العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
داعين المولى أن يجعله عام خير على الإنسانية جميعاً. وأدعو الله أن تستمر مصر في تخطي أزمة كورونا بأقل الأضرار الاقتصادية، حتى يتم توفير المصل لكافة أفراد الشعب.
|
مصر على أعتاب عام 2021
لواء د. سمير فرج
|
31 ديسمبر 2020
|
يسدل الستار الليلة على عام 2020، الذي سيسجله التاريخ كأحد أسوأ أعوام القرن الحادي والعشرون، نتيجة جائحة كورونا التي تسببت في أكبر خسائر سياسية واقتصادية وبشرية لكل دول العالم، فلم تفرق بين دول غنية ودول فقيرة. وغداً يبدأ العام الجديد، 2021، داعين المولى أن يجعله عام خير على الإنسانية جميعاً. وأدعو الله أن تستمر مصر في تخطي أزمة كورونا بأقل الأضرار الاقتصادية، حتى يتم توفير المصل لكافة أفراد الشعب.
وعلى الصعيد السياسي، أظل على يقين من حكمة الإدارة السياسية في تأمين الاتجاهات الاستراتيجية الأربعة، لمصر، فعلى الاتجاه الاستراتيجي الغربي تهدف مصر لتحقيق الاستقرار في ليبيا من خلال حل سياسي شامل، يقوم على إنهاء التدخلات الأجنبية، خاصة من تركيا التي دفعت بالمرتزقة والمليشيات للأراضي الليبية، مع دعم المفاوضات بين الأطراف الليبية لحل المشكلة في إطار الدولة الليبية الموحدة، وإجراء الانتخابات يوم 24 ديسمبر 2021، وهو الخيار الذي تسعى تركيا بكافة الطرق لإفشاله.
وفي ذات السياق، لازال التحرش التركي في شرق المتوسط قائم، دون احترام لقواعد القانون الدولي وقانون البحار، وعليه فرض الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة الأمريكية، مؤخراً، عقوبات على تركيا، قد تزداد إن لم تعيد النظر في سياساتها. كل ذلك ومصر تراقب الموقف، من موقع قوة، فرضته بمبادرتها لإعادة ترسيم حدودها البحرية مع جيرانها في المنطقة، وزيادة قدراتها الدفاعية، وخاصة البحرية، لتكون أداة ردع لمن قد تسول له نفسه فكرة التعدي على استثماراتها وثرواتها من الغاز الطبيعي، مع التأكيد على أن مصر تدافع عن حقوقها، ولا تتعدى على أي طرف.
أما فيما يخص مشكلة سد النهضة، وآثاره على حصة مصر من مياه النيل، ففي حين تتفق مصر مع حق إثيوبيا في إيجاد مصادر التنمية لبلادها، إلا أنها لن تقبل، أبداً، بالتصرفات الأحادية، وتبعاتها على مصر، في ظل ما يمثله ذلك من مخالفة لقواعد القانون الدولي، ومع ذلك ستتمسك مصر بالسبل القانونية، للوصول لحل عادل، واتفاق ملزم لجميع الأطراف من خلال المفاوضات السياسية لتحقيق مصالح مصر والسودان وإثيوبيا. وعلى الاتجاه الاستراتيجي الجنوبي، فقد أتاح تخلص الشعب السوداني من حكم الرئيس السابق، عمر البشير، الإخواني الهوى، الفرصة للمزيد من التعاون مع مصر، في جميع المجالات؛ سياسياً، واقتصادياً وعسكرياً، وهو ما بدأ بالتدريبات العسكرية المشتركة، وزيارة الوفود السودانية لمصر طلباً للعون في إعادة بناء الجيش السوداني، بهدف الاشتراك في تأمين الحدود المشتركة.
كما لم تغفل مصر عن اتجاه البحر الأحمر، منذ دخول الحوثيون لليمن، وسيطرتهم على مضيق باب المندب، لما يمثله من تهديد للملاحة بقناة السويس، فاتخذت تدابيرها الاستباقية بإنشاء قاعدة رأس بناس العسكرية، وإنشاء الأسطول البحري الجنوبي، ليكون قادراً على تأمين الملاحة في البحر الأحمر، وضمان استمرار عمل قناة السويس، دون استفزاز، من شأنه المساس بإيرادات القناة التي تمثل ثلث الدخل القومي المصري.
وعلى مستوى مكافحة الإرهاب والتطرف، فقد قطعت مصر شوطاً كبيراً، في الأعوام الماضية، تمكنت خلالهم من القضاء على معظم البؤر الإرهابية في سيناء، وكافة الاتجاهات الأخرى، بالتزامن مع تنفيذ خطة تنمية شاملة في سيناء، شعارها تأمين سيناء بتنميتها، تضمنت إنشاء الطرق والأنفاق لربط سيناء بالدلتا، مع البدء في مشروعات الاستصلاح الزراعي، وتطوير بحيرة المنزلة، وإنشاء محاجر الرخام، واستخراج المنجنيز، فضلاً عن تطوير ميناء العريش وإنشاء مطار البردويل، إضافة إلى المشروعات السكنية متكاملة الخدمات، سواء الصحية أو التعليمية، والمقامة حول مصادر المياه وآبارها باعتبارها أهم مطالب أهالي سيناء.
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فلازالت مصر تساندها، وهو ما أكده الرئيس السيسي بقوله أن مصر لن توافق إلا على ما يقره الشعب الفلسطيني، مؤكداً أن غياب الحل العادل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي سيؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، مركزاً على حل إقامة الدولتين، على حدود عام 1967، على أن تكون القدس الشرقية عاصمة لفلسطين.
وعلى الصعيد العالمي تتطلع مصر لاستمرار تميز علاقتها بالولايات المتحدة الأمريكية، تحت الإدارة الجديدة للرئيس جو بايدن، كما كانت مع الرئيس ترامب، في ظل إدراك الولايات المتحدة لمكانة مصر اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، وأنها، بحق، محور الارتكاز بالمنطقة. كما تعمل على استمرار ازدهار علاقاتها مع دول الاتحاد الأوروبي، في ظل توافق الرؤى مع قياداته حول الكثير من قضايا المنطقة، ووعي أوروبا بموقف مصر، وقدرتها كقوة داعمة للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والبحر المتوسط، وهو ما بدا، جلياً، خلال زيارة الرئيس السيسي لفرنسا، مؤخراً، وظهر في مباحثات سيادته مع قادة مع كل من ألمانيا وبريطانيا، وغيرهم. أما بالنسبة لروسيا والصين، فمن المنتظر استمرار التعاون الكامل في كافة المجالات الاقتصادية والعسكرية، تقديراً لدور مصر المحوري في المنطقة.
كانت تلك نظرة، إقليمية وعالمية، على علاقات مصر في مستهل العام الجديد، ولا يفوتنا أن نلفت الانتباه إلى أن مصر ستتعرض لمزيد من الضغوط عن طريق الحملات الإعلامية المدعومة من عناصر جماعة الإخوان الإرهابية، وحلفائهم، مستخدمين نفس الشعارات المزيفة عن حمايتهم لحقوق الإنسان، غافلين عما تقدمه مصر، حالياً، وتسعى لزيادته مستقبلاً، من توفير أجود خدمات الرعاية الصحية، والتعليمية، والقضاء على العشوائيات، إيماناً من إداراتها في حق المواطن المصري في حياة كريمة.
Email: sfarag.media@outlook.com
|