العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
وبعد نجاح هذه اللجنة فى تدبير مطالب القوات المسلحة المصرية، ووزارة الصحة، أصدر الرئيس السيسى قراره رقم 151 لسنة 2019، بإنشاء هيئة لتدبير كل المستلزمات الطبية لمصر.
|
قصة نجاح لا يعرفها الجميع
لواء د. سمير فرج
|
23 يوتيو 2022
|
بدأت القصة باجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، برئاسة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، وذلك لمناقشة موازنة وزارة الدفاع، فى عامها الجديد، من خلال استعراض مؤشراتها، ومقارنتها بالأعوام الثلاثة السابقة، للتعرف على حجم التغير ونسبته، سلبيا كان أو إيجابيا. ففوجئ السيد الرئيس بارتفاع تكاليف إدارة الخدمات الطبية للقوات المسلحة، بنسبة كبيرة، تتفوق على متوسطات الأعوام السابقة، وبالاستفسار عن أسباب تلك الزيادة، عرف سيادته أنه نتيجة لتضاعف أسعارالأجهزة الطبية، كأجهزة الأشعة بأنواعها، وأجهزة المعامل، وأجهزة التعقيم، وغيرها، المسئول عن توريدها إحدى الشركات الألمانية.
وعلى الفور أصدر السيد الرئيس قراره بتشكيل لجنة، من 10 أعضاء، برئاسة اللواء طبيب بهاء زيدان، مدير مجمع مستشفيات الجلاء للقوات المسلحة، للسفر إلى ألمانيا والتفاوض مع عدد من الشركات لتدبير كل مطالب القوات المسلحة من الأجهزة والمعدات الطبية. وسافر أعضاء اللجنة لتنفيذ مهمتهم، فى أسرع وقت، وفاوضوا، بالفعل، عددا من الشركات الألمانية، بما فيها الشركة المتعاقد معها، كما تواصلوا مع ممثلى الشركات الفرنسية والبريطانية واليابانية، والصينية، المنتجين لنفس المعدات الطبية، وحصلوا منهم على أسعار تنافسية، خاصة من الصين. وما أن عادت اللجنة للقاهرة، حتى حصلت على عرض جديد من الشركة الألمانية، بتخفيضات وصلت لنحو 40% على معظم الأجهزة.
وقد يتعجب البعض من نسبة التخفيض الكبرى، ولكنها، فى الحقيقة ترجع لعدة أسباب، أولها إلغاء عمولة وكيل الشركة فى القاهرة، نتيجة للتعامل المباشر، ثانياً إدراك الشركات الألمانية لجدية مصر فى التوجه لأسواق منافسة، وهو ما رد به مسئولو اللجنة على ممثلى الشركة الألمانية عندما قارنوا تفوق سنوات ضمانهم السبع، على الصين التى لا تتيح أكثر من خمس سنوات فقط، بأنه فى ظل التطور المتسارع للمنتج الألمانى، نجد أنفسنا مضطرين للتخلى عن مدة الضمان فى سبيل ملاحقة تطوره. وهكذا استجاب الجانب الألمانى للمفاوضات، وقدم أسعاراً جديدة، لضمان المحافظة على عملائه.
وعندما أمر السيد الرئيس السيسى بتدبير 1000 حضانة للأطفال، حصلت اللجنة على تخفيض قدره 60%، تم الاستفادة منها فى تأمين كل مستشفيات وأقسام الاطفال فى مصر، وهى نفس نسبة التخفيض التى حصلت عليها اللجنة، مرة أخرى، عند شراء 1000 جهاز تعقيم، لعيادات الأسنان، ضمن حملة مكافحة فيروس سى، الذى يعتبر سوء التعقيم، واحداً من أهم مسبباته. كما نجحت اللجنة فى التفاوض على أسعار أجهزة التحاليل، لمصلحة وزارة الصحة، وبعدما كانت الشركات الألمانية قد قدمت عرضها بقيمة 3 مليارات جنيه، تم الحصول على تخفيض وصل لنحو 35% فى السنة الأولى، ثم إلى 25% فى السنة الثانية.
وبعد نجاح هذه اللجنة فى تدبير مطالب القوات المسلحة المصرية، ووزارة الصحة، أصدر الرئيس السيسى قراره رقم 151 لسنة 2019، بإنشاء هيئة لتدبير كل المستلزمات الطبية لمصر، سواء للقوات المسلحة أو وزارة الصحة، أو المستشفيات الجامعية، المعتمدة على التبرعات، والتى أمر الرئيس السيسى بتوفير تمويل لها من خلال صندوق تحيا مصر، للاستفادة من أسعار الشراء المجمع، على أن تقوم برد الأموال فور تدبيرها. كما وجه السيد الرئيس بضرورة وجود احتياطى استراتيجى من الأدوية والأجهزة الطبية، وهو ما كان أحد أهم القرارات، إذ هاجمنا وباء كورونا، بعدها بشهرين، وتمكنت مصر، بفضل من الله، ثم بفضل قراراتها الحكيمة، من التصدى لتلك الجائحة والصمود أمامها، بالاعتماد على احتياطيها الاستراتيجى.
واعتماداً على نجاح تلك الهيئة، واتصالاً بجهود استراتيجية عودة مصر إلى إفريقيا، فقد وجه الرئيس السيسى بتقديم العديد من المبادرات الصحية لعدد من الدول الأفريقية، ثم وفى الفترة من 5 إلى 7 يونيو، انعقد المؤتمر الطبى الإفريقى الأول، تحت رعاية وبتشريف السيد رئيس الجمهورية، وأشرفت على تنظيمه هيئة الشراء الموحد، برئاسة اللواء طبيب بهاء زيدان، تعرفت خلاله الوفود الأفريقية على المبادرات الطبية التى نفذتها مصر، خاصة فى مجالات رعاية الأطفال، ورعاية صحة الأم الحامل، ومبادرة نور العيون لأطفال المدارس، وملحمة القضاء على فيروس سى، ومبادرة علاج ضعف وفقدان السمع للأطفال حديثى الولادة، وتجربة القضاء على قوائم الانتظار فى العمليات الجراحية، ومبادرة الكشف المبكر عن الأورام للسيدات.
والحقيقة أن المؤتمر حقق أهدافاً كثيرة،منها فتح أسواق جديدة للشركات المصرية العاملة فى ذلك المجال، مع ضمان وصول هذه المنتجات الطبية بالمواصفات العلمية الدقيقة للدول الأفريقية، للمساعدة فى الارتقاء بمستوى الرعاية الصحية فيها، فضلاً عن الاتفاقات على توريد الأدوية المصنعة فى مصر، إلى دول أفريقيا، بعدما زارت وفودها مصانع الدواء المصرية.واعتماداً على نجاح التجربة المصرية فى الشراء الموحد للأجهزة الطبية، فقد طلبت العديد من الدول الإفريقية مساعدة مصر لتنفيذ الفكرة. وأستشهد هنا بمقال الدكتور خالد فتحى، الأستاذ بكلية الطب، فى الرباط، كتبه بمجلة الأهرام العربى مشيداً فيه بالمؤتمر الطبى الإفريقى الأول، الذى رفع مكانة مصر أمام الأفارقة والعرب، وفتح لهم أبواب الأمل لاستلهام تجربة فعلية فى مجال الصحة، نجحت فى القضاء على العديد من الأوبئة والأمراض المزمنة، وأصبحت نموذجاً يحتذى به.
وهكذا تعرفنا على قصة نجاح مصرية لا يعرفها الجميع، بدأت فكرتها فى اجتماع مهم، منذ عامين، واليوم نرى بصماتها فى كل مستشفيات مصر العامة ... إنها هيئة الشراء الموحد ... أحد أهم أذرع تحقيق الأمن الطبى للمواطن المصرى.
Email: sfarag.media@outlook.com
|