العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
حيث يجيء التهديد الأول بعد الحرب الاقتصادية التى أشعلها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب.
|
التحديات التى تواجه قناة السويس
لواء د. سمير فرج
|
31 مايو 2025
|
بدعوة كريمة من صديقى ودفعتى اللواء بحرى عصام بدوى رئيس الجمعية البحرية المصرية حضرت ندوة بعنوان «التحديات التى تواجه قناة السويس فى ظل الظروف الحالية»، وذلك بحضور الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس، والدكتور عبد العزيز قنصوه رئيس جامعة الإسكندرية، والأستاذ خالد أبو بكر المستشار القانونى لهيئة قناة السويس، إلى جانب عدد من الوزراء ورجال الأعمال البارزين فى مجال النقل البحرى بالإسكندرية. وكان اختيار موضوع الندوة مهمًّا للغاية فى ظل الأوضاع الإقليمية والعالمية التى تعيشها المنطقة.
ولقد تشرفت بأن أكون أول المتحدثين فى هذه الندوة، حيث بدأت حديثى بعرض سريع للتهديدات التى تواجه الأمن القومى المصرى من الاتجاهات الاستراتيجية الأربعة. ففى الاتجاه الشمالى الشرقى، نجد ما يحدث فى قطاع غزة من عدوان ودمار، وهو ما يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومى المصرى. أما فى الاتجاه الغربى، فالوضع فى ليبيا ما زال يشكل خطرًا كبيرًا، حيث تنقسم الدولة بين حكومة دبيبه فى الغرب، ومعه ميليشيات ومرتزقة، وحكومة فى الشرق بقيادة المشير خليفة حفتر، مما يعكس حالة من عدم الاستقرار الدائم، والتى تؤثر على حدودنا الغربية.. ثم الاتجاه الاستراتيجى الجنوبى فى السودان، والتى تشتعل به الآن حرب أهلية، وبها أكبر مجاعة فى إفريقيا حاليًا، وهذا يؤثر على الأمن القومى المصرى. ثم الاتجاه الاستراتيجى الشمالى بالبحر المتوسط، حيث سيبدأ الصراع على الغاز فى البحر المتوسط. وأخيرًا البحر الأحمر، واعتراض السفن من الحوثيين، مما يؤدى إلى خسارة كبيرة لقناة السويس، وبالتالى لمصر.
وسط كل هذه التهديدات، تأتى التهديدات حول قناة السويس، حيث يجيء التهديد الأول بعد الحرب الاقتصادية التى أشعلها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وخصوصًا ضد الصين، التى أصبحت الآن العدو الأول لأمريكا، حيث إن جميع التوقعات تشير إلى أنه إذا استمرت الصين بنفس معدل التقدم الاقتصادى، فإنها سوف تتفوق اقتصاديًا على أمريكا عام 2030. ومن هنا، بدأ ترامب حملته الشرسة ضد الصين واقتصادها، وكانت أول هذه الحروب ضد تجمع بريكس، الذى يضم دولًا مثل الصين وروسيا والبرازيل والسعودية، ومصر، والإمارات، والهند. هذا التجمع يعد أكبر كتلة، حيث يحتوى 44? من إجمالى البترول فى العالم، كما أنه سوف يصدر عملة موحدة له، بريكس، ستنافس الدولار.
كذلك، تبنى الصين مشروع الحزام والطريق، الذى يتكون من جزء برى عبر آسيا، والجزء البحرى هو الأساس، ويمر بكل البلاد من جنوب شرق آسيا، ويعبر قناة السويس إلى أوروبا. لذلك، لضرب هذا المشروع، فإنه سوف يتم ضربه فى عنق الزجاجة، وهى قناة السويس، وهذا أول تهديد للقناة.
ويجيء التهديد الثانى بفكرة إنشاء قناة بن جوريون، التى تحلم ببنائها إسرائيل لتضرب قناة السويس، والتى تبدأ من ميناء إيلات وتمر فى صحراء النقب حتى عسقلان، حيث تذكر الأرقام أنه سيتم بناء هذه القناة خلال خمس سنوات، ويعمل بالمشروع 200 ألف عامل ومهندس، وبتكلفة 16 مليار دولار أمريكى، على أن تكون قناةٍ ذاتِ اتجاهين وبعمق أكبر من قناة السويس حتى تحقق لها المنافسة.
كذلك، تقوم إسرائيل بإنشاء خط سكةِ حديدٍ من إيلات بعد بناء منطقة لوجستية لنقل الحاويات عبر هذا الخط، ويصل إلى الميناء أشدود الإسرائيلى الجديد على البحر المتوسط.
أما التهديد الثالث، فهو سيناء، والتخوف من أن تحدث أى أعمال عسكرية أو إرهابية فى سيناء مستقبلًا قد تهدد العمل فى قناة السويس، مثل ما حدث فى حرب السويس عام 56، وحرب 67، عندما تم إغلاق قناة السويس. لذلك تعمل مصر حاليًا على حماية وتأمين سيناء حتى لا تكون تهديدًا فيما بعد، بل تكون حصنًا لقناة السويس.
أما التهديد الرابع، فهو ما يحدث فى البحر الأحمر وباب المندب، حيث قام القراصنة بتهديد مدخل مضيق باب المندب فى الماضى، وتم التصدى لهم من التحالفات العسكرية العالمية فى جيبوتى. وحاليًا، فإن ما يقوم به الحوثيون من الهجوم والتحرش بالسفن التى تمر من مضيق باب المندب إلى قناة السويس، أدى إلى خسارة مصر لتصل إلى 6 مليارات دولار.
ولقد تشكلت المحاولات الأمريكية للتصدى للحوثيين بتشكيل تحالف «حراس الازدهار»، ولقد فشل هذا التحالف عسكريًا أمام الحوثيين، مما دعا الولايات المتحدة إلى عقد اتفاق وقف إطلاق النار بين أمريكا والحوثيين دون علم أو استشارة إسرائيل، الأمر الذى أثار إسرائيل.
وجاء التهديد الخامس، عندما أعلن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب طلبه بإعفاء السفن الأمريكية التجارية والحربية من دفع رسوم عبور قناة السويس. ولقد رفضت مصر ذلك الطلب تمامًا، لأن قناة السويس ليست قناة بنما التى أنشأتها الولايات المتحدة، أما قناة السويس فهى ملك أبنائها المصريين.
ورغم كل هذه التهديدات، فإن قناة السويس الآن تطور نفسها بمشروعات جديدة، بحيث لا يصبح دخل عبور القناة هو مصدرها الرئيسى، ولكن هناك الترسانة البحرية فى بورسعيد والإسماعيلية والسويس، التى تعمل بكل كفاءة لتصنيع السفن والزوارق واللنشات والسفن ذات الكفاءة العالمية. كذلك، تصنع اليخوت وتقدم خدمات إصلاح السفن، وتسهيل نقل أفراد السفن، وتقديم الخدمات الطبية لكل السفن العابرة.
وعموما، فإنه رغم التحدى الكبير الذى يواجه قناة السويس، فإنها ماضية فى التطورات والتوسعات، وما زالت تقدم أكبر دخل بالعملة الصعبة للخزانة المصرية، لصالح المواطن والشعب المصرى.
Email: sfarag.media@outlook.com
|