انضباط مستشفيات القوات المسلحة

لأننى من المؤمنين بقطبى التنمية البشرية؛ الارتقاء بالخدمات الصحية، والتعليم، فلما صرت محافظاً للأقصر، كنت أبدأ يومى فى الساعة السادسة صباحاً، بالمرور على أحد قرى أو مراكز المحافظة، وانطلق منها، فى السابعة والنصف، لأحد المدارس لحضور طابور الصباح، وتحية العلم، وكلمة الصباح، وبعدها فى الثامنة والنصف، أمر على المديريات التابعة للوزارات، لتفقد أعمالها، ثم فى العاشرة، أبدأ المرور على الهم الثقيل، وهو المستشفيات، وألتقى المواطنين البسطاء، الذين جاءوا بحثاً عن الطبيب المتخصص لتشخيص المرض، وعلاجه سواء بالدواء أو بإجراء العملية، وهو ما كان أكبر معاناتي، فى ظل ضيق الموارد، وأدعى أننى نجحت، أثناء أحد زيارات رئيس الوزراء، الأسبق، الدكتور أحمد نظيف، فى اعتماد أول زيادة لمرتبات الأطباء، على مستوى مصر، لاقتناعى بأن المقابل المادى لم يكن مجدياً لتلك المهمة الجليلة.

وفى الأيام الحالية، ساقتنى الظروف لزيارة عدد من المستشفيات التابعة للقوات المسلحة، ولأننى أبدأ يومى مبكراً، فقد وصلت لمجمع مستشفيات المعادي، لزيارة أحد الأصدقاء، فى الثامنة صباحاً، ومررت، أولاً، على مدير المجمع، الدكتور تامر منصور الهلباوي، لتحيته، فوجدت جميع مديرى مستشفيات المجمع، ومعاونيهم، فى مكتبه، واستأذننى أن يستكمل، أولاً، اجتماعه اليومى بهم. وبينما أنا جالس استمعت لتقارير كاملة عن كل مستشفى، سواء قائمة العمليات المقررة لليوم، أو احتياجات كل مستشفى من الأجهزة والأدوية والمعدات، وكذا استعراضاً لمتطلبات الصيانة اللازمة. وفى التاسعة إلا ربع انتهى الاجتماع، وسارع كل مدير، مع طاقمه، إلى المستشفى الخاص به، وصحبنى الدكتور تامر منصور الهلباوي، إلى زيارتي، فى طريقه للمرور اليومى على المجمع، فبهرنى مستوى النظافة، والالتزام بموعد بدء العيادات فى تمام الساعة التاسعة صباحاً.

وشاءت الظروف، بعدها، أن أزور مجمع مستشفيات القبة العسكري، أقدم مستشفى عسكرى فى مصر، يضم 8 مستشفيات متخصصة؛ أسنان، وجراحة، وباطنة، ورمد، وقلب، وكلى، وصدر، فضلاً عن الطوارئ، والذى يديره، الآن، اللواء طبيب علاء جنينة. وتكرر المشهد فى الثامنة صباحاً، أن وجدت اللواء طبيب علاء يجتمع بكافة مديرى المستشفيات، ومعاونيهم من رؤساء التمريض ومديرى الشؤون الإدارية، لمدة 45 دقيقة، بدت لى وكأنها سيمفونية فى الإدارة، فوجدته يتابع كافة التفاصيل الخاصة بكل مستشفى، سواء الطبية منها أو الإدارية، للوقوف على التحديات، وإيجاد الحلول. وانتهى الاجتماع ليصحبنى اللواء دكتور علاء، فى جولة بالمستشفى الذى يستقبل نحو ألف حالة يومياً، لأشهد ما تتمتع به القوات المسلحة من انضباط والتزام، استحقت به التميز فى كل المجالات.