العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
ويعتمد هذا التصنيف على عدة عوامل.. لعل أولها هو تعداد القوى البشرية لكل جيش، خاصة نسبة القوات العاملة إلى القوات الاحتياطية، ويدخل معه «أسلوب استدعاء الاحتياطى، وتوقيت الاستدعاء، ونوعه، وفترة تدريب هذا الاحتياط»، وتضع هذه المنظمة أيضًا ليس تعداد العامل البشرى فقط، بل تؤخذ في الاعتبار نوعية تعليم الفرد المقاتل.
|
الجيش المصري التاسع عالميًا
لواء د. سمير فرج
|
7 فبراير 2020
|
القوات المسلحة المصرية تتقدم إلى المركز التاسع في التصنيف العالمى والأولى عربيًا وإفريقيًا
تقدم ترتيب القوات المسلحة المصرية في إصدار مؤسسة جلوبال فاير باور «Global Fire Power» لعام 2020، الذي صدر هذا الأسبوع، لتصبح في الترتيب التاسع عالميًا، والأول عربيًا وإفريقيًا وشرق أوسطيًا، والواقع أن العالم حاليًا يعتمد على مؤسستين مهمتين في المجال الاستراتيجى والعسكرى: الأولى هي معهد الدراسات الاستراتيجيةThe International Institute for Strategic Studies (IISS)، الذي يُعتبر، في يومنا هذا، هو المرجع الرئيسى لكل الدول والخبراء الاستراتيجيين وجميع القوات العسكرية والاستخباراتية والمعلوماتية في العالم.
يرجع تاريخ هذا الإصدار إلى أكثر من 50 عامًا، تحديدًا في عام 1958، مما أكسبه مصداقية دولية، وأصبح دليلًا لكل المفكرين الاستراتيجيين والمحللين العسكريين والباحثين في شؤون الأمن القومى حول العالم.. بل صار تاريخ إصداره في فبراير من كل عام حدثًا دوليًا، ينتظره بشغف المعنيون بمحتواه، للتعرف على الجديد في الترسانات العسكرية في العالم، حيث يصنف هذا التقرير جميع دول العالم، بدءًا من الولايات المتحدة الأمريكية كأكبر قوة عسكرية في العالم، حتى مملكة بوتان كأصغر تلك القوى العسكرية.
أما المؤسسة الثانية فهى جلوبال فاير باور «Global Fire Power».. كأحد المراكز الحديثة في العالم، التي تقوم حاليًا بتقديم إصدارها السنوى لتصنيف الجيوش والقوات المسلحة في العالم اعتمادًا على تحديد قدرات تلك القوات، وبالتالى يتم ترتيبها وتصنيفها بين مختلف القوى العسكرية في العالم.
ويعتمد هذا التصنيف على عدة عوامل.. لعل أولها هو تعداد القوى البشرية لكل جيش، خاصة نسبة القوات العاملة إلى القوات الاحتياطية، ويدخل معه «أسلوب استدعاء الاحتياطى، وتوقيت الاستدعاء، ونوعه، وفترة تدريب هذا الاحتياط»، وتضع هذه المنظمة أيضًا ليس تعداد العامل البشرى فقط، بل تؤخذ في الاعتبار نوعية تعليم الفرد المقاتل..
.. وبالمناسبة نقول إن أحد العناصر التي أسهمت في تقدم ترتيب الجيش المصرى عالميًا هو أن معظم جنود القوات المسلحة حاليًا حاصلون على شهادات جامعية عكس ما كان يحدث في الماضى.
أما العامل الثانى في التقييم فهو الخبرة القتالية السابقة لهذا الجيش، وليس فقط في ميادين القتال، بل إن محاربة الإرهاب أصبحت الآن أحد مقومات تقدير قوة أي جيش نظامى.. أما العنصر المهم الآخر فهو جنسية أفراد القوات المسلحة، حيث إن بعض الدول ذات التعداد المنخفض تلجأ إلى أن ينضم إلى صفوف قواتها المسلحة أفراد من جنسيات أخرى بعد تجنيسهم، وبالطبع لن يكون لهؤلاء الدافع لحماية بلادهم.
ويأتى العامل الثالث: حجم الصناعات العسكرية للدولة، ومدى قدرتها على تلبية احتياجات القوات المسلحة.
أما العامل الرابع فيأتى تحت عنوان «ميزانية الدفاع»، وهى أكثر العوامل التي تحدد قدرة الدولة على تحديث وتطوير قواتها المسلحة.
والعامل الخامس يأتى من مستوى التدريب، خاصة المناورات العسكرية المشتركة، وأعتقد أن التدريب المشترك المصرى- الأمريكى برايت ستار «Bright Star» قد وضع مصر في ترتيب متقدم، كذلك جاءت التدريبات العسكرية المشتركة المصرية مؤخرًا مع العديد من الدول، خاصة أنها هي التي تطلب تنفيذ هذا التدريب، لتكون نقطة قوة في هذا التصنيف.
ويأتى العامل السادس، وهو «الروح المعنوية للقوات المقاتلة»، والذى لم يُدرج ضمن عوامل تصنيف القوات المسلحة للدول إلا بعد انتصار مصر على إسرائيل في حرب 73، فبالرغم من التفوق العددى والنوعى للجيش الإسرائيلى، فإن مصر حققت انتصارها بفضل الروح المعنوية للمقاتل المصرى في هذه الحرب ورغبته في تحرير أرضه المحتلة.
والعامل السابع في تقييم القوات المسلحة لأى دولة هو وجود عقيدة قتالية عسكرية تتناسب مع قدرات وإمكانيات الدولة.. وتُعتبر مصر من أكثر الدول ذات العقيدة العسكرية الخاصة بها بعد خبرة حرب 73، حيث نجحت القوات المسلحة المصرية في أن تكون لها عقيدة عسكرية خاصة بها، هي مزيج من العقيدة القتالية الشرقية مضافة إليها خبرة حرب أكتوبر 73.
أما العامل الثامن فهو مدى اعتماد جيوش هذه الدولة على الأنظمة الإلكترونية الحديثة، ولقد ارتفع تقييم مصر فور شرائها القمر الصناعى العسكرى من فرنسا، خاصة أن هذا القمر الصناعى يعمل في مجال الاتصالات والحصول على المعلومات.
وجاء الترتيب لهذا العام 2020 لتكون الولايات المتحدة الأمريكية على رأس هذا التقييم العسكرى في المركز الأول، وبعدها تأتى روسيا في الترتيب الثانى، ثم الصين في المركز الثالث، ثم الهند في المركز الرابع، ثم اليابان في المركز الخامس، ثم كوريا الجنوبية في المركز السادس، ثم فرنسا في المركز السابع، ثم المملكة المتحدة «بريطانيا» في المركز الثامن، ثم القوات المسلحة المصرية في المركز التاسع، ثم البرازيل في المركز العاشر، وعلى مستوى الشرق الأوسط جاءت القوات المسلحة المصرية في المركز الأول، تليها تركيا بترتيب المركز الثانى في الشرق الأوسط، والمركز الثالث عشر عالميًا، وجاءت إيران في المركز الثالث على مستوى الشرق الأوسط، والمركز الرابع عشر عالميًا، وجاءت المملكة العربية السعودية في المركز الرابع على مستوى الشرق الأوسط، والتصنيف الـ17 على مستوى العالم، وجاءت إسرائيل في المركز الخامس على مستوى الشرق الأوسط، وفى الترتيب الثامن عشر على مستوى العالم، والجدير بالذكر أن هذا الترتيب يعنى الأسلحة التقليدية وليس بداخله القوى النووية لهذه الدول، حيث إن الترتيب النووى في العالم للدول التسع: «روسيا- الولايات المتحدة الأمريكية- فرنسا- الصين- بريطانيا- باكستان- الهند- إسرائيل- وأخيرًا كوريا الشمالية».
وعلى أي حال، فإننى أرى- كغيرى من المحللين العسكريين والاستراتيجيين في العالم- أن هذه الطفرة التي قفزتها مصر مؤخرًا في هذا الترتيب جاءت بسبب الأسلحة الجديدة التي دخلت القوات المصرية، ثم المناورة الأخيرة «قادر 2020»، التي كانت من أكبر وأهم المناورات العسكرية التي تمت خلال عام ٢٠٢٠ من حيث حجم القوات المستخدمة والعمل على الاتجاهات الاستراتيجية الأربعة وأخيرًا بالذخيرة الحية، والتى أظهرت استيعاب القوات المسلحة المصرية لكل هذه الأسلحة والمُعَدّات الجديدة والعمل في تناغم كامل واستيعاب هذه التكنولوجيا المتطورة، وهكذا فإن هذا التصنيف لمصر سوف يكون رادعًا لمَن تسول له نفسه تهديد الأمن القومى المصرى، كذلك ستعطى كل المصريين الطمأنينة بأن لديهم قوات مسلحة قوية قادرة على تحقيق الأمن القومى المصرى وحماية ثرواتها الطبيعية ضد أي تحرشات عسكرية مستقبلًا.
Email: sfarag.media@outlook.com
|