العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
كما شهدت تلك الشهور القليلة مفاجأة إعلان كل من فنلندا والسويد طلبهما الانضمام لحلف الناتو، وهو ما يعنى أن يصبح لروسيا حدود مع الناتو لمسافة 1300كم.
|
هل هى حرب بين روسيا والناتو؟
لواء د. سمير فرج
|
16 يونيو 2022
|
يوم أن بدأت روسيا هجومها العسكرى، على أوكرانيا، فى الرابع والعشرين من فبراير الماضى، صنفها العالم بأنها حرب محدودة، أى بين دولتين، فقط، خاصة أن الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو أعلنا عدم اشتراكهما فى تلك الحرب. كان هجوم روسيا، على أوكرانيا، قد بدأ بعد إعلان الأخيرة نيتها الانضمام لحلف الناتو.
واليوم، بينما توشك الحرب أن تقضى شهرها الرابع، وبعدما تمكنت روسيا من الاستيلاء على 20% من الأراضى الأوكرانية، طبقاً لما أعلنه الرئيس الأوكرانى زيلينسكى، بدأت دول حلف الناتو، والولايات المتحدة الأمريكية، تدعيم أوكرانيا بالأسلحة، فأعلنت أمريكا، فى الأسبوع الماضى، إمداد أوكرانيا بأربع منظومات من الصاروخ هيمارس، (HIMARS)، أو High Mobility Artillery Rocket System ، وهى أحدث المنظومات الصاروخية، فى العالم، القادرة على إطلاق ستة صواريخ، من عيار 227مم، فى المرة الواحدة، ويصل مداها حتى 79كم، ويمكن نقل هذا النظام بواسطة الطائرة C-130، التى يمكنها الهبوط فى المناطق الوعرة، إلا أن أمريكا قد حذرت أوكرانيا من استخدام هذا النظام لضرب العمق الروسى.
كانت الولايات المتحدة الأمريكية قدأقرت، من قبل،مساعدات عسكرية إضافية، لأوكرانيا، بقيمة 20 مليار دولار، وتلتها، حينها، المملكة المتحدة بتقديم دعم عسكرى، بقيمة 1٫3 مليار جنية استرلينى، منهم 300 مليون جنيه إسترلينى فى صورة معدات عسكرية، تشمل أنظمة رادار، وأجهزة تشويش، ومعدات رؤية ليلية، فضلاً عما أرسلته بريطانيا، سابقاً، من خمسة آلاف صاروخ مضاد للدبابات. وفى الأسبوع الماضى، أعلنت تزويد أوكرانيا بأنظمة صواريخ متعددة الأهداف، بمدى يصل إلى 80كم، وتعرف تلك المنظومة باسم M270، كما أعلنت ألمانيا أنها ستزود أوكرانيا بألف قاذفة صواريخ مضادة للدبابات، و500 صاروخ أرض جو، كما قررت إسبانيا تزويد أوكرانيا بصواريخ مضادة للطائرات.
كما شهدت تلك الشهور القليلة مفاجأة إعلان كل من فنلندا والسويد طلبهما الانضمام لحلف الناتو، وهو ما يعنى أن يصبح لروسيا حدود مع الناتو لمسافة 1300كم، وهو ما مثل صدمة للقيادة الروسية ما جعلها تصب تركيز قواتها على سرعة احتلال إقليم دونباس شرق أوكرانيا لاستكمال السيطرة على باقى أراضى الجمهوريتين الانفصاليتين. وفى رأيى أن إحدى نتائج تلك الحرب كان زيادة عدد الدول الأعضاء فى حلف الناتو، لتصبح 32 دولة، ورغم طلب فنلندا الانضمام لحلف الناتو، لضمان حماية أراضيها ضد أى غزو روسى محتمل، فإنها ستكون، فى تقديرى، من الذكاء بأن تشترط عدم وجود قواعد عسكرية أو أسلحة لحلف الناتو على أراضيها، وهو ما قد يرضى القيادة الروسية، مؤقتاً، أو، على أقل تقدير، لا يثيرها فى الوقت الحالى.
وبعد نجاح روسيا فى الاستيلاء على ماريوبول، أصبح بحر آزوف تحت سيطرتها، لذلك من المنتظر أن تتقدم القوات الروسية لاحتلال مدينة أوديسا، لتكون، بذلك، قد سيطرت على البحر الأسود، فتحرم أوكرانيا من أى موانئ لها، وتحولها لدولة لاشاطئية، وبعدها قد تحول هجومها، مرة أخرى، فى اتجاه العاصمة كييف، لإسقاط النظام، فى حالة رفضه الدخول فى مفاوضات سياسية، والتى تعتزم روسيا، من خلالها، انتزاع خمسة تعهدات من أوكرانيا؛ أولها إعلان أنها دولة حيادية، ثانيها التعهد بعدم الانضمام لحلف الناتو، أو أى حلف عسكرى آخر، وثالثاً الاعتراف بتبعية شبه جزيرة القرم إلى روسيا، ورابعاً الاعتراف باستقلال الجمهوريتين لوغانسيكو دونيتسك، وخامساً عدم تحولها إلى دولة نووية.
وعلى المستوى الاقتصادى، ورغم محاولات الغرب منع دول الاتحاد الأوروبى من استيراد الغاز الطبيعى من روسيا، إلا أن المحاولات فشلت، واستمرت دول أوروبا فى استيراد الغاز الروسى،حتى الآن، ورغم الإعلان، مؤخراً، بأن دول الاتحاد الأوروبى سوف تتوقف عن استيراده، مع بدايات العام القادم، إلا أننى أشك فى الوفاء بذلك التعهد، لاعتبارات عديدة، منها أن استيراد غاز طبيعى من دول غير روسيا، يستلزم استيراده فى صورته المسالة، أوLNG، وهذا يتطلب محطات إسالة للدول الأوروبية، الأمر الذى يحتاج لأكثر من عام لإنشائها. ورغم القيود المالية التى فرضتها أمريكا وبريطانيا على روسيا، فإنها جاءت بنتائج عكسية، بتحقيق العملة الروسية، الروبل، لزيادة، بعدما قرر بوتين تحصيل ثمن شراء الغاز الروسى بالروبل، بدلاً عن الدولار، وصارت البنوك الروسية تستقبل ثمن الغاز الطبيعى من دول أوروبا، رغم إعلان أمريكا ايقاف التحويلات البنكية بنظام السويفت، وهو القرار الذى لم يُنفذ، حتى الآن، مما جعل العقوبات الاقتصادية الأمريكية والغربية ضد روسيا غير مؤثرة على الاقتصاد الروسى.
وهنا يتبادر للأذهان سؤال؛هل انتصرت روسيا فى حربها،حتى الآن، ضد أوكرانيا؟ وتكون الإجابة، البديهية، بالإيجاب، فقد حققت الهدف الأساسى من الحرب، وهو منع أوكرانيا من الانضمام لحلف الناتو، وإعلانها دولة محايدة، كما أقر وأعلن الرئيس الأوكرانى زيلينسكى، بعد شهرين من القتال، فضلاً عما حققته من قدرة على التصدى للعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من الغرب. ورغم ذلك، تحاول الولايات المتحدة الأمريكية، ودول حلف الناتو، إطالة أمد الحرب، لاستنزاف الاقتصاد الروسى، وبالتالى إضعاف روسيا، وإخضاعها، وهو ما أظنه غير خافٍ على الرئيس بوتين،الذى يسابق الزمن للاستيلاء على أوديسا، تمهيداً للدخول فى مفاوضات مباشرة مع أوكرانيا، لإنهاء الحرب خلال الشهرين القادمين.
Email: sfarag.media@outlook.com
|