العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
ولكن ما يهمنى هو السؤال الأخير فى الحلقة وكان موجها للجنرال شارون قبل أن ينتهى وقت البرنامج..
|
قصة حرب أكتوبر من خلال مناظرتى مع شارون فى محطة الـBBC فى لندن - 5
لواء د. سمير فرج
|
2 نوقمبر 2024
|
استعرضت فى مقالى السابق، ونحن نعرض قصة المناظرة التى حدثت على قناة الـBBC البريطانية للإعلامى البريطانى المعروف إدجر ألان فى برنامجه الشهير الأسبوعى «بانوراما»- قصة استغلال شارون الثغرة بين الجيشين الثانى والثالث، وقيامه بالعبور من شرق القناة إلى غرب القناة، ومن خلال البحيرات، ليصل إلى الأراضى المصرية على الضفة الغربية لقناة السويس، وكيف أن الملازم جوفى Joffy، ومعه السلاح الجديد المضاد للدبابات تو، أستطاع أن يوقف هجوم اللواء المدرع المصرى ليتقدم شارون.
وهنا جاء السؤال المهم من خبراء معهد الدراسات الاستراتيجية: «جنرال شارون.. إن خسائر إسرائيل فى معركة الدفرسوار فقط تساوى خسائر إسرائيل كلها فى حربى ١٩٥٦ و١٩٦٧.. ولذلك فإن من أطلق عليك الجنرال الدموى.. لم يكن مخطئًا».. وثار شارون.. وأضاف: «لقد أعدت لإسرائيل هيبتها التى فقدتها فى هذه الحرب».
ولكن ما يهمنى هو السؤال الأخير فى الحلقة وكان موجها للجنرال شارون قبل أن ينتهى وقت البرنامج.. سأله خبير معهد الدراسات الاستراتيجية: «الجنرال شارون فى رأيك.. ما هى مفاجأة حرب أكتوبر بالنسبة لك من المصريين.. هل هجومهم يوم عيد الغفران والحياة متوقفة فى إسرائيل؟، هل هجومهم فى منتصف النهار وهو أمر لم يكن متوقعا؟، هل قيامهم بغلق مضيق باب المندب فى مفاجأة أذهلت إسرائيل؟، هل لأنهم نجحوا فى التنسيق مع سوريا لشن الهجوم فى توقيت مشترك؟، هل لأنهم هجموا بطول مواجهة القناة.. وهو أمر لم يكن فى تخطيط وحسابات وتوقعات الجانب الإسرائيلى؟.. هل... هل...»، وذكر له عدة نقاط أخرى ولكن شارون أجاب: «إن ذلك كله لم يكن مفاجأة لنا.. إن بعض ما ذكرته ربما كان خارج توقعاتنا وحساباتنا.. مثل إغلاق مضيق باب المندب.. لكن المفاجأة لى شخصيا فى حرب ١٩٧٣ هى «الجندى المصرى».. هذا الجندى المصرى لم يكن الذى قابلته فى حرب ١٩٥٦ أو١٩٦٧، فالجندى المصرى فى الحروب السابقة كان لا يعرف القراءة والكتابة.. هذه المرة عندما كنت أستجوب الأسرى المصريين بنفسى رأيت لأول مرة خريجى كليات التجارة والهندسة والحقوق... إلخ. أيضًا الروح المعنوية لهذا الجندى هذه المرة كانت مختلفة تمامًا».
وأضاف قائلًا إنه وهو متقدم بسرية الدبابات نحو الإسماعيلية بعشر دبابات.. فجأة خرج من بين الأشجار ٦ جنود من الكوماندوز المصريين، وقال إن ستة جنود ضد عشر دبابات الأمر واضح أنهم جميعا قتلى.. وقال إن المفاجأة أنهم أصابوا خمس دبابات إسرائيلية.. وتم القضاء على الكوماندوز المصريين.. ويقول شارون: «هذه كانت مفاجأة حرب أكتوبر.. الجندى المصرى الجديد.. المتعلم خريج الجامعات، هذا الجندى المسلح بروح معنوية عالية.. تعلم شراسة القتال.. لم يعد يرهبه جيش الدفاع الإسرائيلى كما كان من قبل.. لقد صنعت منه هزيمة ١٩٦٧ إنسانًا جديدًا.. عكس توقعاتنا بعد ١٩٦٧ بأننا قضينا على الجيش المصرى، وأصبح جثة هامدة غير قادر على القتال مرة أخرى».
وأضاف شارون أنه يجب على المخطط الإسرائيلى فى أى حرب قادمة مع مصر أن يضع فى حساباته نوعية هذا الجندى الجديد الذى لم نقابله من قبل.. وأنهى حديثه: «هذه كانت مفاجأة حرب أكتوبر لى شخصيا.. الجندى المصرى الجديد».
انتهت المناظرة بحصولى على ٨ درجات وحصل شارون على أربع درجات فقط.. مع توصيات عديدة جاءت معظمها سلبية فى خطط وأداء جيش الدفاع الإسرائيلى.. سواء فى الخطة الدفاعية لخط بارليف.. أو أداء معركة شارون غرب القناة.. بينما كانت الإيجابيات للقيادة المصرية. وأوصى معهد الدراسات الاستراتيجية بأنه يجب أن تدرس المعاهد العسكرية والمراكز العلمية هذا الفكر المتطور والتخطيط المتميز للقيادة المصرية، والأداء الراقى للجندى المصرى فى هذه الحرب.. كما أكد معهد الدراسات الاستراتيجية على إضافة عنصر جديد من عناصر مقارنة القوات وعناصر حسابات التوازن العسكرى للدول، وهو إضافة العنصر البشرى، وهو أمر لم يكن محسوبًا من قبل.. لكن جاء ذلك بعد الأداء المشرف للجندى المصرى فى حرب ١٩٧٣.
ويكفى أن أقول إنه فى نهاية العام ٧٣ كان من المفترض أن يصدر معهد الدراسات الاستراتيجية تقريره السنوى «Military Balance» مع بداية عام ٧٤ كما يحدث كل عام لكنه تأخر ستة أشهر بهدف أن يتضمن عدد عام ٧٤ المفاهيم القتالية الجديدة التى حققها الجيش المصرى فى هذه الحرب.
حيث إنه فى بداية عام ٧٣ قبل بدء الهجوم المصرى واقتحام قناة السويس، كانت التقارير تتضمن أنه فى حالة محاولة القوات العربية وبالذات المصرية الهجوم على خط بارليف واقتحام قناة السويس، فإن الفشل سيكون من نصيب القوات المسلحة المصرية. حيث إن أعداد ونوعية الأسلحة والمعدات الإسرائيلية تتفوق بمراحل على أعداد ونوعية الأسلحة والمعدات المصرية.
وهنا جاءت المفاجأة أن المصريين انتصروا فى هذه الحرب، ومن هنا تأخر إصدار عدد التوازن العسكرى «Military Balance» الصادر عن «IISS» عن عام ٧٤ ليتأخر ستة شهور كاملة. حيث جاء العدد الجديد ليوضح أن معهد الدراسات الاستراتيجية قد وصل إلى حقيقة أن ما حققه المصريون فى هذه الحرب يفوق كل التقديرات؛ لأنه برغم تفوق الجانب الإسرائيلى فى أعداد ونوعية السلاح، إلا أن النصر جاء للمصريين بسبب نوعية جديدة تضاف فى أى تحليلات قادمة، وهى الروح المعنوية للجندى الذى حارب لاستعادة أرض بلاده، ونوعية الجندى الذى أصبح خريج الجامعات العليا، وليضع معهد الدراسات الاستراتيجية فقرة جديدة فى أى تحليلات قادمة، وهى نوعية الجندى وروحه المعنوية وتصميمه على القتال واستعادة أرضه؛ ليغير الجندى المصرى المفاهيم والعقائد القتالية فى العالم كله بعد حرب ٧٣.
Email: sfarag.media@outlook.com
|