العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
أما الرئيس التركى أردوغان، فقد أعلن أنه يرى أن يقوم حلف الناتو بدعم حقوق بلاده فى حق تركيا فى التنقيب عن الغاز فى شرق البحر المتوسط.
|
تركيا وتصاعد الأحداث في شرق «المتوسط»
لواء د. سمير فرج
|
8 مايو 2019
|
تصاعدت الأحداث بدرجة كبيرة هذه الأيام بسبب الخطوة الاستفزازية التى أقدمت عليها تركيا بإرسال سفنها للبحث عن النفط فى منطقة شرق «المتوسط» فى مياه تخضع للسيادة التركية، وعلى الفور أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، «مورجان أورتاجوس»، فى بيان، أن الولايات المتحدة تشعر بقلق بالغ إزاء النوايا المعلنة لتركيا بشأن البدء بعمليات تنقيب فى منطقة تعتبرها جمهورية قبرص منطقتها الاقتصادية الخالصة، وأضافت المتحدثة أن هذه الخطوة بالغة الاستفزاز، وتهدد بإثارة التوترات فى المنطقة، لذلك نطالب السلطات التركية بوقف هذه العمليات، ونشجع جميع الأطراف على ضبط النفس، كذلك أعربت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبى، «فيديريكا موجيرينى»، يوم السبت الماضى، عن قلقها البالغ حيال إعلان تركيا نيتها القيام بأنشطة تنقيب عن الغاز فى المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص، وذكرت أن المجلس الأوروبى يندد بهذه الإجراءات التركية، ويدعو إلى ضبط النفس واحترام الحقوق السيادية لقبرص فى منطقتها الاقتصادية، والإقلاع عن أى عمل غير قانونى، مؤكدة أن الاتحاد الأوروبى سيرد عليه بشكل ملائم، ويتضامن بشكل كامل مع قبرص بصفتها أحد أعضاء الاتحاد الأوروبى، وكانت قبرص قد وقّعت فى الأعوام الأخيرة عقودًا بالتنقيب عن الغاز مع شركات عملاقة مثل إينى الإيطالية وتوتال الفرنسية وأكسون موبيل الأمريكية، لكن أنقرة، التى اجتاحت الجزيرة عام 1974، بدأت المطالبة بوقف أى عمليات للتنقيب أمام سواحل قبرص، ولقد أعلنت وزارة الخارجية التركية أن أنقرة لا تعترف باتفاقات ترسيم الحدود البحرية بين قبرص ودول أخرى فى المنطقة فى البحر المتوسط.
ورَدّت تركيا على التحذير الذى وجهته إليها الولايات المتحدة الأمريكية بشأن التنقيب عن الغاز أمام سواحل قبرص، واصفة إياه بأنه «غير واقعى»، وأضافت الخارجية التركية أن لها حقوقًا فى منطقة الجرف القارى، وأضافت أن دخول أطراف أخرى لتحويل الموضوع إلى المحاكم الدولية لترسيم الحدود أمر غير مقبول، أما الرئيس التركى أردوغان، فقد أعلن أنه يرى أن يقوم حلف الناتو بدعم حقوق بلاده فى حق تركيا فى التنقيب عن الغاز فى شرق البحر المتوسط، وجاء ذلك بعد لقائه مع الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنسبرج، فى أنقرة، وأضاف أن عملية التنقيب تتم فى المنطقة، التى هى جزء من المنطقة الاقتصادية الخاصة بقبرص.
وعلى الجانب الآخر، طالبت اليونان بالوقف الفورى لهذا النشاط التركى فى المنطقة، ووصفته بـ«غير القانونى»، كما حذرت مصر، على لسان وزير خارجيتها، من انعكاس أى إجراءات أحادية على الأمن والاستقرار فى شرق «المتوسط».
ويشير الوضع الجغرافى إلى أن جمهورية قبرص، عضو الاتحاد الأوروبى، تسيطر على ثلث الجزيرة الواقعة على البحر المتوسط، بينما الثلث الباقى تسيطر عليه إدارة انفصالية مدعومة من تركيا.
وتشير كل التحليلات إلى أن أردوغان بدأ فى تنفيذ هذه الإجراءات الاستفزازية فى المنطقة ليغطى على أزماته الداخلية فى تركيا بدءًا من خسارته فى انتخابات البلديات فى استانبول وأنقرة، حيث أعلن مؤخرًا أنه سيعيد الانتخابات مرة أخرى فى صورة تحدٍّ لكل الأعراف الديمقراطية، كذلك الانخفاض الحاد لليرة التركية، والانهيار الكبير والسريع فى الاقتصاد التركى، وهو الأمر الذى أفقد حزبه جزءًا من شعبيته داخل الشارع التركى، وأخيرًا جاءت الأزمة السياسية مع الولايات المتحدة الأمريكية، بعد شراء تركيا منظومة الصواريخ الروسية SS400، والتى لا يعرف أحد إلى أين يصل مداها، لذلك فإن الأيام القادمة ستشهد تطورات كبيرة على الساحة التركية، التى يحاول أردوغان أن يغطى عليها بافتعال هذه الأزمة فى شرق البحر المتوسط.
Email: sfarag.media@outlook.com
|