العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
أما الحرب النووية، فهي تلك التي تخوضها الدول المنتمية إلى ما يُعرف باسم “النادي الدولي النووي”، وهي الدولة التي تمتلك أسلحة نووية، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، وروسيا، وإسرائيل، وباكستان، والهند، والصين، بالإضافة إلى كوريا الشمالية، المنضمة حديثاً لذلك النادي.
|
الفرق بين الحرب التقليدية والحرب النووية النادي الدولي النووي
لواء د. سمير فرج
|
23 نوفمبر 2018
|
قد تكون هذه المقالة، من الناحية العسكرية، ذات بعد علمي معقد، إلى حد ما، إلا أنني سوف أحاول تبسيطها، قدر الإمكان، ليصل المعنى العلمي إلى الفرد المدني، ونتعرف جميعاً على الفرق بين نوعي الحرب، التي يقسمها العلم العسكري، في العالم كله، إلى نوعين، هما؛ الحرب التقليدية أو “Conventional War”، والحرب النووية أو “Nuclear War”.
الحرب التقليدية هي تلك التي تستخدم فيها أسلحة القتال العادية، مثل الدبابات، والمدافع، والطائرات، والمدمرات، وباقي الأسلحة التقليدية، المعروفة للإنسان العادي، وهي حروب تقودها معظم دول العالم.
أما الحرب النووية، فهي تلك التي تخوضها الدول المنتمية إلى ما يُعرف باسم “النادي الدولي النووي”، وهي الدولة التي تمتلك أسلحة نووية، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، وروسيا، وإسرائيل، وباكستان، والهند، والصين، بالإضافة إلى كوريا الشمالية، المنضمة حديثاً لذلك النادي.
ولعل آخر استخدام للأسلحة النووية، كان أثناء الحرب العالمية الثانية، والتي بدأت كحرب تقليدية، وانتهت بضرب مدينتي هيروشيما وناجازاكي، اليابانيتين، بالقنابل النووية، لتنتهي بعدها هذه الحرب. وتتغير قواعد اللعبة بعدها، بأن يسمح النادي النووي الدولي، لبعض الدول بامتلاك السلاح النووي، لأغراض الدفاع، شريطة أن يكون جيرانهم مالكين للسلاح النووي. ولعل أبسط مثال على ذلك، هو السماح لسوريا بامتلاك سلح كيماوي، بعدما امتلكت إسرائيل القنبلة النووية، في حين لا يسمح لها النادي الدولي النووي لدول أخرى بتملك السلاح الكيماوي، مثل ليبيا اثناء فترة حكم القذافي، والسودان، حيث تم تدمير مصانع الأسلحة الكيماوية لهذه الدول، بواسطة طائرات “مجهولة الهوية”، بمجرد البدء في وضع حجر الأساس لتلك الصناعة.
يحتاج السلاح النووي إلى وسيلة لقذف القنبلة النووية، وكان يتم ذلك، في البداية، بالاعتماد على الطائرات كوسيلة لتنفيذ الهجوم النووي، مثلما حدث في هيروشيما وناجازاكي، ومع تطور الأسلحة القتالية، أصبح الآن استخدام الصواريخ، العابرة للقارات، هي الطريقة الأمثل، نظراً للمدايات البعيدة، وتضاءل احتمالية التعرض لها أكثر من الطائرات، رغم ظهور أنظمة جديدة لاعتراض مثل هذه الصواريخ، مثل منظومة الباتريوت الأمريكية، والتي أقامت إسرائيل منها نظام القبة الحديدية لحمايتها.
كما تستخدمها المملكة العربية السعودية، حالياً، لحمايتها من الصواريخ الإيرانية الصنع، والتي يطلقها الحوثيين من الأراضي اليمنية. وهناك أحدث الأنظمة في العالم، ذات الكفاءة العالية، للتصدي للطائرات المعادية والصواريخ وهي أنظمة SS300 – SS400 الروسية الجديدة، والتي تنشره روسيا، الآن، في سوريا حيث تعاقدت إيران على هذا النظام مع روسيا، وكذلك تركيا التي تحاول الحصول على هذا النظام.
تعتبر روسيا من أكثر الدول تقدماً في مجال أنظمة الدفاع الجوي، المضاد للطائرات والصواريخ في العالم، ويذكر أن حائط الصواريخ المصري في حرب 73، والذي يعد أحد ركائز النصر للقوات المسلحة المصرية، كان من أنظمة الدفاع الجوي الروسي المختلفة، وحقق كفاءة قتالية في الحرب، لدرجة أنه في يوم السادس من أكتوبر، وفي تمام الساعة الثانية وخمسة عشر دقيقة ظهراً، أطلق قائد القوات الجوية الإسرائيلية رسالة مفتوحة، غير مشفره، لجميع طياريه، بعدم الاقتراب من قناة السويس لمسافة 15 كم، وهو مدى عمل حائط الصواريخ المصري المضاد للطائرات، والمكون من أنظمة الدفاع الجوي الروسية الصنع.
ويدخل في نظام أسلحة التدمير الشامل (أ ت ش)، الذي يتكون من السلاح النووي، ثم الكيماوي، يليهم العنصر الثالث، وهو السلاح البيولوجي، والذي من خلاله يتم إطلاق القنابل أو الصواريخ المحملة بالجراثيم، كالطاعون على سبيل المثال، ضد القوات المعادية بهدف افقادها القدرة على القتال، وبالتالي يحقق النصر للقوات المهاجمة.
ومع ذلك كله نرى أن العالم كله يقف أمام تطوير الأنظمة الصاروخية، بسبب قدرتها على حمل الرؤوس النووية، أو الكيماوية، أو البيولوجية، مما دفع النادي الدولي النووي للبدء في مراجعة ومتابعة الدول، التي تسعى لتطوير منظوماتها الصاروخية، من حيث المدى، أو من حيث القدرة على حمل نوعية السلاح. وتتجه أنظار العالم، الآن، إلى كوريا الشمالية، وإلى إيران، التان تسعيان إلى تطوير هذه الأنظمة، تمهيداً لتصديرها إلى دول أخرى في العالم، وهو ما لا ينفي احتمالية وقوعها في أيدي المنظمات الإرهابية، لاستخدامها في عملياتها القذرة، خاصة إذا كانت هذه الصواريخ ذات مدى بعيد جداً. بل وتحاول دول النادي الدولي النووي، عدم نقل تكنولوجيا تصنيع هذه الصواريخ إلى دول أخرى، وكانت مصر أحد هذه الدول، عندما استقدمت عدداً من الخبراء الألمان في تصنيع الصواريخ، في أعقاب ثورة يوليو 1952، وقامت إسرائيل بملاحقتهم بالطرود الناسفة، حتى انسحبت مجموعة الخبراء، قبل استكمال هذه المنظومة من صواريخ الظافر والقاهر، فتم تصنيع الصواريخ، ولم يتم استكمال منظومة التوجيه، وتعطل بعدها المشروع، حتى توقف تماماً.
وخلال فترة وجودي في تركيا في أوائل التسعينات، ملحقاً عسكرياً لمصر بها، وفور انهيار وتفكك الاتحاد السوفيتي، شهدت بنفسي وجود آلاف اللاجئين في مدينة إسطنبول، ومنهم خيرة علماء الذرة من الاتحاد السوفيتي، الذين حاولت تركيا، آنذاك، استقطاب العشرات منهم بهدف إنتاج القنبلة النووية، وماهي الا أيام، وبعد أن تم تجميعهم، حتى صدر أمر من الولايات المتحدة الأمريكية، بسفرهم إليها، وأرسلت طائرات C130، لنقلهم، وعائلاتهم، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وتم منحهم الجنسية الأمريكية. كل هذا بهدف المحافظة على النادي الدولي النووي، والتدقيق في اختيار أعضاءه. ورغم العديد من المعاهدات الدولية، لمنع انتشار الأسلحة النووية، إلا أن ذلك يصب، فقط، في صالح أعضاء النادي الدولي النووي، أما باقي الدول فليس لها إلا الشجب والإدانة.
Email: sfarag.media@outlook.com
|