العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
لم تخل التغطية الإعلامية لمؤتمر برلين، من صورة محددة تناقلتها جميع وكالات الأنباء، والقنوات الإخبارية العالمية، تجمع بين الرئيس المصرى، والمستشارة الألمانية، والرئيس الروسى، والرئيس الفرنسى، ورئيس الوزراء الإيطالى، أثناء لقاء خاص، على هامش المؤتمر، بدوا فيها وهم يتشاورون فى الأمر الليبى. ولمن لم يلتفت إلى المغزى من كثافة تداول تلك الصورة.
|
صورة بمليون كلمة
لواء د. سمير فرج
|
27 يناير 2020
|
انتهى مؤتمر برلين، بما له وما عليه، لحل الأزمة الليبية، بمشاركة 12 دولة، و4 منظمات دولية، وطرفى النزاع الليبى، المشير خليفة حفتر، ورئيس الحكومة المُعيّن فايز السراج، رغم عدم اجتماعهما على نفس طاولة الحوار، واختتم المؤتمر أعماله بمؤتمر صحفى للمستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، أعلنت، خلاله، نتائج المؤتمر، وتوصياته، وأهمها الدعوة للوقف الفورى لإطلاق النار، واستئناف الحوار السياسى، كسبيل وحيد، وفاعل، لإنهاء الأزمة، بعيداً عن الحلول العسكرية، مع التشديد على الدور المحورى للدول المجاورة، ورفض التدخل الأجنبى. كما تضمن البيان الختامى الإعلان عن تشكيل لجنة دولية، تحت إشراف أممى، للإشراف على، ومتابعة تنفيذ توصيات المؤتمر، على أن تعقد اجتماعاتها بصورة شهرية، برئاسة السيد غسان سلامة، مبعوث الأمم المتحدة، إضافة إلى تشكيل مجموعات عمل، على مستوى الخبراء، تجتمع شهرياً، لحل العقبات التى قد تعترض آليات التنفيذ، بعد طرح نتائج مؤتمر برلين على مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة، لإصدار القرارات المنظمة للتنفيذ.
تضمن البيان الختامى، كذلك، الدعوة لإنشاء مجلس رئاسى فاعل، وتشكيل حكومة ليبية موحدة، تحظى بموافقة مجلس النواب الليبى، ومن خلال فترة انتقالية، تحدد سلفاً، يتم إجراء انتخابات برلمانية، وأخرى رئاسية. كما دعا المؤتمر إلى وقف كامل، وشامل، للأعمال العدائية، وضرورة تبادل الأسرى، وجثث القتلى، بين طرفى النزاع الليبى، فى بادرة لإثبات حسن النوايا، مع ضرورة إنهاء التحركات العسكرية، ونزع سلاح الجماعات المسلحة، على أن يتم ذلك كله تحت إشراف الأمم المتحدة. ولقد ركز المؤتمر على رفض التدخل الأجنبى فى ليبيا، ووقف أى دعم للعناصر الإرهابية فى ليبيا، سواء كان بالمال، أو السلاح، أو الأفراد.
جدير بالذكر أن مؤتمر برلين قد تم عقده، بتنسيق دولى، وبإشراف مباشر، من المستشارة الألمانية ميركل، بعد اتصال هاتفى جمعها بالرئيس عبدالفتاح السيسى، للاتفاق على جدول أعمال المؤتمر، والبنود الواجب مناقشتها خلاله، أعقبته اتصالات أخرى، خلال مرحلة الإعداد، بين الرئيس المصرى، ونظرائه الأمريكى دونالد ترامب، والروسى فلاديمير بوتين، والفرنسى إيمانويل ماكرون، إضافة إلى رؤساء الحكومات، البريطانى بوريس جونسون، والإيطالى جوزيبى كونتى، الذين اتفقوا، جميعاً، مع وجهة النظر المصرية، بمغبات التدخل العسكرى الأجنبى فى ليبيا، وما يمثله من اشتعال الموقف السياسى، الداخلى بها، فضلاً عن التبعات الإقليمية للسماح بالتدخل الأجنبى فيها. وهو ما كان قد أكده الاجتماع التنسيقى لوزراء الخارجية، الأربعة، الفرنسى، والإيطالى، واليونانى، والقبرصى، الذى استضافه وزير الخارجية المصرى، فى القاهرة، فى مطلع الشهر الجارى، الذين أكدوا صدق التقديرات المصرية، بشأن الأزمة الليبية، واتفقوا مع الطرح المصرى لتسويتها.
وكما لعبت الإدارة المصرية، بمختلف قنواتها، دوراً ريادياً قبل مؤتمر برلين، وأثناء الإعداد له، فللرئيس عبدالفتاح السيسى دوره المحورى، أثناء جلسات المؤتمر، عندما أعلن أن أمن ليبيا جزء لا يتجزأ، من الأمن القومى المباشر لمصر، وعليه فإن مصر ترفض، وبشدة، أى تدخل أجنبى داخل الأراضى الليبية، دون الإشارة، تصريحاً، إلى الرئيس التركى أردوغان، ونظامه، الذى كان قد أعلن، قبيل انعقاد المؤتمر، أن أى حل للمشكلة الليبية، لابد أن يتم من خلال تركيا. فإذا بقرارات، وتوصيات، مؤتمر برلين، تخرج كصفعة مدوية، على وجه الرئيس التركى، الذى عمل، علناً، خلال الأسابيع الماضية، على دعم الميليشيات المسلحة، التابعة للحكومة الليبية، بالمقاتلين الأجانب، وبالسلاح، منتهكاً بذلك كل القوانين، والاتفاقات، والمساعى الدولية الرامية لحل الميليشيات المسلحة، ووقف تدفق العناصر الأجنبية إلى ليبيا، واحترام حظر السلاح المفروض عليها.
لم تخل التغطية الإعلامية لمؤتمر برلين، من صورة محددة تناقلتها جميع وكالات الأنباء، والقنوات الإخبارية العالمية، تجمع بين الرئيس المصرى، والمستشارة الألمانية، والرئيس الروسى، والرئيس الفرنسى، ورئيس الوزراء الإيطالى، أثناء لقاء خاص، على هامش المؤتمر، بدوا فيها وهم يتشاورون فى الأمر الليبى. ولمن لم يلتفت إلى المغزى من كثافة تداول تلك الصورة، عالمياً، لأولئك أؤكد أنها خرجت كرسالة صريحة، عن استعادة مصر لمكانتها الإقليمية، والدولية، الراسخة، من ناحية، ومن ناحية أخرى، كانت الصورة أبلغ من مليون خبر، اتضح منها، بجلاء، أن أولئك الخمس الكبار، دون غيرهم، هم أركان، وركائز حل الأزمة الليبية، بمساعيهم السلمية، والسياسية، والدبلوماسية، وباحترامهم للقوانين الدولية. فبالرغم من إيمان الإدارة المصرية بضرورة دعم الجيش الوطنى الليبى، لمواجهة الميليشيات الإرهابية المسلحة، للحفاظ على وحدة الأراضى الليبية، إلا أنها لم تفكر أبداً فى انتهاك الاتفاقات الدولية، بل سعت، من خلال القنوات المشروعة، لرفع الحظر المفروض عل توريد الأسلحة، والمعدات، إلى ليبيا، وستظل ملتزمة فى سعيها لرفع ذلك الحظر، وفى هدفها للحفاظ على وحدة ليبيا، وسلامة أراضيها، وأمن شعبها.
فى الحقيقة، أننى شعرت بالفخر، والعزة، والطمأنينة، وأنا أطلع إلى تلك الصورة، فى شتى وسائل الإعلام العالمية، وعلى منصات التواصل الاجتماعى، وما صحبها من تعليقات إيجابية، من أبناء الشعب المصرى، والدول العربية، والغربية، عن حكمة ورزانة الرئيس عبدالفتاح السيسى، التى أكسبته احترام العالم، وقواه العظمى، والتى أعادت لمصر هيبتها، ومكانتها التاريخية، بعد سنوات من التخبط، فى أعقاب ما أطلق عليه «الربيع العربى»، وكان سبباً فى تدهور مكانتها، وعلاقاتها الدولية.
Email: sfarag.media@outlook.com
|