العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
استوقفنى كذلك،خلال الزيارة، تركيز المحافظة على السياحة، اعتمادا على مقوماتها، إذ تتميز المحافظة بوجود آثار تمثل جميع العصور التاريخية التى شهدتها مصر.
|
الوادى الذى أصبح جديدًا
لواء د. سمير فرج
|
5 ديسمبر 2024
|
محافظة الوادى الجديد وعاصمتها الخارجة، هى أكبر المحافظات المصرية من حيث المساحة، إذ تشغل نحو 44% من المساحة الكلية لمصر، كما أنها الأقل فى الكثافة السكانية، بعد محافظة جنوب سيناء، بتعداد سكان، حاليا، يبلغ نحو 270 ألف نسمة. تقع محافظة الوادى الجديد جنوب غرب مصر، وتشترك فى الحدود الدولية مع ليبيا غربا، والسودان جنوبا، وتبعد عن القاهرة بمسافة 600 كيلومتر.
خلال الأسبوع الماضى، شرُفت بزيارة محافظة الوادى الجديد، بدعوة من محافظها، اللواء محمد الزملوط، لإلقاء محاضرة عن حرب أكتوبر 1973، فى الجامعة الجديدة بها، والتى يرأسها الأستاذ الدكتور عبدالعزيز طنطاوى، فانبهرت، فى الحقيقة، بمستوى الجامعة الجديدة، المؤسسة فى عام 2018، وكانت تضم، حينئذ، ست كليات هى، التربية، والزراعة، والآداب، والعلوم، والطب، والتربية الرياضية، قبل إضافة كليتين جديدتين؛ هما الهندسة، والتمريض، والتى تتيح الفرصة لاستكمال الدراسات العليا، فضلاً عن ضم تبعية الجامعة الأهلية لها، المقرر افتتاحها فى العام المقبل .كان من أسباب انبهارى الاطلاع على مبانى الجامعة الجديدة، التى تتماشى مع الاعتبارات البيئية فى المحافظة، فضلاً عن التطور الملموس فى الاعتماد على أحدث الوسائل التكنولوجية سواء فى أساليب التعليم،أو فى معامل الجامعة.
لم تقتصر زيارتى على الجامعة، فقط، وإنما حرصت على التعرف على ما تشهده المحافظة من تطوير، فزاد انبهارى برؤية السيد المحافظ وخطته المرتكزة على إحداث نقلة نوعية فى المحافظة، من خلال إنشاء عاصمة إدارية، وهى فكرة جديدة، يتم تنفيذها، لأول مرة، فى محافظة الوادى الجديد، تعتمد على جمع كل الإدارات التابعة للوزارات والجهات الخدمية، فى منطقة واحدة، للتيسير على المواطن فى إنهاء جميع أعماله ذات الصلة بالجهاز الإدارى للدولة، مثل مديريات الصحة والزراعة والتعليم والصحة والرى، وغيرها. مع الحرص على تزويد تلك العاصمة الإدارية بأحدث الوسائل التكنولوجية، فضلاً عن اعتماد تصميمها على مفهوم الاستدامة، ومن أمثلة ذلك استخدام نظم الطاقة الشمسية بكل مبانيها، واتساع الرقعة الخضراء بها، التى يمكن لأبناء المحافظة، وموظفى عاصمتها الإدارية، الاستفادة بها فى ممارسة الرياضة، وهو ما تمنيت رؤيته فى كل محافظات مصر.
استوقفنى كذلك،خلال الزيارة، تركيز المحافظة على السياحة، اعتمادا على مقوماتها، إذ تتميز المحافظة بوجود آثار تمثل جميع العصور التاريخية التى شهدتها مصر؛ الفرعونية، والرومانية، والقبطية، والإسلامية، والبطلمية، لعل من أهمها جبانات البجوات، أحد أقدم المقابر المسيحية فى العالم، التى تستدعى جهود وزارة السياحة والآثار لترميمها، وتطوير المنطقة المحيطة بها، وإدراجها على الخريطة السياحية المصرية، والترويج لها كوجهة سياحية عالمية، خاصة أنها تستقبل، حاليا، الآلاف من السياح كل عام.يوجد بالمحافظة، أيضا، محمية الصحراء البيضاء، التى تضم أنواعا نادرة من الغزلان البيضاء، علاوة على مناظر الصحراء الخلابة، التى يقصدها سياح العالم كله، خاصة الألمان.كما تشتهر المحافظة بأهم ينابيع المياه الحارة والكبريتية، بما يعزز من فرصها كوجهة للسياحة العلاجية. لذا يأمل أبناء المحافظة فى تضافر الجهود لإدراج محافظتهم على خريطة السياحة العالمية، والترويج لها كحاضنة لمختلف أفرع السياحة، على مستوى العالم.
كما لاحظت أن شعار المحافظة، المتمثل فى النخلة، يأتى اتساقا مع توجيهات السيد الرئيس للمحافظة بزراعة 5 ملايين نخلة، لإنتاج أجود أنواع التمور فى العالم، اعتمادا على طبيعة التربة والمناخ والمياه بها، الصالحة لزراعة كل أنواع النخيل، وهو ما بدأ، بالفعل، بزراعة 2 مليون نخلة، حتى الآن، اعتمادا على أجود شتلات نخيل التمور فى العالم. يضاف لذلك ما تقدمه محافظة الوادى الجديد، اليوم، من فرص كبيرة للمستثمرين فى مجالات الزراعة واستصلاح الأراضى، إذ تتيح المحافظة تسهيلات كبيرة للجادين منهم، وبها مكتب لصندوق الأراضى، يقوم بتخصيص مساحات للمستثمرين تبدأ من 200 فدان، مزودة بآبار مياه تكفى لرى تلك المساحة، ومضاعفاتها، كما تتيح المحافظة فترة سماح، تمتد إلى عامين، لا يدفع فيها المستثمر أى مقابل مادى عن الانتفاع بالأرض، لحين بدء الإنتاج. بل وإضافة لذلك، يوفر المكتب للمستثمر الدراسات العلمية اللازمة لتحديد الأسلوب الأنسب لاستخدام تلك الأراضى، علماً بأن الأراضى صالحة لإنتاج أجود المحاصيل من التمر والزيتون.
ولقد اطلعت بنفسى على المساحات الشاسعة من الأراضى الزراعية، المخصصة للمستثمرين، الذين نجحوا، حتى الآن، فى زراعة 25 ألف فدان من الزيتون، من أجود الأصناف العالمية. كما تتبنى المحافظة مشروع زراعة التوت، ضمن مبادرة إنتاج الحرير الطبيعي. والحقيقة أن المحافظة، وقيادتها، اتجهت للاعتماد على الاستثمار كأساس للتنمية الحقيقية، فى ظل ما تمتلكه من مقومات متنوعة، تناسب مختلف مجالات الاستثمار، وفى سبيلها لجذب مختلف أحجام الاستثمار، فإن المحافظة لا تألوا جهدا فى تقديم التسهيلات اللازمة لمختلف المجالات الاستثمارية المتاحة بها.وبالتوازى مع ذلك، فقد اهتمت المحافظة بالتعليم، حيث اتخذ المحافظ قرارا بتقديم حوافز للطلبة لتحفيزهم على عدم الغياب عن الدراسة، من ضمن تلك الحوافز توفير الزى المدرسى بالمجان لجميع طلبة المحافظة، وإقامة فصول تقوية مسائية للطلبة للقضاء على الدروس الخصوصية، التى ترهق كاهل الأسر المصرية.
إن ما تشهده محافظة الوادى الجديد، حاليا، طفرة نوعية، لم تشهدها من قبل، كفيلة بأن تجعلها نموذجا يحتذى به فى توطين النمو والتنمية، من خلال الاعتماد على مقوماتها الطبيعية فى مجالات الاستثمار الزراعى والسياحى، وهو ما سيضمن بقاء تلك المحافظة «جديدة» فعلاً، وليس اسماً فقط.
Email: sfarag.media@outlook.com
|