العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
ومنذ أيام قليلة، تلقت المعارضة الإسرائيلية صفعة سياسية، بعدما صوت 61 نائباً بالكنيست، مقابل 52، ضد مقترحها بإجراء انتخابات مبكرة.
|
كيف نجا نتنياهو من الانتخابات المبكرة؟
لواء د. سمير فرج
|
13 يونيو 2025
|
«الحرَيديم» هو تيار دينى من اليهود المتشددين، اشتُق اسمه من كلمة «الحرَيدى»، التى تعنى «التقيّ» بالعبرية. يعتبر الحرَيديم أنفسهم من الأصوليين المحافظين على الديانة اليهودية، من خلال التزامهم بتعاليم التوراة، وتطبيق الطقوس الدينية فى حياتهم اليومية. فتجدهم يُكرسون حياتهم للدراسة بالمعاهد الدينية، والصلاة فى المعابد ثلاث مرات يومياً، وتخصيص يوم السبت لدراسة التوراة، ويلتزم رجالهم بزى موحد وهو البذلة السوداء الطويلة، والقبعة السوداء، ويطلقون لحاهم، التى يتدلى منها خصلات من الشعر المقطوع.
يعرف الحرَيديم بالتشدد والتعصب لمبادئ التوراة، وبرفضهم الانفتاح على الثقافة الغربية، وقيم العلمانية، والنظم الديمقراطية كأساس للحياة السياسية والاجتماعية، استناداً على أن التوراة هى المصدر الوحيد للتشريع، وإدارة الحياة العامة للشعب اليهودى، لذا تجدهم يوظفون نفوذهم السياسى من أجل فرض التعاليم الدينية على الحياة اليومية للإسرائيليين.
تعارض عائلات الحرَيديم مبدأ تحديد النسل، لذا تتزايد أعدادهم، ليشكلوا 13? من سكان إسرائيل، مع توقعات بوصول ذلك الرقم إلى 19? بحلول عام 2035. ينتظم معظم الذكور فى المدارس الدينية حتى سن الأربعين، ولا يشاركون ضمن القوى العاملة فى المجتمع الإسرائيلى، ولا يخدمون فى الجيش الإسرائيلى، بدعوى أن الحفاظ على الهوية الدينية لإسرائيل لا يقل أهمية عن الخدمة العسكرية، فضلاً عن أن أسلوب حياتهم المتشدد، الذى يمنع الاختلاط بين الجنسين، يتعارض مع الأعراف العسكرية الإسرائيلية، التى يتم فيها تجنيد الذكور والإناث.
فمنذ إعلان دولة إسرائيل فى عام 1948، عاملهم أول رئيس وزراء، ديفيد بن جوريون، معاملة خاصة، بالإعفاء من التجنيد الإجبارى، باعتبارهم ركيزة استمرار دراسة تعاليم الديانة اليهودية، كما تُركت قوانين الأحوال الشخصية فى يد زعمائهم، الذين منعوا، على سبيل المثال، الزواج المدنى، وقصروه على الزواج وفقاً للتعاليم الدينية. وفى عام 2018، أبطلت المحكمة العليا قانون إعفائهم من الخدمة العسكرية، وتم تعليق القانون لحين توصل الكنيست إلى قواعد جديدة فى هذا الشأن.
وتشير الأوضاع الداخلية فى إسرائيل، إلى تصاعد الصراع، منذ فترة، بين الحرَيديم وبين القوى العلمانية، بسبب قوانين الأحوال الشخصية، واشتد الصراع، حالياً، مع تصاعد أعمال القتال فى غزة، التى أظهرت حاجة الجيش الإسرائيلى لدعم صفوفه بعناصر جديدة من الشباب، ومطالبات المعارضة بضرورة تجنيد الحرَيديم، إعمالاً لمبدأ المساواة فى توزيع الأعباء، بدلاً من إضافته إلى أولئك الذين يخدمون بالفعل.
وهنا ثارت عناصر الحريديم، الذين يمثلون جزءاً حاسماً من الائتلاف اليمينى الحاكم، ودعوا جميع الأحزاب الدينية للتصويت على رفض تجنيد شباب الحريديم فى الجيش الإسرائيلى، ومنع ملاحقتهم واعتقالهم. كما هددوا بإسقاط حكومة نتنياهو، حال عدم تمديد قرار إعفائهم من التجنيد.
وأصبح نتنياهو فى مشكلة، فمن ناحية وافق على مطالب اليمين المتطرف باستمرار الحرب على غزة، ومن ناحية أخرى عجز عن سد الاحتياجات الإضافية للجيش للاستمرار فى تلك الحرب، وهو ما دفعه لإعداد مشروع قانون لتقديمه للكنيست.
ومنذ أيام قليلة، تلقت المعارضة الإسرائيلية صفعة سياسية، بعدما صوت 61 نائباً بالكنيست، مقابل 52، ضد مقترحها بإجراء انتخابات مبكرة، بما يؤكد على الهشاشة المتزايدة داخل الائتلاف الحاكم، واتساع الفجوة بين الأحزاب الدينية والقاعدة العلمانية، خاصة فيما يخص التجنيد الإجبارى للحريديم، ليفوز نتنياهو بستة أشهر فى عمر حكومته اليمينية المتطرفة
Email: sfarag.media@outlook.com
|