصة، لمن لن يتاح له زيارة المتحف
الكبير، أن يلقى نظرة على تاريخ الحضارة المصرية. كذلك أقترح أن يؤسس، بهذا
المتحف، أول وأحدث مكتبة فى علوم المصريات، لتوفير المادة العلمية للدارسين
والباحثين، فى هذا المجال، ولقد سبق أن وضعت جزءا فى مكتبة الأقصر، لتكون
لبنة لأول مكتبة لعلوم المصريات، وأظن أن المتحف القديم يليق بأن تحمل إحدى
صالاته هذه المكتبة. كما يجب أن يخصص فى هذا المتحف، قاعات للمناقشات
والمحاضرات لطلاب العلم والمعرفة، فى تاريخ الحضارة المصرية القديمة،
وقاعات خاصة للأطفال، لشرح الحضارة المصرية، بطريقة تناسب سنواتهم العمرية.
إن ما ذكرته آمال، ولكنها ليست أحلاما، لأن تحقيقها يسير، إن تم دراسته
بالطرق العلمية، ووضع خطة شاملة لتنفيذه، بالتنسيق مع الخريطة العالمية
للأحداث، لتفادى التضارب مع أحداث دولية مهمة. فى النهاية أؤكد أن مصر،
منحها الله هذه الثروة التاريخية، والطقس الرائع، وسهولة الانتقال لها من
كل أنحاء العالم، لنستفيد من تلك العوامل فى إبراز عظمة تاريخها، وحضارتها،
ولنؤكد أن مصر بلد الأمن والأمان.
Email: sfarag.media@outlook.com
|