العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
أكد التقرير أن عدد الأسلحة النووية في العالم سوف يرتفع في الفترة المقبلة، بعد 35 عامًا من التراجع، خصوصًا بعد الحرب الروسية في أوكرانيا.
|
دراسة تحليلية حول تقرير معهد استوكهولم للخطر النووى
لواء د. سمير فرج
|
22 يونيو 2022
|
أصدر معهد استوكهولم الدولى لأبحاث السلام تقريرًا مفاجئًا، هذا الأسبوع، عرض فيه أن خطر استخدام السلاح النووى أصبح حقيقيًّا، لأول مرة منذ عقود من الزمان، وقال معهد استوكهولم الدولى إن الترسانة النووية العالمية ستسجل أكبر نسبة نمو منذ الحرب الباردة، مؤكدًا أن الدول النووية تطور ترسانتها النووية بشكل خطير هذه الأيام.
وأكد التقرير أن عدد الأسلحة النووية في العالم سوف يرتفع في الفترة المقبلة، بعد 35 عامًا من التراجع، خصوصًا بعد الحرب الروسية في أوكرانيا، وكانت القوى النووية في العالم- أو كما أسميها أنا «النادى النووى»- تتكون من تسع دول نووية، وهى روسيا وأمريكا والصين وبريطانيا وفرنسا والهند وباكستان وإسرائيل وكوريا الشمالية.
ولقد أكد ذلك المفهوم الرئيس الروسى بوتين، في كلمته الأسبوع الماضى في منتدى سان بطرسبرج الاقتصادى، حيث أشار مرة أخرى إلى أن روسيا يمكن أن تستخدم السلاح النووى في حالة تعرض أمنها القومى لأى تهديد، وتمتلك روسيا أكبر ترسانة نووية في العالم بإجمالى 7977 رأسًا نوويًّا، أي ما يزيد بنحو 550 رأسًا نوويًّا عن الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا يعنى أن البلدين روسيا وأمريكا يمتلكان أكثر من 90% من الرؤوس النووية في العالم كله.
هذا النادى النووى يمتلك 12705 رؤوس نووية في أوائل عام 2022، أي أقل مما كان عليه أوائل عام 2021، بمقدار 375 رأسًا نوويًّا، وكانت المفاهيم قبل الحرب الروسية الأوكرانية تقول إن عصر نزع الأسلحة النووية يقترب من نهايته، لكن جاءت هذه الحرب لتغير هذه المفاهيم، حيث سيبدأ فيها العدد العالمى للأسلحة النووية في الارتفاع مرة أخرى منذ نهاية الحرب الباردة، وجاء السبب في هذا التغير بعد إعلان الرئيس الروسى فلاديمير بوتين إمكان اللجوء إلى الأسلحة النووية في إطار الحرب الروسية الأوكرانية قبل بدء الحرب، كذلك أكد تقرير معهد استوكهولم أن هناك دولًا مثل الصين وبريطانيا تقوم حاليًا بتحديث ترسانتها النووية.
وأضاف التقرير أنه سيكون من الصعب- بعد تصريحات بوتين الأخيرة- إحراز أي تقدم في إمكانية نزع السلاح النووى في السنوات المقبلة، حيث إن تصريحات بوتين المقلقة دفعت الدول أعضاء النادى النووى إلى إعادة التفكير في استراتيجيتها النووية في الفترة القادمة، والتى ستهدف إلى زيادة كل دولة لمخزونها النووى.
وعلى الجانب الآخر، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلى، نفتالى بينيت، أن إيران تقترب من حيازة القنبلة النووية ما لم يتخذ العالم موقفًا حازمًا تجاه ذلك، خاصة أن رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامى، قد اعلن الأسبوع الماضى أن إيران قد قامت بتركيب أجهزة طرد مركزى جديدة، وبدأت ضخ غاز اليورانيوم فيها، وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة قد أعلنت منذ أيام أنها لم تتلقَّ توضيحًا من إيران بسبب وجود آثار يورانيوم مُخصَّب عثرت عليها في ثلاثة مواقع غير مُصرَّح عنها في إيران.
كذلك أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران أغلقت 27 كاميرا مخصصة لمراقبة أنشطة إيران النووية، وكل هذه الإجراءات لها دلائل على سوء نية إيران، وبالطبع يُذكر أن محادثات فيينا، التي انطلقت في إبريل 2021 من أجل إحياء الاتفاق النووى، كانت قد توقفت منذ مارس الماضى، بعد تعثر عدد من الملفات، لعل أهمها أن إيران طلبت من الولايات المتحدة رفع اسم الحرس الثورى الإيرانى من كشوف العناصر الإرهابية في العالم، كذلك رفض إيران أن يتضمن الاتفاق النووى تقليص نفوذها وحركتها في منطقة الشرق الأوسط، كما طلبت إيران أن يتم رفع العقوبات الاقتصادية قبل التوقيع على الاتفاق النووى.
وبتحليل ذلك التقرير، نجد أنه من المنتظر أن تقوم ألمانيا، التي هي ليست عضوًا في النادى النووى الآن، بالبدء في الحصول على السلاح النووى، بعدما شعرت به من الخطر الروسى، خاصة أنها أعلنت تخصيص 100 مليار يورو هذا العام لدعم قدراتها العسكرية التقليدية، بعدما شعرت بالتهديد الروسى مستقبلًا بعد حرب أوكرانيا، وأن احتمالات تدخل دول الناتو للتصدى لأى هجوم قادم أمر غير محسوم، لذلك قررت ألمانيا الاعتماد على قوتها الذاتية بتدعيم قواتها العسكرية، وبدأت بطلب شراء طائرات F35 من الولايات المتحدة الأمريكية.. ومن هنا احتمالية أن نرى دخول ألمانيا عالم القوى النووية في العالم لتستطيع أن تقف أمام تهديد الدب الروسى في الفترة القادمة.
وعلى الطرف الآخر، سنجد اليابان أيضًا سوف تفكر بالتأكيد في ضرورة الحصول على سلاح نووى، خاصة أن جيرانها الأعداء، روسيا والصين وكوريا الشمالية، يمتلكون السلاح النووى، لذلك أعتقد أن ألمانيا واليابان سوف ينضمان قريبًا إلى النادى النووى العالمى، أما إيطاليا فأعتقد أنها سوف تستمر في التمتع بالغطاء النووى لحلف الناتو، حيث إن ظروفها الاقتصادية لن تسمح لها بذلك، خصوصًا أنها بعيدة عن الاتصال المباشر بدولة روسيا.
وعلى مستوى الشرق الأوسط، فإنه من المنتظر أنه بمجرد حصول إيران على السلاح النووى، بعد فشل مباحثات فيينا، فإن هناك دولًا عربية في المنطقة سوف تفكر جديًّا في الحصول على السلاح النووى، أولاها مصر، التي لديها حاليًا مفاعلات نووية للأغراض المدنية، ثم السعودية ودولة الإمارات، وكذلك بعض دول الخليج الأخرى، التي ستصبح تحت التهديد المباشر للعدو الإيرانى مستقبلًا.
وعلى الطرف الآخر، سوف تزيد إسرائيل من مخزونها النووى لمجابهة القنبلة النووية الإيرانية، وهكذا سيشتعل الصراع في منطقة الشرق الأوسط، خاصة أن الأمور كانت قد أصبحت هادئة بعد حصول إسرائيل على السلاح النووى، ولم تفكر أي من دول الشرق الأوسط بعدها في امتلاك السلاح النووى، وهكذا بدأ الرئيس بوتين بتصريحاته، التي سوف تشعل الصراع النووى مرة أخرى في العالم، وها هي إيران قد تشعل الموقف في منطقة الشرق الأوسط من جديد، لذلك مازال الجميع يأمل أن تنجح الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية في إعادة إيران إلى الاتفاق النووى 5+1 وتوقف نشاطها لإنتاج السلاح النووى حتى تهدأ الأمور على الأقل في منطقة الشرق الأوسط.
أما في أوروبا واليابان فأعتقد أن الأمور سوف تشتعل من جديد، خاصة من اتجاه ألمانيا واليابان، للدخول في النادى النووى، مع قيام باقى الدول بزيادة مخزونها من الرؤوس النووية في الفترة القادمة، وهذا الأمر لم يكن في الحسبان.. على أي حال، فإن العالم يأمل أن يبتعد الصراع النووى لأنه دمار للبشرية أجمع.
Email: sfarag.media@outlook.com
|