العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
واستطردت بأنها بدأت بحثها فى الأمر المصرى، بالاطلاع على الورقة البحثية التى قدمها الرئيس السيسى، عندما كان طالباً فى الولايات المتحدة، فوجدتها دراسة عن الديمقراطية فى دول العالم الثالث.
|
ذكريات مع ثورة يونيو
لواء د. سمير فرج
|
30 يونيو 2022
|
مع احتفالنا السنوى بذكرى ثورة 30 يونيو، نتذكر، جميعا، نجاح الرئيس عبدالفتاح السيسى فى تخليص مصر من حكم جماعة الإخوان، فى عام 2013، وهو ما يعد واحدا من أهم وأجرأ قرارات سيادته، التى سيخلدها التاريخ بأحرف من نور، كما سبقت وأعلنت، خلال حوارى مع سيادته، على الهواء مباشرة، فى العام الماضى، فى أثناء الاحتفال بذكرى نصر السادس من أكتوبر. ما سبق أن قلته للسيدة مادلين أولبرايت، وزيرة الخارجية الأمريكية فى عهد الرئيس كلينتون، ورئيسة المجموعة الاستشارية، Think Tank، وللرئيس الأمريكى الأسبق باراك أوباما، الذى كان يعتمد على مثل تلك المجموعات الاستشارية، لمعاونته فى اتخاذ القرارات الهامة.
وبعد انتخابه رئيسا للجمهورية فى 2014، وبالتزامن مع الإعداد لزيارة السيد الرئيس السيسى، إلى نيويورك، للمشاركة فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، كنت أنا فى زيارة للولايات المتحدة، وتحدد لى، خلالها، لقاء، فى واشنطن العاصمة، مع السيدة أولبرايت، وأعضاء مجموعتها المكونة من 17 فردا، وبدأ الاجتماع بتقديم أعضاء المجموعة، المنتمين لمختلف المجالات، فمنهم الخبراء العسكريون، وخبراء الأمن القومى، والسياسيون، وخبراء القانون، ولم أندهش لوجود دكتور لعلم النفس بينهم.
كنت قد أُبلغت قبل الاجتماع، بأن مدته 45 دقيقة، تبدأ بكلمة للسيدة أولبرايت، لمدة 15 دقيقة، يعقبها كلمتى لمدة 15 دقيقة أخرى، على أن تخصص الربع ساعة الأخيرة للنقاش مع باقى أعضاء المجموعة. فبدأت حديثها بتوضيح أن الأسابيع المنصرمة كانت من أهم فترات المجموعة، إذ كلفهم الرئيس أوباما بدراسة أهم موضوعين يخصان السياسة الخارجية الأمريكية، فى الفترة اللاحقة، تمهيدا لاتخاذ الولايات المتحدة عددا من القرارات المصيرية بشأنهما. الموضوع الأول ما يحدث فى البلقان، وتحديداً فيما يخص احتلال روسيا لشبه جزيرة القرم من أوكرانيا، أما الثانى فكان سؤالا مباشرا من الرئيس أوباما لتوصيف ما حدث فى مصر تحديداً، هل كان انقلابا، قام به الرئيس السيسى لإزاحة الإخوان من السلطة؟ أم كانت ثورة شعبية، أيدها وساندها الجيش؟ مضيفة أنه فى حالة اعتبار ما حدث فى مصر انقلابا عسكريا، سيكون له تبعات خطيرة على مصر طبقا للدستور الأمريكى.
واستطردت بأنها بدأت بحثها فى الأمر المصرى، بالاطلاع على الورقة البحثية التى قدمها الرئيس السيسى، عندما كان طالباً فى الولايات المتحدة، فوجدتها دراسة عن الديمقراطية فى دول العالم الثالث، وهو ما يعنى أنه مؤمن، منذ بداية حياته العسكرية، بأهمية الديمقراطية لدول العالم الثالث، ثم أضافت أنها تابعت أول قرارات الرئيس السيسى بعد توليه الحكم برفع الدعم عن المحروقات، وهو القرار الذى تأخر لأكثر من 40 عاما، فى مصر، خشية المعارضة الجماهيرية، مما أكد لها أنه Reformer، حسب وصفها، أى إصلاحى، وكررت الكلمة أكثر من مرة، فلو كان قادما على رأس انقلاب لفعل ما يفعله الانقلابيون، بمحاولة استمالة الشعب، بقرارات شعبوية لإرضائهم. والأهم من ذلك، أن الشعب وافقه على قراراته، رغم صعوبتها، ولم يواجها بالرفض الشعبى، أو بالمظاهرات، مما أكد لها، وللمجموعة، أن ما حدث فى مصر ثورة شعبية، انحاز لها الجيش، وهو ما رفعته لاحقا فى تقريرها النهائى للرئيس أوباما.
عندما حان دورى، فى الكلام، كنت على يقين بأن تلك المجموعة على علم تام بتفاصيل ما حدث، فأضفت كلمة واحدة، مفادها أنه حتى فى أعتى الديمقراطيات، يتودد الرئيس إلى الشعب، خلال فترة رئاسته الأولى، بقرارات شعبية، ليضمن إعادة انتخابه لفترة رئاسية جديدة، يتخذ خلالها القرارات الصعبة، قبيل رحيله عن الحكم. أما الرئيس السيسى فكان هدفه الإصلاح منذ اليوم الأول، غير آبه بشعبيته، لإيمانه بأن قراراته تصب فى مصلحة البلاد، حتى وإن لم يشعر العامة بأهميتها على المدى القصير إلا أن تأثيرها،على الاقتصاد المصرى، عظيم فى المستقبل.
وانتهى اللقاء الرسمى، وتقدمنا نحو طاولة جانبية، رُصت عليها الحلوى الأمريكية الشهيرة، الدونتس، وفى خلال خمس دقائق، وبينما نتناول القهوة، تحدثت السيدة أولبرايت بحرية أكبر، بعيدا عن الرسميات، فبدأت حديثها بدعابة عن أن تلك الحلوى، من ذلك المتجر الخاص، هى أحب الأنواع إليها، والسبب الرئيسى فى إفساد كل محاولات الحميات الغذائية التى تتبعها، ثم استطردت قائلة بأنها استعدت لاجتماعنا المشترك، بالقراءة عن تاريخى العملى، سواء فى الحياة العسكرية أو المدنية، وعلمت أننى كنت أول محافظ للأقصر، متمنية أن تزور مصر يوماً، بغرض السياحة، لمشاهدة آثارها، التى درستها منذ الصغر، كمهد الحضارة، وفجر التاريخ، وأن تقوم برحلة نيلية، التى سمعت عنها من أصدقائها، كأجمل الرحلات.
واختتمت السيدة أولبرايت، ذلك الحديث الجانبى، قائلة: إن بلادكم عظيمة، وتستحق أن تقود العالم العربى، والإسلامى، فلديكم جميع مؤهلات القيادة، ولكن ينقصكم خطة واضحة للإصلاح الاقتصادى والسياسي. والحقيقة أن تلك الدقائق الخمس، التى تلت مناقشة الموقف المصرى، خلال الاجتماع الرسمى، جعلتنى أشعر وكأنها كانت تقرأ الطالع، فعلى الفور بدأت مرحلة التنمية فى مصر، على جميع الأصعدة، بالتركيز على ما فيه مصلحة المواطن، برفع كفاءة التعليم والرعاية الصحية، مع تطوير البنية الأساسية، مع الانتباه لأهمية رفع مستوى معيشة المواطن فى الريف، من خلال مبادرة حياة كريمة، التى أشادت بها الأمم المتحدة ووصفتها بأنها أكبر مبادرة تنموية على مستوى العالم. وبمرور الأيام تأكد لنا أننا نسير على الطريق الصحيح، وهو ما سيجنى ثماره أولادنا وأحفادنا، بالفخر بمصر فى مكانتها المستحقة.
Email: sfarag.media@outlook.com
|