العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
جدير بالذكر، أن جميع المؤسسات العسكرية، على مستوى العالم، تنظر إلى حرب أكتوبر 73، باعتبارها آخر الحروب التقليدية بين قوتين عسكريتين.
|
هل ترفع إسرائيل السرية عن وثائق حرب أكتوبر
لواء د. سمير فرج
|
24 أغسطس 2023
|
أعلنت إسرائيل، أنه بمناسبة مرور 50 عاماً، على حرب أكتوبر، سيطلق أرشيف الجيش الإسرائيلى، فى وزارة الأمن، موقعاً إلكترونياً جديداً، سماه حرب عيد الغفران، نسبة لأن القوات المسلحة المصرية شنت هجومها، فى عام 1973، فى نفس يوم عيد الغفران، الذى يحتفل به اليهود، بطقوس خاصة، أهمها التعطل عن العمل، وتفضيل البقاء بالمنازل.
وقد أفاد الإعلام العبرى بأن ذلك الموقع الجديد سيعرض، لأول مرة، عددا من الملفات الأصلية، التى يُقدر عددها بنحو 15301 صورة، و6085 مستندا، و169 خريطة، فضلاً عن 215 تسجيل فيديو، و40 تسجيلا صوتيا لشهادات عن الحرب، ولمشاهد المعارك التى دارت على الجبهة المصرية والسورية، مع عرض المناقشات والمداولات التى دارت بين صناع القرار فى إسرائيل، والتى كان لها بالغ الأثر، فى سير عمليات القتال، خلال هذه الحرب، بصورة دراماتيكية، من وجهة النظر الإسرائيلية، بالطبع. وأضاف الموقع أنه سيكشف، كذلك،عن الثغرات، والأخطاء، التى وقعت فيها الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، قبل نشوب الحرب، والتى كانت سبباً فى تشكيل لجنة أجرانات، من جانب رئيس هيئة الاستخبارات الإسرائيلية،آنذاك، الجنرال إيلى عزرا،للتحقيق فيها، وتحديد المسئولية بشأنها، بعد هزيمة إسرائيل فى الحرب.
كما أشارت قناة I24 الإسرائيلية إلى أن الاستخبارات الإسرائيلية قد أبلغت عن وجود تنسيق كامل بين دولتى مصر وسوريا، وبالطبع قيادة الجيشين المصرى والسورى، مدللة على ذلك بحشدهما قواتهما على حدود إسرائيل، بإمدادات غير مسبوقة من قبل، وهو ما كان مؤشرا على أن الدولتين قد اتخذتا قراراً استراتيجياً، لشن الحرب، دون الحاجة لاستخدام قوات إضافية، مشيرة إلى أن عدم رصد نية مصر وسوريا، يعتبر تقصيراً جسيماً من قِبل الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، يستوجب الحساب والعقاب.
وأضافت أن العميد الإسرائيلى يوآل بن فورات قد أشار فى يومياته إلى فشل المخابرات الإسرائيلية فى تقييم الموقف، مما أدى إلى عدم جاهزية، أو بالأحرى، غياب قوة الردع الإسرائيلى، كما كشف أنه بعد سقوط الموقع الإسرائيلى حرمون، قد علم بوجود رسائل وبرقيات، كانت قد وصلت إلى الموساد،من عملائها، قبل 36 ساعة من بدء القتال، مشفرة بكلمات رمزية، كان من المفترض أن تعلم منها إسرائيل بنية القوات المصرية فى الهجوم، إلا أنه اكتشف أن القادة الرئيسيين فى إسرائيل، وهم رئيس الموساد ورئيس الأركان ورئيس الاستخبارات العسكرية، لم يعلم أى منهم عن أمر تلك البرقيات المشفرة.
جدير بالذكر، أن جميع المؤسسات العسكرية، على مستوى العالم، تنظر إلى حرب أكتوبر 73، باعتبارها آخر الحروب التقليدية بين قوتين عسكريتين، هما مصر وإسرائيل، ورغم اختلاف عقيدتهما العسكرية، بين الشرقية والغربية، وتباين تطور الأسلحة والمعدات المملوكة لكل منهما، لصالح القوات الإسرائيلية، إلا أن مصر استطاعت، من خلال تلك الحرب، أن تقدم للفكر العسكرى العديد من المناهج والأساليب القتالية الحديثة، التى صارت تُدرس فى أعتى المعاهد والكليات العسكرية. وإذا ما قارنت ذلك بما يجرى، حالياً، من حرب بين روسيا وأوكرانيا، فيتأكد لك، عزيزى القارئ، أنها لم تقدم للفكر العسكرى إلا أسلوبا واحدا جديدا، وهو استخدام الصواريخ الباليستية، فى تنفيذ الضربة الابتدائية للحرب، بدلاً من الضربة الجوية، المُتعارف عليها بالضربة الافتتاحية لشن الحرب. أما استخدام الطائرات المسيرة، فبدا ضعيفاً وباهتاً، خاصة أن كلتا الدولتين لايصنع هذا الطراز من الطائرات، فروسيا تستخدم المسيرات الإيرانية، بينما تستخدم أوكرانيا المسيرات التركية. أما فى حرب أكتوبر 73، وما سبقها من حرب الاستنزاف،فقد أبدعت مصر فى تقديم العديد من المفاهيم الجديدة فى التسليح، منها استخدام القوات البحرية، بعدما أغرقت مصر المدمرة إيلات، أمام سواحل بورسعيد، تلك العملية التى كانت سبباً فى انحسار تصنيع المدمرات والبوارج، لحساب الفرقاطات، الصغيرة الحجم، وكثيفة التسليح والتكنولوجيا.كما قدم المصريون فكرة الحصار البحرى، عن بعد، كأسلوب جديد فى الفكر العسكرى البحرى، عندما نجحت مصر فى إغلاق باب المندب أمام الملاحة الإسرائيلية، وأصبح الجيش الإسرائيلى عاجزاً عن التدخل ضد القوات المصرية التى نفذت الحصار لبعد المسافة، عن قدرة القوات الإسرائيلية.
كما قدمت مصر فكرة تحييد القوات الجوية المعادية، باستخدام حائط الصواريخ المصرى، ضد تفوق القوات الجوية الإسرائيلية، كماً ونوعاً، ومن بعدها صار بإمكان أى دولة أن تتبع أسلوب حائط الصواريخ، لمنع القوات الجوية المعادية، المتفوقة، أن تتدخل فى منطقة محددة، حتى وإن كانت قواتها الجوية محدودة القدرات.وأضافت القوات المصرية، فى تلك الحرب، مفهوم قتال عناصر المشاة، منفردة، دون الدبابات، على عكس ما كان مسموحاً به فى الماضى، فصار استخدام قوات المشاة، مع أعداد مناسبة من الأسلحة المضادة للدبابات، سواء كانت الأر بى جى أو الصواريخ المضادة للدبابات، أحد المفاهيم العسكرية التى استحدثتها مصر، بخبرة قواتها المسلحة فى حرب أكتوبر 1973.
وعموماً، فإن الجميع، ليس فى إسرائيل، فقط، صار مترقباً نشر تلك الوثائق والمستندات، بعد 50 عاماً، من انتصار مصر فى حرب أكتوبر 1973، للاطلاع عما ستفصح عنه، فى ظل تساؤلات عن مدى شمولها وشفافيتها، بمعنى هل ستنشر إسرائيل كل ما لديها، بما لها وما عليها، أم ستخفى الكثير من الحقائق، وهو الاحتمال الأرجح من وجهة نظرى، رغم أنه لا يغير من الحقيقة فى شىء.
Email: sfarag.media@outlook.com
|