العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
وعلق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي، على تركيا، أخيراً، تؤكد أن الاتحاد الأوروبي لن يقبل أي أفعال من تركيا لزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، سواء بتحرشها، بالدول الأعضاء، للتنقيب عن الغاز، أو بتدخلها السافر في ليبيا. وفي المقابل تهدد تركيا بإغلاق القواعد الأمريكية داخل أراضيها.
|
ثلاث ضربات موجهة ضد تركيا هذا الأسبوع
لواء د. سمير فرج
|
17 ديسمبر 2020
|
تلقت تركيا، خلال الأسبوع الجاري، ثلاث ضربات، قوية، هي الأعنف في تاريخها السياسي، منذ نشأة الجمهورية التركية، في عهد كمال الدين أتاتورك، كانت أولاهم توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قراره الدستوري، المدعوم بموافقة الكونجرس، بفرض عقوبات أمريكية على تركيا، بسبب شراءها الصواريخ الروسية S400، متضمنة العديد من الإجراءات الخاصة بوقف إمداد تركيا بقطع الغيار اللازمة لصيانة الأسلحة والمعدات الأمريكية الصنع، ضمن أساطيلها الحربية، وهو ما سيؤثر سلباً، بالقطع، على تركيا والكفاءة القتالية لجيشها، في ظل سيطرة الصناعة الحربية الأمريكية على نسبة تتجاوز 90% من حجم الأسلحة والمعدات المستخدمة في الجيش التركي. فضلاً عن عما لمثل تلك العقوبات من آثار تنسحب على الاقتصاد ككل.
وعلى صعيد متصل، كانت الضربة الثانية، متمثلة في قرار الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات اقتصادية، جديدة، على تركيا، مصحوب بأسماء الشخصيات التركية التي ستطولها العقوبات، في الأسابيع القليلة المقبلة، فور الموافقة عليها من الدول الأعضاء، حسب توصيات القمة 27 لدول الاتحاد في بروكسل. وهو ما رأى معه البعض أن العقوبات لم تكن كافية، ومنهم الرئيس الفرنسي ماكرون واليونان وقبرص، الذين رأوا أن العقوبات يجب أن تكون أكثر صرامة، كأن تلغى الامتيازات الممنوحة للبضائع التركية النافذة لدول الاتحاد الأوروبي، وكذلك منع السفن التركية من دخول موانئ الاتحاد الأوروبي، إلا أن العقوبات المفروضة تعتبر بسيطة نسبياً، اتباعاً لتوجه المستشارة الألمانية ميركل، التي رأت أن التدرج في فرض العقوبات يتيح الفرصة لتركيا لإعادة حساباتها، والتراجع عن قراراتها في المنطقة، قبل الاجتماع القادم لدول الاتحاد الأوروبي في شهر مارس القادم، ويمكن حينها إذا ما استمرت تركيا في استفزازاتها في منطقة شرق المتوسط، أن يتم تغليظ العقوبات ضدها.
فقد كانت الخلافات قد تفاقمت بين أثينا وأنقرة في الفترة السابقة، بعدما نشرت تركيا السفينة “عروج ريس” للقيام بعمليات استكشاف في المناطق البحرية المتنازع عليها مع اليونان وقبرص، وحاولت تركيا استمالة الاتحاد الأوروبي بسحب السفينة إلى ميناء أنطاليا التركي في نهاية نوفمبر، قبل اجتماع القمة، وهو الإجراء الذي لم ينطل على الاتحاد الأوروبي، فقرر، يوم الجمعة الماضي، إدانة السلوك العدائي من تركيا، وهو ما قابلته تركيا بالرفض، واصفة إياه بأنها قرارات منحازة وغير قانونية. وكانت تركيا قد هددت بأنه في حالة تصاعد الأزمات مع الاتحاد الأوروبي، وتطبيق أية عقوبات شديدة عليها، فسوف تفتح حدودها أمام الهجرات الغير شرعية إلى دول أوروبا، ودفع اللاجئين السوريين الموجودين على أراضيها، والمقدر عددهم بنحو 3 مليون لاجئ، إلى أوروبا، علماً بأن تركيا تتقاضى 3 مليار يورو من الاتحاد الأوروبي مقابل إيواء اللاجئين الأتراك في معسكرات بتركيا.
ومن جهة أخرى أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن قادة الاتحاد الأوروبي، خلال القمة 27، اتفقوا على مناقشة قضية صادرات الأسلحة إلى تركيا بين أعضاء حلف شمال الأطلنطي (الناتو)، بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية الجديدة، خاصة أن تركيا أحد أعضاء حلف الناتو وكان رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس قد طلب من الاتحاد الأوروبي فرض حظر على تصدير السلاح إلى تركيا بسبب تحركاتها الاستفزازية في منطقة شرق المتوسط، موضحاً أن الأسلحة التي تحصل عليها تركيا يمكن أن تستخدمها ضد الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، وبالذات ضد اليونان وقبرص، وهي الضربة الجديدة المنتظر أن تتلقاها تركيا في القريب العاجل.
وعلق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي، على تركيا، أخيراً، تؤكد أن الاتحاد الأوروبي لن يقبل أي أفعال من تركيا لزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، سواء بتحرشها، بالدول الأعضاء، للتنقيب عن الغاز، أو بتدخلها السافر في ليبيا. وفي المقابل تهدد تركيا بإغلاق القواعد الأمريكية داخل أراضيها، خاصة قاعدة إنجرليك الجوية الأمريكية التي تحتفظ فيها الولايات المتحدة بعدد خمسين رأس نووي، لاستخدامها كخط دفاع متقدم، في الشرق الأوسط، ضد جنوب روسيا وضد إيران، إذا لزم الأمر، والتي تعتبر أهم قاعدة أمريكية للتجسس الإلكتروني في الشرق الأوسط.
ولقد زادت الأمور سوءاً عندما نشبت أزمة سياسية ودبلوماسية بين تركيا وإيران، الأسبوع الماضي، حين تبادلت الدولتين الحليفتين استدعاء السفراء، رداً على ما اعتبرته طهران دعوة انفصالية، بينما وصفتها أنقرة أنها دعوة لبث الكراهية ضدها، كانت الأزمة قد بدأت عندما ألقى الرئيس التركي أردوغان قصيدة شعرية، خلال زيارته لأذربيجان، خلال احتفالاتها بانتصارها على الأرمن، ذكر فيها أبيات من قصيدة الشاعر الأذربيجاني محمد إبراهيمون، تتحدث عن تقسيم الحدود الأذربيجانية القديمة بالقوة، حيث تشير إلى فصل أذربيجان عن روسيا وإيران بعد معاهدة وقعت عام 1828، وتدعي القصيدة أن شمال إيران، حالياً، ملك لأذربيجان، وهو ما أثار، بالطبع، حفيظة إيران التي اعتبرت أن أردوغان يحاول بث الميول الانفصالية بين أبناء الأقلية الأذربيجانية في إيران. وبدأت الخلافات تظهر بين الدولتين، إيران وتركيا، الحليفتان في الماضي، وأصبحتا الآن على شفا عداوة جديدة، وخاصة عندما استدعت الخارجية الإيرانية السفير التركي وأبلغته من استيائها من محاولة تركيا لبث الفرقة بين الشعب الإيراني، وهكذا دخلت تركيا معركة ثالثة أمام إيران، في الوقت الذي يجدر بها تجميع الحلفاء والأصدقاء في محاولة للتصدي للضربات الأمريكية والاتحاد الأوروبي.
Email: sfarag.media@outlook.com
|