العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

بعدما احتضنت أول معرض للطيران والفضاء، فى مدينة العلمين، الذى كان فرصة للعالم للتعرف على أحدث الطائرات الحربية والمدنية ومعدات الفضاء.

عندما تبتسم السماء المصرية
 

لواء د. سمير فرج

 12 سبتمبر 2024


أكاد أرى سماء مصر تتبسم، بعدما احتضنت أول معرض للطيران والفضاء، فى مدينة العلمين، الذى كان فرصة للعالم للتعرف على أحدث الطائرات الحربية والمدنية ومعدات الفضاء، بمشاركة نحو 100 دولة، مثلها نحو 300 من كبرى الشركات العالمية فى مجال تصنيع الطائرات وصناعة الفضاء. وكان لمصر مشاركة خاصة، بالاعتماد على ما شهدته قواتنا الجوية، فى الفترة الأخيرة، من تطور كبير، نتج عن انضمام أحدث الطائرات لأسطولنا الجوى، ومنهم مقاتلات الجيل الرابع بلس، مثل الرافال الفرنسية، والميج 29، والطائرات الهليكوبتر، مثل أجوستا، وكاموف، ومى 4.

وخلال تفقد الرئيس عبدالفتاح السيسى لجناح شركة مصر للطيران استمع سيادته لعرض عن التعاقدات الجديدة التى تضم 10 طائرات إيرباص 350، و18 طائرة بوينج، والتى تأتى فى إطار جهود تطوير خدمات النقل الجوى المدنى المصري.وكان من أهم مميزات المعرض، فى هذا العام، ما قدمته الهيئة العربية للتصنيع، من خلال عرض رئيسها اللواء مختار عبداللطيف، بأن مصانع الطائرات التابعة للهيئة، فى حلوان، قد نجحت فى إجراء العمرات،فى مصر، لمحركات 16 نموذجا مختلفا من الطائرات، فضلا عن البدء فى تصنيع قطع الغيار، بعد حصول المصنع على اعتماد شركة «سفران الفرنسية»، ليكون المركز الدولى، الوحيد، على مستوى العالم، فى عمرة المحركات من طراز ألفا جيت، كذلك مع شركة «داسو الفرنسية» لعمل عمرة محركات الطائرات، والقيام بتصنيع أجزاء من هياكل الطائرات، بما يجعل الهيئة العربية للتصنيع، إحدى ركائز سلاسل الإمداد لشركة داسو الفرنسية.

وقد ضم المعرض أجنحة لعدد من الدول العربية مثل قطر، والإمارات العربية المتحدة، التى قدمت تسع طائرات تحمل علامة صنع فى الإمارات، فضلا عن الطائرة المسيرة الجديدة شادو 50. كما حقق المعرض، هذا العام، نصرا جديدا، تمثل فى إرسال الصين طائرة النقل Y20، للمشاركة فى العرض، فى أول عرض جوى لها خارج الصين، فضلا عن أسطورة الطيران الجوى GC10.

أما فيما يخص الفوائد التى تعود على مصر من إقامة المعرض، فيمكن حصر بعضها فى حضور جميع الطيارين المصريين للمعرض،وما يتيحه من التعرف على كل ما هو جديد فى صناعة الطائرات العسكرية والمدنية، والانخراط مع مصنعيها فى الاستفسارات عن إمكانات الطائرات الجديدة على مستوى العالم، بما يسمح بالاستفادة من تلك المعلومات فى تطوير المصانع فى حلوان، وهو ما يرتبط بدور فريق العمل فى الكليات الفنية العسكرية، المنوط بعمليات تطوير كبيرة فى هذه الصناعات خاصة فى مجال الطائرات المسيرة بدون طيار. وكذلك قسم البحوث فى الكلية الفنية فى مجال الفضاء الخارجى، فى ظل دخول مصر لذلك المجال منذ سنوات قليلة،بعد شراء قمر صناعى للاتصالات العسكرية من فرنسا، يقوم بتطويره وإدارته، اليوم، علماء مصريون وباحثون من الكلية الفنية العسكرية.

وهنا قد نسمع أصواتا تتساءل عن قدرات مصر الاقتصادية فى إقامة ذلك المعرض الجوى الفضائى،وللإجابة عنه، فمن الضرورى الالتفات لأهمية إقامة استضافة مصر المعرض لترسيخ مكانتها، على مستوى العالم، فى ذلك المجال، خاصة أن القوات الجوية المصرية، مصنفة دوليا فى المركز السادس، بين جميع القوات الجوية، على مستوى العالم. يضاف لذلك ما يمثله نشاط المعارض من مقوم سياحى، لأى دولة، بما يدره من عوائد ناتجة عن مشاركات الدول والشركات، فضلا عن حضور الآلاف للمعرض، لفترات تتراوح بين أسبوعين إلى شهر، وهو ما يمثل حركة رواج سياحى، تقيسها كل الدول الناشطة فى مجال سياحة المعارض، لتحديد مدى نجاح المعرض، سواء من خلال حجم التعاقدات التى أبرمت فيه، أو من خلال عدد الغرف الفندقية، والبرامج السياحية التى تم تنظيمها للحاضرين، الذين استفادوا من فرصة وجودهم بالمعرض، فاصطحب، بعضهم، أفراد أسرهم، للاستمتاع بالوجود فى مصر، وزيارة مدنها ومعالمها السياحية، أثناء فترة انعقاد المعرض.

والحقيقة أن اختيار مطار العلمين، ومنطقة العلمين، مقرا لإقامة ذلك المعرض، كان اختيارا موفقا، بما انطوى عليه من دلالات، ففضلا عن الترويج لمنطقة العلمين كوجهة سياحية مهمة، فلابد من الانتباه لأن المكان كان مسرحا للعمليات بين الجيوش الألمانية والبريطانية، خلال الحرب العالمية الثانية، التى خلفت فيها القوات البريطانية والألمانية، ملايين الألغام فى ذلك المكان، فى مصر. ورغم جهود مصر، خلال الأعوام والعقود الماضية،فى تحميل بريطانيا وألمانيا مسئوليتهما نحو إزالة الألغام، وفقا للقوانين والأعراف الدولية، فإن كلتيهما لم تتجاوب، إلا من تقديم دعم مالى، محدود للغاية. ومع ذلك نجحت فرق المهندسين، من القوات المسلحة المصرية، فى إزالة الألغام، فى عملية شاقة للغاية، استغرقت خمس سنوات كاملة، فى ضوء عدم وجود خرائط سابقة بمواقع الألغام، فضلا عن سوء حالة الألغام، نتيجة للعوامل الجوية، مما عرّض فرق المهندسين المصريين لأخطار كبيرة، أثناء عمليات الإزالة، بما يستوجب تقديم الشكر والتقدير للقوات المسلحة المصرية على دورها فى تطهير منطقة العلمين.

وانتهى معرض الطيران الدولى والفضاء وسط إشادة دولية من جميع المشاركين والحاضرين، سواء من حسن تنظيم المعرض ومحتواه وحجم المشاركة فيه، أو من حيث الانبهار بمدينة العلمين كوجهة سياحية مبهرة، بما تتيحه من أنشطة سياحية وشواطئ لا مثيل لها فى العالم كله، وخرج المشاركون فى المعرض كسفراء سياحيين لمصر، للترويج لإمكانات مصر السياحية.



Email: sfarag.media@outlook.com