العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
وبالتدقيق فيما سمعته من أبناء محافظتى الإسكندرية وبورسعيد، أؤكد أن الشعب المصرى ذكى.
|
عندنا محافظ «كويس»
لواء د. سمير فرج
|
9 يناير 2025
|
كنت على موعد مع محافظة الإسكندرية، كعضو لجنة مناقشة رسالة دكتوراه فى كلية الآداب بجامعة الإسكندرية، تحت رعاية عميد الكلية، الأستاذ الدكتور هانى خميس، ورئيس لجنة المناقشة، الأستاذ الدكتورعبدالرحمن عبدالله عبدالرحمن، رئيس قسم الاجتماع بالكلية. كان موضوع الرسالة للباحثة ابتهال فاروق، عن «الدراما الوثائقية وعلاقاتها بتعزيز الهوية المصرية»، الذى أراه أحد أهم موضوعات الساعة، فى مصر، بعدما أصبحنا نخاف على طمس هويتنا بواسطة الغزو الفضائى الخارجى، من السموات المفتوحة.
وتصادف موعد ذهابى للإسكندرية مع توقيت نوة قاسم، فنصحنى المقربون بضرورة المبيت فى الإسكندرية قبل الموعد بيومين، على الأقل، لتجنب السفر خلال النوة، المعروفة بشدة أمطارها، وما سيسببه ذلك من مشكلات مرورية، مرددين جملة «الإسكندرية بتغرق فى كل نوة»، إلا أن ارتباطاتى المسبقة، بالقاهرة، حالت دون الأخذ بالنصيحة، وسافرت إلى الإسكندرية، فى الموعد المقرر، فوجدت جوها صحواً، وشمسها ساطعة، وعلمت بأن النوة انتهت فى اليوم السابق، بعدما غسلت أمطارها الأشجار والشوارع.
فدفعنى فضولى لسؤال صديقى السكندرى عما إن كانت النوة قد جاءتهم ضعيفة، فى هذا العام، خاصة أننى لم ألمح لها آثارا سلبية، على عكس التحذيرات التى تلقيتها، والمشاهد التى كنا نطالعها سابقاً، فأكد لى أن العكس هو الصحيح، إذ جاءت النوة بنفس قوتها المعتادة، التى طالما أربكت الحياة فى المحافظة، بتعطيل المصالح والأعمال والمدارس، نتيجة ارتفاع منسوب المياه فى الشوارع، وكأنها شوارع مدينة فينسيا، فى الشكل فقط، دون الاستعدادات والتجهيزات المتاحة للمدينة الإيطالية.
فسألته، بنفس الفضول، عن السبب وراء الفرق بين هذا العام والأعوام السابقة، فأجابنى، ببساطة، قائلاً «جالنا محافظ كويس»، هو الفريق أحمد خالد، الذى كان يتابع، بنفسه، لمدة ثلاثة أيام، قبل موعد النوة، الاستعدادات لها، فكان يمر على مختلف الأحياء، لمتابعة قيام كل فرد بعمله، سواء فيما يخص نظافة البالوعات أو الشوارع، للتأكد من الاستعداد لاستقبال الأمطار، وتفادى مشكلات الماضى، بل وكان يقف مع عمال النظافة للحديث معهم عن أهمية دورهم فى حماية المحافظة بأكملها، وتشجيعهم على القيام به على أكمل وجه. ولما دخلت قاعة مناقشة رسالة الدكتوراه، رحب بى من فيها، قائلين الحمد لله حظك حلو، «جالنا محافظ كويس».
نفس العبارة سمعتها قبلها بأسبوع فى بلدى الحبيبة، بورسعيد، فى أثناء مشاركتى فى احتفالات عيد النصر، الذى استعدت له المحافظة باحتفال كبير، حضره أكثر من ألف من أبناء بورسعيد، بما يليق بذكرى أغلى الانتصارات على إنجلترا وفرنسا فى عام 1956. وقبل إلقاء كلمتى، افتتح محافظ بورسعيد، اللواء محب حبشى،الاحتفال بكلمة، لخص فيها أهم أعماله، بعد ستة أشهر من توليه المسئولية، بدأها بأنه أنصت لشكاوى أبناء المحافظة، ومنها ما يرسلونه من خلال صفحات المحافظة على مواقع التواصل الاجتماعى، مضيفاً أنه أحزنه أن قال أحدهم إن المحافظ لم يحل أيا من مشكلات المحافظة منذ قدومه، إلا أنه فضل أن يكون رده على ذلك بالأفعال، لا بالكلمات.
فقد استطاع المحافظ حل واحدة من أكبر المشكلات التى تعانيها بورسعيد، وهى الإسكان،إذ إن بورسعيد عبارة عن شبه جزيرة، ليس لها ظهير صحراوى، مما يشكل تحدياً أمام التوسع فى الرقعة السكنية، إلا أن المحافظ نجح فى وضع خطة متكاملة، لمدة ثلاث سنوات، للتصدى لتلك المشكلة، وقد وافق عليها السيد رئيس مجلس الوزراء، خلال زيارته الأخيرة للمحافظة. وقد عرض السيد المحافظ أركان تلك الخطة، وأعداد وأسعار ومساحات الوحدات السكنية التى ستضاف للمدينة. كما أعلن اللواء محب عودة تمثال ديليسبس إلى بورسعيد، وهو القرار الذى أسعد قلوب كل أهالى بورسعيد، لأن التاريخ يكتب بالحقائق وليس بالأهواء.
كما تناول مشكلة النظافة، إحدى المشكلات التى تؤرق أبناء المحافظة، رغم رفضهم، الدائم، لفرص العمل المتاحة فى هذا المجال، ومثلها مشكلة الردم، الذى تعانى المدينة من تراكم كمياته، بسبب عدم تخصيص أماكن لتجميعه، ولم يغفل مشكلات الصرف الصحى، خاصة فى حى العرب، وهو ما يجرى العمل على حلها، بعدزيارة رئيس مجلس الوزراء. كما أكد المحافظ العمل على استكمال أعمال منظومة التأمين الصحى، وغيرها من التطورات الواجب استكمالها فى المحافظة.
انطلقت بعد الاحتفال للقاء عدد من أفراد عائلتى، فى بورسعيد، الذين استقبلونى بوجبة رائعة من السمك البورى المشوى، الذى تتميز به مدينتى الجميلة، خاصة فى هذا التوقيت من العام، وفى أثناء العشاء لم يكن للعائلة، التى اجتمع منها أكثر من ثلاثين فرداً، حديثاً إلا التعبير عن سعادتهم بتولى المحافظ محب الحبشى المسئولية، وما لمسوه من نهجه فى استكمال مابدأه المحافظ السابق عادل الغضبان، الذى قدم الكثير لبورسعيد، والحقيقة أنها سمة حميدة أن يتم البناء على الصالح مما سبق، لضمان الاستدامة والتطور.
ومن خبرتى الشخصية، كمحافظ للأقصر، لمدة 7 سنوات، أؤكد أن نجاح المحافظ فى عمله، يعتمد، بالأساس على وجوده فى الشارع، واحتكاكه المباشر بأبناء المحافظة، والاستماع إلى مشاكلهم، ومقترحاتهم لحلها، وهو ما يعد النواة العملية لوضع خطة تطوير وتنمية المحافظة، والنهوض بها، بما يخدم أبناءها. وبالتدقيق فيما سمعته من أبناء محافظتى الإسكندرية وبورسعيد، أؤكد أن الشعب المصرى ذكى، لا تخدعه الكلمات الرنانة، وإنما تهمه الأفعال، والنتائج، ليطمئن على حل المشاكل،وهو ما دفعهم لقول «جالنا محافظ كويس».
Email: sfarag.media@outlook.com
|