العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
فكانت المفاجأة الكبرى عندما فجرت مصر سفن القوات المعادية، فى قناة السويس، من جهة بورسعيد.
|
عيد النصر فى عيون الإنجليز
لواء د. سمير فرج
|
21 ديسمبر 2024
|
أثناء دراستى، بكلية كمبرلى الملكية، فى إنجلترا، كنت أنتهز عطلة نهاية الأسبوع، لقضائها بمكتبة الكلية، التى تحتوى على كنز من الكتب والمراجع والصحف اليومية، المحفوظة فى دواليب كبيرة، إذ لم يكن الحاسب الآلى قد ظهر بقدراته التى نعرفها اليوم.
وفى أحد الأيام، قررت البحث فى تلك الدواليب عن إصدارات الصحف البريطانية، المعاصرة لحرب السويس، كما كان يُطلق عليها فى بريطانيا، للاطلاع على كيفية تناولها من منظور الإعلام الإنجليزى، الذى طالما حث رئيس الوزراء البريطانى للهجوم على مصر واستعادة الوجود البريطانى فى منطقة قناة السويس، بدءاً من بورسعيد، والإسماعيلية، حتى السويس. إلا أنه مع بدء العدوان الثلاثى على مصر، تغير شكل معالجة الصحف البريطانية لأحداثها.
فكانت المفاجأة الكبرى عندما فجرت مصر سفن القوات المعادية، فى قناة السويس، من جهة بورسعيد، ففشل الأسطول البريطانى فى دخول القناة. وبدأت حكاوى غزو مدينة بورسعيد، وكيف نجح أهاليها فى إبادة الدفعة الأولى من المظليين البريطانيين، فى مطار الجميل، وانهالت الانتقادات حتى وصلت إلى الاتهامات بالتقصير، والغباء فى التخطيط، من القيادات البريطانية، فى خطة غزو مدينة بورسعيد، وهو ما أظهره حجم الخسائر التى ألمت بالقوات البريطانية.
وحتى بعد توقف القتال، واحتلال المدينة، استمر الانتقاد اللاذع لسوء تقدير الموقف، حيث كانت كل تقديرات الجيش البريطانى تؤكد أنهم سيلاقون ترحيباً كبيراً من أهالى بورسعيد، إلا أن الواقع خالف كل التقديرات، وفوجئوا بضراوة المقاومة الشعبية، وعملياتها الفدائية، التى كان منها: اختطاف الضابط مورهاوس البريطانى، ابن عم الملكة إليزابيث، وهو ما كان كارثة مروعة فى التاريخ البريطانى، كذلك تم اغتيال ضابط المخابرات البريطانى فى بورسعيد.
وقد أكدت الصحف البريطانية نجاح غارات الفدائيين المصريين، على القوات البريطانية، كل ليلة، منذ بدء حظر التجوال، وحتى يوم الانسحاب فى 23 ديسمبر من نفس العام، ١٩٥٦، وركزت الصحف البريطانية على أن الجيش البريطانى لم يلقِ هزيمة، فى تاريخه، مثل التى تلقاها فى حرب السويس، فى مدينة بورسعيد، التى خرجوا منها منكسى الرءوس يوم 23 ديسمبر ١٩٥٦، بعدما ظنوا أنهم يعودون إليها بعد 72 عاماً.
كانت تلك شهادة الصحف البريطانية حول شجاعة، وبسالة، أهالى بورسعيد أمام العدوان الثلاثى، الذى استحق أن يفخر ببطولته فى تلك المعركة العظيمة، وأن يخلدها فى وجدانه، ويحيى ذكراها، فى كل عام، على مر العصور.
Email: sfarag.media@outlook.com
|