العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
وفى يوم ٢٥ أبريل ١٩٨٢ تم رفع العلم المصرى على مدينة رفح وأُعلن اليوم عيدًا قوميًا مصريًا فى ذكرى تحرير كل شبر من سيناء، فيما عدا طابا.
|
25 أبريل.. عيد لكل المصريين
لواء د. سمير فرج
|
26 إبريل 2025
|
سيظل الخامس والعشرون من أبريل عيدًا قوميًا لمصر والانتصار الثانى بعد حرب أكتوبر ١٩٧٣، حيث يُعتبر الانتصار فى المعركة الثانية، (السياسية) هذه المرة، لتحرير سيناء ورفع العلم المصرى فوق مدينة العريش.
كانت مصر قد فقدت سيناء بعد هزيمة ٦٧، واحتلها الجيش الإسرائيلى بالكامل. فشنت مصر معركة التحرير، الأولى، لاستعادة سيناء يوم السادس من أكتوبر ١٩٧٣، العاشر من رمضان ١٣٩٣، حينما هاجم الجيش المصرى القوات الإسرائيلية، ودمر خط بارليف، وألحق بالعدو خسائر كبيرة، وحرر جزءًا من سيناء.
أعقبت تلك المعركة العسكرية سلسلة من المعارك السياسية والدبلوماسية، فكانت المعركة الثانية بقيادة الرئيس الراحل أنور السادات، فى توقيع اتفاقية السلام بكامب ديفيد، والتى استطاع بها تحرير باقى سيناء، وتم إجلاء القوات الإسرائيلية منها، ورُفع العلم المصرى فوق مدينة العريش يوم ٢٦ مايو عام ١٩٧٩، وفى يوم ٢٥ أبريل ١٩٨٢ تم رفع العلم المصرى على مدينة رفح وأُعلن اليوم عيدًا قوميًا مصريًا فى ذكرى تحرير كل شبر من سيناء، فيما عدا طابا.
وهو ما كان فتيل المعركة الثالثة، عندما افتعلت إسرائيل مشكلة، خلال مفاوضات انسحابها، بشأن العلامة ٩١، على خط الحدود، لتدعى أن طابا أرض إسرائيلية، فدخلت مصر معركة أخرى، فى التحكيم الدولى لمدة سبع سنوات، حشدت فيها العظماء من رجال مصر القانونيين، وتعقبت اللجنة المعنية خرائط الإمبراطورية العثمانية المحفوظة فى إسطنبول، وحصلت منها على نسخ تؤكد أن طابا مصرية، كذلك أحضرت خرائط من بريطانيا تفيد بأن طابا مصرية، حتى أصدرت المحكمة الدولية حكمها بأحقية مصر فى أرض طابا، ورفعنا العلم فوقها يوم ١٩ مارس ١٩٨٩.
ودارت المعركة الرابعة، حديثًا، بعد عقود من توقيع اتفاقية السلام، التى قسمت سيناء لثلاث مناطق؛ أ، ب،ج، ونصت الاتفاقية على تواجد قوات عسكرية مصرية فى المنطقة «أ»، ويقتصر التواجد فى المنطقة «ب» على قوات حرس الحدود والأمن المركزى، بينما لا تتواجد أى قوات عسكرية فى المنطقة «ج»، إلا بالتنسيق بين الجانبين المصرى والإسرائيلى. ولما انزعج الكثيرون من ذلك البند، عند توقيع الاتفاقية، صرح الرئيس السادات بأنه سيأتى من بعده من يُعّدل هذه الاتفاقية، وهو ما نجح فيه الرئيس السيسى، فى سبتمبر الماضى، بعد لقاء الرئيس الإسرائيلى فى شرم الشيخ، وتم تعديل الاتفاقية الأمنية، بتواجد القوات العسكرية المصرية فى المنطقة «ج»، لتبسط القوات المسلحة المصرية سيطرتها على كامل الحدود، وهو ما يدعو لفخر مصر وشعبها.
وبعد اكتمال عودة سيناء إلى حضن الوطن الأم، فإن تنميتها صارت الطريق الأمثل لتأمينها، كما أعلن الرئيس السيسى، فى مختلف المناسبات، وبالفعل بدأت خطة التنمية بربط سيناء بعموم مصر من خلال الأنفاق الجديدة، وزراعة نصف مليون فدان فى شرق الإسماعيلية، وبناء ثلاث مدن وثلاث جامعات جديدة، فضلًا عما يشهده ميناء العريش من تطوير، وميناء شرق بورسعيد الذى احتل المركز العاشر عالميًا فى تداول الحاويات، متقدمًا على ميناء هونج كونج، بحسب تقرير البنك الدولى. ومن المقرر أن يبلغ تعداد السكان، فى سيناء، نحو ستة ملايين مصرى، بحلول عام ٢٠٣٠، بعد جعلها منطقة جاذبة للسكان، بتوفير فرص العمل المناسبة، فى مختلف المشروعات التنموية التى تقام على أرضها، ومنها ثلاثة مصانع للأسمنت، وآخر للرخام.
وهكذا صار تعمير سيناء أساس تأمينها، حتى لا تكون مرتعًا للإرهاب، أو مطمعًا لإسرائيل، وغيرها، لتهجير أهالى غزة إليها.. لتبقى سيناء، كما هى تاريخيًا، أرضًا مصرية، وسدها المنيع أمام أى خطر من الاتجاه الاستراتيجى الشمالى.
كذلك، ظهرت خطة إعادة توطين البدو الرحل فى سيناء، هؤلاء البدو الذين تعرضوا خلال وجودهم فى سيناء لفترات صعبة للغاية، خاصة خلال السنوات الست من الاحتلال الإسرائيلى للمنطقة. وبناءً على ذلك، أمر الرئيس السيسى بتوطين البدو فى قرى جديدة يتم اختيار مواقعها بعد حفر بئر مياه والتأكد من وجود مصدر دائم ومستدام للمياه. يتم بناء القرية حول هذه البئر، بحيث تُمنح كل أسرة بدوية ستة أفدنة لزراعتها ومنزلًا ريفيًا يتناسب مع أسلوب معيشتهم.
بالإضافة إلى ذلك، تم إنشاء فصول تعليمية بنظام «اليوم الواحد»، كما تم بناء مدارس ثانوية فى المدن الرئيسية فى سيناء، التى كانت تفتقر سابقًا إلى هذا المستوى من التعليم، مثل نخل والكونتيلا. وأصدر الرئيس السيسى قرارًا بقبول أبناء سيناء فى الكليات العسكرية والشرطة سنويًا، لضمان وجود ضباط من أبناء البدو فى المستقبل، وهو الأمر الذى كانوا محرومين منه فى الماضى.
كما تم إنشاء مدرسة ثانوية للصيد فى مدينة البردويل، إلى جانب ثلاث جامعات فى شرق بورسعيد، وشرق الإسماعيلية، وجنوب سيناء، لاستيعاب طلاب سيناء بدلًا من اضطرارهم للانتقال إلى جامعات مدن القناة أو القاهرة.
أما فيما يخص البنية التحتية، فقد تم تنفيذ مشاريع ضخمة لرصف الطرق فى سيناء بهدف تعزيز الحركة التجارية. كما تولت الدولة تطوير ميناء العريش ليصبح مستقبلًا أحد أهم الموانئ فى شرق البحر المتوسط، حيث سيتم توسيع ساحات استقبال الحاويات ليصبح مركزًا رئيسيًا للتجارة فى المنطقة، حيث سيتم أيضًا ربط الميناء بشبكة طرق داخل سيناء لنقل المنتجات المحلية مثل الأسمنت والرخام، بالإضافة إلى إنشاء خط سكة حديد يربط الميناء بطابا فى الجنوب، وخط آخر يربطه بالعريش، مما يسهم فى ربط سيناء بالدلتا ومدن القناة، ويعزز من حركة الصادرات المصرية عبر هذا الميناء الجديد.
وعندما ارتفع العلم المصرى فوق أرض سيناء، كانت تلك لحظة تاريخية، ويومها، كنت شاهدًا على بكاء الإسرائيليين وهم يرون العلم المصرى يرفرف بينما ينخفض العلم الإسرائيلى، وأعتقد أنه كان ذلك رمزًا لكل المصريين أن سيناء قد عادت لمصر وخرج جنود الاحتلال بعد كل هذه الحروب، ومن هنا سيظل هذا العيد هو عيدًا لكل المصريين فيه نعيّد برجوع أرض سيناء الحبيبة إلى وطنها الأم... مصر.
Email: sfarag.media@outlook.com
|