العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

بدأت المعركة فى الثانية من صباح يوم 24 أكتوبر من عام 1973.

كيف وصفت المراجع البريطانية معركة السويس؟!

 

لواء د. سمير فرج

 24 أكتوبر 2024


يوم تاريخى لمصر يوم أن نجحت السويس فى صد الهجوم الإسرائيلى الذى حاول اقتحام المدينة، حين خصصت القوات الإسرائيلية لواء مدرعا، وكتيبة من لواء مظلِّى لمهاجمة مدينة السويس، التى لم يكن بها، حينئذ، سوى ممثلى الوحدة الإدارية وأفراد المقاومة الشعبية. وعلى الفور، أمر العميد يوسف عفيفى، قائد الفرقة 19 مشاة، المتمركزة بشرق القناة، بدعم المدينة بعناصر من الصواريخ المضادة للدبابات، بقيادة الرائد على رضا والرائد علاء درويش.

تعود قصة تلك المعركة إلى قرار إسرائيل اقتحام مدينة السويس، بهدف إحداث ضجة إعلامية كبرى، تحقق لها النصر فى حرب أكتوبر 1973، بافتراض أنها مهمة سهلة، وخصصت لتنفيذ مهمتها لواء مدرعا، وكتيبة من اللواء المظلى، من ذوى الكفاءة القتالية العالية، بينما القوات العسكرية المصرية، فى مدينة السويس، هى عناصر إدارية، تابعة لقوات الجيش الثانى، الموجود فى شرق القناة. وأمام تلك التحركات من العدو الإسرائيلى، قرر العميد يوسف عفيفى، قائد الفرقة 19 مشاة، الموجودة فى شرق القناة، دعم قوات المدينة بعناصر من الصواريخ المضادة للدبابات، وعناصر من مجموعات قنص الدبابات. وكان قائد هذه المجموعة الرائد على رضا من الفرقة 19 مشاة، بينما قاد مجموعة الصواريخ المضادة للدبابات الرائد علاء درويش.

بدأت المعركة فى الثانية من صباح يوم 24 أكتوبر من عام 1973، حين أصدر الجنرال جونيه قائد الفرقة المدرعة الإسرائيلية أوامره لقائد اللواء المدرع الكولونيل أرييه كيرين، وقائد كتيبة المظليين يوسى يوفى، بضرورة اقتحام مدينة السويس، قبل وصول مراقبى الأمم المتحدة لتطبيق قرار وقف إطلاق النار. ولما علم العميد أركان حرب يوسف عفيفى، قائد الفرقة 19 المتمركزة فى شرق القناة، باقتراب العناصر الإسرائيلية من مدينة السويس،وجه الرائد على رضا ومجموعته بالتحرك من شرق القناة لدخول مدينة السويس. ومع أول ضوء، تقدمت الوحدات الإسرائيلية فى اتجاه حى الأربعين،فتصدت لها مجموعة الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات وعناصر المقاومة الشعبية بإطلاق النيران، فكان أول عناصر المقاومة محمود عواد، الذى أطلق قذائف RPJ ضد الدبابات المتقدمة، ومعه زملاؤه، من اتجاه سينما رويال، إبراهيم سليمان ورفيقه محمد سرحان، فأصيبت الدبابات الإسرائيلية المتقدمة، والعربات المدرعة، واندلعت فيها النيران، وسط ذهول القوات الإسرائيلية، التى قفزت من الدبابات، محاولة الاختباء فى المساكن المجاورة، فإذا بنيران رجال المقاومة الشعبية، ورجال الجيش الثالث، تنهمر عليهم.أمام هذا المشهد، تراجع عناصر المظلِّيين الإسرائيليين، وحاولوا الاحتماء داخل قسم الأربعين، فحاصرهم رجال المقاومة داخل القسم، ودارت الاشتباكات بين الجانبين، ومع حلول الظلام، أصدر الجنرال أدان أوامره للقوة الإسرائيلية بالانسحاب من مداخل المدينة، وهو ما كان، بالفعل، فى فجر يوم 25 أكتوبر، بعدما تكبدت 80 قتيلاً، و120 جريحاً.وأعادت إسرائيل الكرة، مرة أخرى، فلم تلاق إلا نفس ويلات الهجمة الأولى، بل وبزيادة فى عدد الجرحى.

وبعد سريان قرار وقف إطلاق النار، حضرت جولدا مائير، والتقطت صوراً لها على مدخل مدينة السويس، لتزعم للعالم أن إسرائيل استولت على مدينة السويس، رغم وجود هياكل الدبابات الإسرائيلية المحروقة أمام مدخل مدينة السويس، شاهدة على عظمة الشعب المصرى المقاتل، الذى حطم أسطورة الجيش الذى لا يقهر.

لقد خلد التاريخ هذه المعركة، وسطر بطولة وبسالة رجال المقاومة الشعبية من أبناء السويس، بأحرف من نور، وفى مقدمتهم الأب الروحى للمقاومة الشعبية فى السويس، الشيخ حافظ سلامة، الذى كان له دور عظيم فى إذكاء الروح المعنوية لشعب مدينة السويس، الذين دافعوا عن مدينتهم بأسلحة بسيطة، ومعهم رجال القوات المسلحة، من أبناء الجيش الثالث الميدانى، فكبدوا العدو الإسرائيلى خسائر مادية ومعنوية فادحة.

وبالعودة لمراجع التكتيك العسكرى، نجدها تصنف المعارك العسكرية إلى معارك الصحراء، ومعارك المناطق الجبلية، ومعارك الغابات، وأخيراً معارك المدن، التى تُعرف بأنها مقابر الجيوش، وفقاً لآخر تحديث فى قانون قتال الجيش البريطانى، Land Operation Part 2، الذى يقيم عمليات الهجوم على المدن، باعتبارها العمليات العسكرية الأكثر تعقيداً، مستدلاً فى ذلك بمعركة السويس، عام 1973، التى تُعد حرباً حديثة، استخدم فيها المهاجم الإسرائيلى الأسلحة والمعدات الحديثة، فى محاولته لاقتحام هذه المدينة، إلا أنه فشل، وتكبدت القوات الإسرائيلية خسائر جسيمة، لم تحدث فى قتال القوات النظامية فى أى معركة خلال حرب 1973، رغم أن القوات المهاجمة من الجيش الإسرائيلى، كانت من قوات النخبة الإسرائيلية، فى ذلك الوقت. ويضيف المرجع البريطانى أنه مما جعل المعركة أشد ضراوة هو إصرار المدافع، ويقصد به القوات المصرية والدفاع الشعبى، على الحفاظ على أرضه، وهو العامل الواجب الانتباه لأهميته، ووضعه، دائماً، نصب عين المهاجم عند التخطيط لأى عملية هجومية فى المدن.

وقد فرضت ذكرى ذلك اليوم العظيم، استدعاء بعض من مشاهد الحرب الروسية الأوكرانية، المندلعة منذ أكثر من عامين، والتى نجحت خلالها القوات الروسية فى ضم 20% من أراضى المدن الأوكرانية إليها، بينما حافظ مقاتلو السويس الشجعان على مدينتهم، واستبسلوا فى الدفاع عنها، رغم محدودية إمكاناتهم، ونجحوا فى صد قوات جيش الاحتلال الإسرائيلى، الذى طالما تغنى بأنه الجيش الذى لا يقهر، وبقيت دباباته المحترقة أمام حى الأربعين شاهداً على عظمة المواطن والمقاتل المصرى فى حرب أكتوبر 1973، ليظل اسم مدينة السويس مرفوعا عالياً، مثلما رفع أبناء بورسعيد اسم مدينتهم الغالية فى حرب 1956.



Email: sfarag.media@outlook.com