العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

وكان للخبرة، المتراكمة، للقوات الجوية المصرية، فى التعامل مع قوات العدو، خلال حرب الاستنزاف، الفضل فى التفوق الفكرى.

فوق سماء المنصورة سقطت طائرات إسرائيل
 

لواء د. سمير فرج

 19 أكتوبر 2024


دارت معركة المنصورة الجوية يوم الرابع عشر من أكتوبر 1973، تلك المعركة التى شهدتها سماء الدلتا المصرية، فوق مطار المنصورة العسكرى، بين ٢٠٠ طائرة حربية، على مدار ٥٣ دقيقة، لتُسجل كأطول، وأعنف، معركة جوية فى التاريخ العسكرى الحديث، ورغم التفوق العددى، والنوعى، لطيران العدو، إلا أن حجم الخسائر، بين صفوفهم، وصل إلى ١٧ طائرة إسرائيلية، بينما خسرت مصر خمس طائرات؛ اثنتان منها بسبب نفاد الوقود.

حظيت تلك المعركة باهتمام الدوائر العلمية العالمية، لعدة أسباب؛ أولها: أنها كانت المرة الأولى التى يدور فيها قتال جوى مباشر بين طائرات روسية الصنع، وطائرات غربية الصنع. والسبب الثانى أنها أول معركة جوية تُستخدم فيها أسلحة إلكترونية حديثة، والأسلحة الإلكترونية المضادة، خصوصاً التشويش على رادارات الطائرات من كلا الجانبين. أما السبب الثالث فلأنها أبرزت كفاءة عناصر التوجيه الأرضى، فى غرف عمليات المطارات المصرية والإسرائيلية، كما ظهر فيها كفاءة الأطقم الأرضية، خاصة على الجانب المصرى، التى نجحت مع هذا الكم من الطائرات فى الجو طوال مدة المعركة.

كما كان لاشتراك ٤ مطارات حربية مصرية، فى هذه المعركة، الفضل فى رفع تقييم القوات المصرية، لصعوبة تنسيق خروج الطائرات من تلك المطارات، وتوقيتات الاشتباك الجوى، والعودة بسلام، خاصة أن معظم المطارات فى الدلتا متقاربة، بعكس الطائرات الإسرائيلية، فكانت بعيدة، الأمر الذى يسهل السيطرة عليها.

وكان للخبرة، المتراكمة، للقوات الجوية المصرية، فى التعامل مع قوات العدو، خلال حرب الاستنزاف، الفضل فى التفوق الفكرى، فى فهم لغة الخصم، حيث كان الفكر الإسرائيلى الجوى يعتمد دوماً على الهجوم من خلال ثلاث موجات؛ مهمة الموجة الأولى، إغراء المقاتلات المصرية، واستدراجهم لاتجاهات بعيدة عن الأهداف المُكلفين بالدفاع عنها، أما الموجة الثانية الإسرائيلية وهى القوة الأساسية، المكلفة بالهجوم على الرادارات، ووحدات الدفاع الجوى المصرى من الصواريخ والمدفعية، بينما تختص الموجة الثالثة بضرب الأهداف المحددة لها، كتدمير القواعد العسكرية المصرية.

ففى الساعة الثالثة وخمس عشر دقيقة، عندما أنذرت مواقع الرادارات المصرية على ساحل الدلتا باقتراب ٢٠ طائرة، من ناحية البحر المتوسط، لتجنب حائط الصواريخ المصرى، على الضفة الغربية لقناة السويس. قررت قيادة القوات الجوية المصرية عدم اعتراض الموجة الأولى، مما أفشل مهمتها فعادت أدراجها إلى القواعد الجوية الإسرائيلية.

وفى الساعة الثالثة والنصف، أظهرت شاشات الرادارات المصرية، وجود ٦٠ طائرة قادمة من ثلاث اتجاهات، من ناحية البحر؛ بورسعيد، وبلطيم، ودمياط، فأقلعت ١٦ طائرة، من مطار المنصورة الجوى، ثم ٨ طائرات من قاعدة طنطا الجوية، للتصدى لها.

أعقب ذلك بثمانى دقائق، إنذار للقوات الجوية، باقتراب ١٦ طائرة إسرائيلية، قادمة على ارتفاع منخفض، وبدأ القتال الجوى، ليبدأ معه تدفق باقى الطائرات الإسرائيلية، واشتعلت السماء المصرية بأكبر معركة جوية، استخدم فيها الجانبان، أحدث ما يملكانه فى ترساناتهما الجوية، سواء المقاتلات، أو أجهزة التشويش اللاسلكى، والرادارى.



Email: sfarag.media@outlook.com