من المقــال وما أن التقط الهاتف، حتى صاح قائلاً إنه يريد رؤيتي، فتوجهت، على الفور، إلى أرض المعارض، لألتقيه بعد ثلاثين عاماً، وجلسنا في أحد الكافيهات في المعرض، المجهز في الحقيقة، على أعلى مستوى، لخدمة العاملين به والزوار. |
لقاء بعد ثلاثين عاماً
وما أن التقط الهاتف، حتى صاح قائلاً إنه يريد رؤيتي، فتوجهت، على الفور، إلى أرض المعارض، لألتقيه بعد ثلاثين عاماً، وجلسنا في أحد الكافيهات في المعرض، المجهز في الحقيقة، على أعلى مستوى، لخدمة العاملين به والزوار. امتد لقاءنا لثلاث ساعات متواصلة، أخبرني خلالهم أن وصل لي من خلال صورة جمعتنا، خلال زيارة فرنسا، ولما عرضها على بعض الضباط المصريين، تعرفوا عليّ، وأوصلوه بي. خلال تلك الجلسة، لاحظت أن صديقي، إيمانويل، تناول ثلاث مشروبات، وهي الخروب، والمانجو، ثم السحلب. إفطار إيمناويل فسألته “كيف عرفت تلك المشروبات، فأجابني، ضاحكاً، أن ذلك ليس كل ما عرفه من مصر، بل أن إفطاره، اليومي، منذ وصوله للقاهرة، من أسبوعين، هو الفلافل والفول. ثم أخبرني أنه تعلم كل ذلك من خلال السائق، المصاحب له في القاهرة، وهو شاب مصري اسمه رامي، تخرج في الجامعة الفرنسية، بالقاهرة، ويتحدث الفرنسية بطلاقة، وأنه يعمل على سيارته الخاصة، لتوفير مصروفات دراسته، الحالية، للحصول على درجة الماجستير، أملاً في تحقيق حلمه بالحصول على درجة الدكتوراة من جامعة السوربون، أعرق الجامعات الفرنسية. مضيفاً أنه أمام إصرار، الشاب رامي، وطموحه، فقد قررت إدارة شركته تحمل مصروفات حصوله الدكتوراة من السوربون. ثم ذكر لي أنه زار مع رامي الكثير من أحياء القاهرة، خاصة القديمة، ولفت انتباهه أن رامي قد ضل طريقه، ثلاث مرات، خلال تلك الزيارات، وعرف منه أن السبب يرجع للطفرة الحادثة في شبكة الطرق والكباري المصرية، التي تتطور بمعدل سريع، يجعل من الصعب ملاحقتها. السائق لا يعرف الطرق الجديدة وتابع، إيمانويل، حديثه في الإشادة بروعة بلادنا، وحُسن استقبال أهلها لضيوفهم، معقباً عن انبهاره بالمستوى المتميز لتنظيم معرض “إيديكس”، وهو من يشارك في عشرات المعارض الدولية، كل عام، كلها من أكبر المعارض العسكرية في العالم، إلا أنه لمس ضخامة التنظيم، والانتباه لجميع التفاصيل والخدمات المقدمة للعارضين، سواء الإدارية أو الجمركية، لدخول معروضاتهم من المعدات والأسلحة، إلى مصر، وهو ما يسر مشاركتهم في هذا الحدث الدولي الهام. لواء دكتورسمير فرج يكتب عن لقاء بعد ثلاثين عاماً كان معرض إيديكس قد شرُف بافتتاح السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالفعل، قبيل لقاءنا هذا، واتيحت، لصديقي، الفرصة للاطلاع على الإنتاج الحربي المصري، وهو ما جعله يسألني عن سر التفوق فيه، وهو المتابع للشأن العسكري، بحكم خبرته السابقة، وعمله الحالي، ويعلم أن مصر حققت طفرة، في هذا المجال، في فترة وجيزة. التصنيع الحربي في مصر فأجبته، ببساطة، أننا بدأنا التصنيع الحربي، مع بداية عهد الرئيس الراحل، جمال عبد الناصر، في خمسينيات القرن الماضي، وحققنا انطلاقة كبيرة، بإنشاء مصنع الطائرات في حلوان، بالتعاون مع الهند، حتى مُنينا بهزيمة 67، وفقدنا معظم عتادنا الحربي، فتوقفت عجلة التصنيع الحربي، واتجهنا لاستيراد الأسلحة من روسيا، بينما الهند، التي بدأت معنا، وصلت لإنتاج الطائرة المقاتلة النفاثة. واستقرت الأمور، مع الأسف، على ذلك الوضع، حتى تولي الرئيس السيسي، حكم البلاد، إذ اتخذ قرارين، هامين، في تاريخ العسكرية المصرية؛ أولهما، تنويع مصادر السلاح، بعد ما يزيد عن أربعة عقود من الاعتماد على السلاح الأمريكي. أما الثاني، فكان تطوير المصانع الحربية، وتعيين اللواء محمد العصار وزيراً للإنتاج الحربي، لتنفيذ ذلك القرار. وفي خلال عامين، وبعد سنوات من القصور، شهدت، كافة، المصانع الحربية تطويراً جذرياً، في بنيتها الأساسية، لتضاهي مثيلاتها الأوروبية، لتبدأ المرحلة الثانية، بنقل التكنولوجيا الحديثة للصناعات الحربية المصرية، اعتماداً على ما للمصريين من خبرة، فريدة، مكتسبة من حرب أكتوبر 73. الجمهورية الجديدة فبفضل من الله، ثم حكمة القيادة السياسية، نجحنا، خلال الثلاث سنوات الماضية، في إنتاج أحدث الأسلحة، في الترسانة العسكرية العالمية، ليس، فقط، لأغراض التصدير، بل أيضاً لتحقيق الاكتفاء الذاتي، مبدئياً، على مستوى الوحدات المقاتلة. مع الالتزام بالتطوير، من خلال نقل التكنولوجيا، مثلما حدث عند شراء الفرقاطات، من إيطاليا، إذ قمنا بتصنيعها، في نفس الوقت، في الترسانة البحرية بالإسكندرية. وهم ما لمسه، صديقي إيمانويل، بنفسه، وأعرب عنه بقوله، “أنا، فعلاً، لم أصدق حجم التصنيع الحربي، الذي رأيته، هذه المرة، في مصر”. Email: sfarag.media@outlook.com |