العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
أما ميناء العريش فلقد تم تطويره ليكون المنفذ الرئيسى لتصدير جميع المنتجات السيناوية من الرخام والأسمنت والأسماك ورمال الزجاج وغيرها، ولقد صدر قرار جمهوري بإنشاء ظهير للميناء.
|
سيناء بين التأمين والتنمية
لواء د. سمير فرج
|
30 مايو 2019
|
منذ فجر التاريخ، وعبر عهود وعقود بعيدة، كانت بوابة مصر الشرقية، سيناء
الغالية، هى مدخل كل الغزوات التى هاجمت مصر، سواء الهكسوس أو الفُرس، أو
غيرهما، ولم يحدث أن أتانا التهديد من غرب مصر، باستثناء الحرب العالمية
الثانية، عندما تقدم الألمان، ودول المحور من ليبيا، وحتى فى تلك المرة لم
تكن الدولة المصرية هى الهدف، وإنما الإمبراطورية البريطانية، التى كانت
مصر إحدى مستعمراتها. ومن هنا زادت أهمية سيناء، ليس لكونها جزءاً أصيلاً من
الوطن، فحسب، وإنما كمدخل مهم يجب تأمينه بشتى الطرق، ضد أى استهداف للدولة
المصرية.
وبدايةً أقول إنه لو جمعنا جيوش العالم كلها لتأمين سيناء، لما استطاعت،
لمساحاتها الشاسعة وطبيعة تضاريسها المختلفة ما بين جبال وسهول ووديان
وشواطئ وبحيرات تجعل من ذلك أمراً مستحيلاً، إذن الحل العسكرى وحده لا يكفى
لتأمين بوابة مصر الشرقية، أو أرض الفيروز، وإنما التنمية المستدامة.
والحقيقة أن سيناء عانت لسنوات طويلة من الإهمال وفقر التنمية، فكان ذلك
أحد الأسباب التى أغرت العناصر الإرهابية من التمركز بها، إلا أن الجيش
المصرى يخوض، منذ فترة، حرباً ضروساً، حتى أوشك أن يقضى على آخر جيوب
الجماعات الإرهابية بها.
ولقد كان فكر القيادة السياسية واضحا فى أهمية تطوير وتنمية سيناء، عندما
وجه السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، بتخصيص تمويل الصناديق العربية
بالكامل، وأهمها الصندوق الكويتي، لتنمية سيناء، فكانت أولى خطوات التنمية
فى سيناء هى ربطها بالدلتا، عن طريق الأنفاق الخمسة الجديدة أسفل قناة
السويس، ومهما كان قدر تكلفة هذه الأنفاق، إلا أنها أعادت سيناء إلى حضن
الوطن الأم مصر، وأنهت عزلتها التى عانت منها فى الماضي، وتبع هذه الانفاق
شبكة طرق طولية وعرضية، لعل أهمها الطريق الجديد شرق قناة السويس، من
بورفؤاد إلى شرم الشيخ، الذى تم إنشاؤه كطريق دولى بأعلى المقاييس العالمية
فى الجودة.
تسير خطة تنمية سيناء على عدة محاور متوازية، فيتم الآن إنشاء العديد من
محطات التحلية لتوفير مياه الشرب اللازمة لأهالى سيناء، كما يجرى إنشاء
مجمعات تصنيع الرخام، بدلاً من إرسال البلوكات الخام لتصنيعها فى الخارج،
كما كان يحدث فى السابق، فمصر تشتهر بجودة الرخام، وأذكر عندما كنت رئيس
الوفد الثقافى المصرى إلى بكين، تمت استضافتنا فى أكبر وأشهر فنادق العاصمة
الصينية، وهو مقر استضافة رؤساء دول العالم، ورؤساء الحكومات، واستقبلنى
يومها مدير الفندق، وقال لى بالحرف الواحد: إن هذا الرخام الذى يكسو أرضيات
مدخل الفندق من مصر، وللحق كان فى غاية الروعة، واليوم، سيتم إنتاج الرخام
المصرى فى المصانع الجديدة بسيناء، ليكون أحد مصادر إنتاجها المتميز فى العالم.
كذلك تم إنشاء مطار البردويل الجديد ليكون نافذة سيناء إلى العالم الخارجي،
أما بحيرة البردويل، التى كانت قد شهدت استيلاء بعض البلطجية على مساحات
منها بعد أحداث 25 يناير 2011، فلقد تم طرد كل هذه العناصر، وتم تطهير،
وتطوير البحيرة بخبرة يابانية، وتم إنشاء مصنع لتعليب الأسماك، لتصديرها،
وكذلك مصنع لقوارب الصيد، حتى إنه تم إنشاء مدرسة ثانوية للصيد لأول مرة فى
تاريخ مصر، من نوعية المدارس الثانوية المتخصصة، مثل الثانوى الصناعى
والزراعى والتجاري، أما المزرعة السمكية هناك فستكون مصدراً جديداً للدخل
القومى لمصر، لأن جزءا من إنتاجها سيخصص للتصدير، مثلما كانت تفعل إسرائيل،
وقت احتلالها سيناء، وقتها لم تدخل سمكة دنيس واحدة إلى إسرائيل، بل كان
إجمالى إنتاج البحيرة للتصدير، نظراً لارتفاع جودة أسماك هذه البحيرة، من
الدنيس والبورى وسمك موسي، والتى تعد من أفخم أنواع الأسماك فى العالم.
كذلك بدأت المصانع الجديدة لتصنيع الخلايا الشمسية، القائمة على استخدام
رمال الزجاج، والتى كنّا نصدرها، من قبل، للخارج، ونستورد الخلايا الشمسية،
ولكن بدءاً من العام المقبل، سوف تنتج مصانع سيناء هذه الخلايا الشمسية
الجديدة، التى تستخدم فى ألواح الطاقة الشمسية فى مصر، والعالم كله. كما
يتم الآن، فى منطقة بحر البقر، إنشاء محطة كبرى لمعالجة المياه، معالجة
ثلاثية، لرى مليون فدان لاستصلاحها وزراعتها فى سيناء.
أما ميناء العريش فلقد تم تطويره ليكون المنفذ الرئيسى لتصدير جميع
المنتجات السيناوية من الرخام والأسمنت والأسماك ورمال الزجاج وغيرها، ولقد
صدر قرار جمهوري بإنشاء ظهير للميناء، وتم زيادة عدد الأرصفة، وتعميق
المياه، ليتمكن من استقبال السفن الكبيرة. أما منطقة شرق بورسعيد فى سيناء،
فستكون فى منطقة رأس العبد فى سيناء نظراً لأن بورسعيد لم يعد بها أى أراض
للامتداد السكاني، لذلك سيتم إنشاء هذه المدينة «بورسعيد الجديدة» تحت اسم
مدينة سلام، ليتحقق بذلك الهدف، بنقل التجمع السكانى والإعمار البشرى إلى
سيناء، وبناءً عليه تم إنشاء العديد من المدارس الثانوية، والتى سيتخرج
منها، مع العام المقبل، لأول مرة شباب سيناوى ليلتحق بالكليات العسكرية،
والشرطة، والطب، والهندسة، وغيرها من التخصصات، لنرى فى المستقبل من أبناء
سيناء ضباط الجيش والشرطة ووكلاء النيابة والأطباء والمهندسين والمدرسين،
وهو ما نعنيه تماماً بكلمة (سينا رجعت كاملة لينا) ليس بالأغانى والكلمات،
ولكن بالحقيقة، والأفعال، والواقع التنموى المشرف الذى حول سيناء من حلم
إلى حقيقة.
ولعل قصة توطين بدو سيناء تمت، لأول مرة، بطريقة علمية، تبناها الرئيس
السيسي، منذ أن كان مديراً للمخابرات الحربية، عندما بدأ فى حصر الآبار فى
سيناء، وفور تدفق المياه كان يقوم ببناء قرية متكاملة لتوطين البدو حول
المياه، تشمل المدارس والوحدات الصحية وباقى المنشآت الخدمية. إن تنمية
سيناء هى الأمل فى تأمين البوابة الشرقية لمصر، وحمداً لله فإن التخطيط الذى
يطبق حالياً كان مجرد آمال وأحلام منذ فترة طويلة، وأخيراً أصبح واقعا ملموسا
طالما تمنيناه طيلة عشرات السنين.
Email: sfarag.media@outlook.com
|